< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع :الاوامر : مادة الأمر ودلالتها على الوجوب

النقطة الثانية : في دلالتها على الوجوب

لا ريب أن كثيرا من مصاديق مادة الأمر مستعملة في الوجوب مثل قوله تعالى:

﴿ فليحذر الذين يخالفون عن أمره[1] , وقوله تعالى : ﴿ ما منعك ان لا تسجد إذ أمرتك[2]

وقوله سبحانه : ﴿ ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل[3] .

وكذا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه واله : ( ولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة )[4] أو (مع كل صلاة )[5]

وما في حديث بريرة : فقال لها النبي صلى الله عليه آله : ( لو راجعتيه فإنه أبو ولدك " ، فقالت : يا رسول الله أتأمرني ؟ قال : " لا إنما أنا شفيع " ، فقالت : لا حاجة لي فيه )[6]

وأيضا ما روي من دعاء الامام زين العابدين في موقف عرفة ( ثم أمرتني فلم أئتمر وزجرتني فلم أنزجر )[7]

و أيضا ما روي من استئذان ملك الموت على رسول الله صلى الله عليه و آله حيث جاء فيه ( ... فقال جبرئيل : يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك لم يستأذن على أحد قبلك ولا يستأذن على أحد بعدك . قال : أئذن له فأذن له جبرئيل " عليه السلام " فأقبل حتى وقف بين يديه فقال : يا أحمد إن الله تعالى أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك فيما تأمرني إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها وان كرهت تركتها ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أتفعل ذلك يا ملك الموت ؟ قال : نعم بذلك أمرت أن أطيعك فيما تأمرني ، فقال له جبرئيل : يا أحمد إن الله عزو جل قد اشتاق إلى لقائك...)[8]

فقد تكررت مادة الامر واستعملت باطراد في الوجوب كما لا يخفى ، لكن الاستعمال يحتمل فيه أنها موضوعة للوجوب أو للأعم منه ومن الاستحباب أو أنها تدل عليه بالإطلاق

الظاهر هو الأول وان كنا لا ننفي استعماله في الاستحباب لكنه يحتاج الى عناية خاصة تكشف عنها قرينة واضحة .

ولا ريب أن الامر يدل على الطلب ولكن ليس مطلقا بل تنحصر دلالته في صنف منه وهو الطلب الالزامي و ليس المنشأ في دلالة الامر على الوجوب دلالته على الارادة الملزمة كي يدعى وحدة الطلب والارادة بل الظاهر اختلافهما في حقيقتهما فيمكن تصور الطلب بلا ارادة وكذا العكس فلا يكفي محض اقترانهما عادة لإثبات الوحدة بينهما ويكشف عن ذلك جليا أنك يمكن ان تقول: (اردت فطلبت ) أو (أردت فأمرت) ولا يسعك أن تقول : (أمرت أو طلبت فأردت) ولو كانا أمرا واحدا لصح أن يكون أحدهما في موضع الآخر .

ولعل من أهم الجهات الموجبة لظهور الامر في الوجوب ما يستبطنه في معناه الوضعي من الاستعلاء فإنه لا يعقل عرفا تحقق أمر حقيقي دون استعلاء .

والمراد من الاستعلاء ليس هو العلو الحقيقي فقد يصدر الامر حقيقة من الداني الى العالي ويأمر المأموم إمامه والسيد عبده ويشهد لذلك أمران :

أحدهما : أن من يأمر من هو أعلى منه أو من يساويه يمكن أن يقدح فيه ويقال له إن هذا استعلاء منك , ولا يسعه أن يعتذر من ذلك بعدم قصده اليه لأن الأمر متقوم بذلك

ثانيهما : أن صدور الطلب بقصد ابراز الرجاء من العالي الواقعي الى الداني الواقعي لا يحقق معنى الأمر ولا يفهم منه الوجوب فلو كانت حقيقة الامر متقومة بواقع الحال وليس بالقصد والادعاء لكان ذلك من الامر وكان دالا على الوجوب .

بل ذهب سيدنا الاستاذ _ مد ظله _ الى أنه (... يجري ذلك حتى في الأوامر والنواهي الارشادية إذا ابتنت على ادعاء المرشد بلوغه أهلية الارشاد لمعرفته بمرتبة تلزم بمتابعته أما لو ابتنت على محض معرفته بالواقع المرشد إليه ولو صدفة من دون ادعاء لذلك لم يصدق الأمر والنهي )[9] .

وهو دقيق وبالتأمل حقيق .

 


[7] الصحيفة السجادية، الامام زين العابدين، ص342.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo