< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع :الاوامر : مادة الأمر

المقصد الأول : مباحث الالفاظ

وفيه فصول :

الفصل الاول : في الأوامر وفيه مبحثان :

المبحث الأول : في مادة الأمر

أشار صاحب الكفاية الى ( انّه قد ذكر للفظ « الأمر » معان متعدّدة :

منها : الطلب ، كما يقال : أمره بكذا .

ومنها : الشأن ، كما يقال : شغله أمر كذا.

ومنها : الفعل ، كما في قوله تعالى : ( وما أمْرُ فِرعَونَ بِرَشيد).

ومنها : الفعل العجيب ، كما في قوله تعالى : ( فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا.(

ومنها : الشيء ، كما تقول : رأيتُ اليوم أمراً عجيباً.

ومنها : الحادثة .

ومنها : الغرض ، كما تقول : جاء زيدٌ لأمر كذا .

ولا يخفى : أنّ عَدَّ بعضِها من معانيه من اشتباه المصداق بالمفهوم ، ضرورةَ أنّ الأمر في « جاء زيدٌ لأمر » ما استعمل في معنى الغرض، بل اللام قد دلّ على الغرض ; نعم يكون مدخوله مصداقه ، فافهم . وهكذا الحال في قوله تعالى : ( فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا ) ، فإنّ الأمر يكون مصداقاً للتعجّب ، لا مستعملا في مفهومه . وكذا في الحادثة والشأن .[1] (

ومراده من اشتباه المصداق بالمفهوم ظاهرا هو أن دعوى كون الوضع للمفهوم وهو الغرض نشأت من استعماله في مصداق الغرض وهو ما أدى الى الاشتباه وتخيل استعماله في المفهوم

وعلى أي حال فإن المعاني الاخرى للأمر _ غير المعنى الطلبي _ سواء تعددت أو اتحدت ورجعت الى معنى الشأن تكون جامدة ولا تصلح لأن يشتق منها ماض أو مضارع أو ما شابه ذلك وانما يختص ذلك بالمعنى الطلبي .

هذا مضافا لكون الأمر بمعنى الشأن يجمع بكلمة (أمور) والأمر الطلبي يجمع بكلمة (أوامر).

واذا اختلطا في مقام الاستعمال واشتبه المراد فإنه لا يتعين الا بالقرينة المعينة للمعنى المقصود .

وتحديد المراد من الشأن لا يخلو من شوب ابهام أوجب اختلاف كلمة الأعلام فيه, ومن أهم ما قيل في هذا الشأن ما ذهب اليه المحقق النائيني ره من رجوع الأمر الطلبي الى معنى الشأن كبقية المعاني الاخرى للأمر بتقريب : (أنه لا اشكال في كون الطلب المنشأ بإحدى الصيغ الموضوعة له معنى له وأن استعماله فيه بلا عناية وأما بقية المعاني فالظاهر أن كلها راجعة إلى معنى واحد وهى الواقعة التي لها أهمية في الجملة وهذا المعنى قد ينطبق على الحادثة وقد ينطبق على الغرض وقد يكون غير ذلك.

نعم لابد وأن يكون المستعمل فيه من قبيل الافعال والصفات فلا يطلق على الجوامد بل يمكن أن يقال إن الامر بمعنى الطلب أيضا من مصاديق هذا المعنى الواحد فإنه أيضا من الأمور التي لها أهمية فلا يكون للفظ الامر الا معنى واحد تندرج فيه كل المعاني المذكورة وتصور الجامع القريب بين الجميع وإن كان صعبا الا أنا نرى وجدانا أن الاستعمال في جميع الموارد بمعنى واحد ومعه ينتفي الاشتراك اللفظي .[2]

وقد واجه ذلك اعتراضا من الأعلام ومن اوائلهم السيد الخوئي ره عنه :(لكن هذا الجامع لا يغني من الجوع ، إذ الأمر يطلق على الواقعة التي لا أهمّيّة لها ، كما يقال : هذا الأمر من الأمور التي لا أهمّية لها و هذا أمر غير مهمّ [3] (.

وقال أيضا: ( إن ما أفاده ( قدس سره ) يحتوي على نقطتين :

الأولى : أن لفظ " الأمر " موضوع لمعنى واحد يندرج فيه جميع المعاني المزبورة حتى الطلب المنشأ بالصيغة .

الثانية : أن الأهمية في الجملة مأخوذة في معناه .

ولنأخذ بالنقد على كلتا النقطتين :

أما الأولى : فلأن الجامع الذاتي بين الطلب وغيره من المعاني المذكورة غير معقول ، والسبب في ذلك : أن معنى الطلب معنى حدثي قابل للتصريف والاشتقاق ، دون غيره من المعاني ، فإنها من الجوامد ، وهي غير قابلة لذلك ، ومن الواضح أن الجامع الذاتي بين المعنى الحدثي والمعنى الجامد غير متصور .

ومما يشهد على ذلك : اختلافهما - أي : الأمر بمعنى الطلب ، والأمر بمعنى غيره - في الجمع ، فإن الأول يجمع على أوامر ، والثاني على أمور ، وهذا شاهد صدق على اختلافهما في المعنى ، ولهذا لا يصح استعمال أحدهما في موضع الآخر ، فلا يقال : بقي أوامر ، أو : ينبغي التنبيه على أوامر . . . ، وهكذا . فالنتيجة : بطلان هذه النقطة .

وأما الثانية : فلإن الأهمية لو كانت مأخوذة في معناه لكانت متبادرة منه عرفا عند إطلاقه ، وعدم نصب قرينة على الخلاف مع أنها غير متبادرة منه كذلك ،ومن هنا صح توصيفه بما لا أهمية له . وبطبيعة الحال أنها لو كانت داخلة في معناه لكان هذا تناقضا ظاهرا)[4] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo