< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع :النقطة الثالثة : في منشأ ظهور مادة الأمر في الوجوب

تقدمت الإشارة في النقطة السابقة الى أن مادة الأمر ظاهرة في الوجوب ولكن من المفيد جدا أن يتبين أن المنشأ في ذلك هل يعود الى العقل أو الإطلاق أو الوضع حيث تباينت النظريات في ذلك وقد اختلفت نظريات الأعلام في ذلك اختلافا كبيرا وينبغي الوقوف عند كل واحد من هذه النظريات لبلورة البحث وتحقيقه .

فقد ذهب المحقق النائيني ره الى كون المنشأ في الدلالة على الوجوب هو العقل وقال :(أن الصيغة متى صدرت من المولى فالعقل يحكم بلزوم امتثاله باقتضاء العبودية والمولوية ولا يصح الاعتذار عن الترك بمجرد احتمال كون المصلحة غير لزومية الا إذا كانت هناك قرينة متصلة أو منفصلة على كونها غير لزومية .

وتوضيح ذلك أن الوجوب لغة بمعنى الثبوت وهو تارة يكون في التكوين واخرى في التشريع فكما أن في التكوينيات يكون ثبوت شئ تارة بنفسه وأخرى بغيره وما كان بالغير لابد وان ينتهى إلى ما بالذات فكذلك الثبوت في عالم التشريع فما هو ثابت بنفسه نفس إطاعة المولى فإنها واجبة بنفسها وغيرها يكون واجبا باعتبار انطباق عنوان الطاعة عليه فإذا صدر بعث من المولى ولم تقم قرينة على كون المصلحة غير لزومية فلا محالة ينطبق عليه إطاعة المولى فيجب بحكم العقل قضاء لحق المولوية والعبودية فالوجوب انما هو بحكم العقل ومن لوازم الصيغة من المولى لا من المداليل اللفظية )[1] .

وقد استشكل فيه السيد الصدر ره بأن (الالتزام بهذا المبنى تترتب عليه آثار لا يمكن الالتزام بها فقهيا ، وتكون منهجا جديدا في الفقه وفيما يلي نذكر بعض ما يمكن ان ينقض به على هذا المسلك مما لا يلتزم به حتى أصحاب هذا المسلك أنفسهم :

منها - لزوم رفع اليد عن دلالة الأمر على الوجوب فيما إذا اقترن بأمر عام يدل على الإباحة والترخيص كما إذا ورد أكرم الفقيه ولا بأس بترك إكرام العالم . وتوضيحه :

ان بناء الفقهاء والارتكاز العرفي على تخصيص العام في مثل ذلك والالتزام بوجوب إكرام الفقيه واعتباره من التعارض غير المستقر بينما على هذا المسلك لا تعارض أصلا ولو بنحو غير مستقر بين الأمر والعام ليقدم الأمر بالأخصية لأن الأمر لا يتكفل الا أصل الطلب وهو لا ينافي الترخيص في الترك ، بل المتعين على هذا المسلك ان يكون العام رافعا لموضوع حكم العقل بالوجوب لأن حكم العقل معلق على عدم ورود الترخيص من المولى كما ذكر في شرح هذا المسلك . ودعوى ان موضوع حكم العقل بوجوب الامتثال هو الطلب الَّذي لو كان دالا لفظا على الوجوب لما قدم عليه الترخيص ، تحكم واضح .

ومنها - انه لو صدر امر ولم يقترن بترخيص متصل ولكن احتملنا وجود ترخيص منفصل فالبناء الفقهي والعقلائي على استفادة الوجوب من الأمر حتى يثبت خلافه مع أن هذا مما لا يمكن إثباته على هذا المسلك لأنه قد فرض فيه ان العقل انما يحكم

بالوجوب معلقا على عدم ورود الترخيص من الشارع وحينئذ نتساءل هل يراد بذلك كونه معلقا على عدم اتصال الترخيص بالأمر أو على عدم صدور الترخيص من المولى واقعا ولو بصورة منفصلة أو على عدم إحراز الترخيص والعلم به ؟ والكل باطل .

أما الأول - فلأنه يستلزم كون الترخيص المنفصل منافيا لحكم العقل بالوجوب فيمتنع وهو واضح البطلان وما أكثر القرائن المنفصلة على عدم الوجوب .

وأما الثاني - فلأنه يستلزم عدم إمكان إحراز الوجوب عند الشك في الترخيص المنفصل مع القطع بعدم وروده متصلا لأنه معلق بحسب الفرض على عدم ورود الترخيص ولو منفصلًا فمع الشك فيه يشك في الوجوب لا محالة .

وأما الثالث - فهو خروج عن محل الكلام لأن البحث في الوجوب الواقعي الَّذي يشترك فيه الجاهل والعالم لا في المنجزية )[2] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo