< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع :مراتب الحكم : المعذرية

وأما المعذرية فإن كانت بمعنى عدم استحقاق العقاب كما هو مراد المشهور منها فلا ريب أنها من المتواطيء لا المشكك فإن العدم سلب لا تشكيك فيه . والامور العدمية لا تشكيك فيها حقيقة الا أن يحمل التشكيك عليها من جهة المسلوب لا من جهة السلب نفسه توضيح ذلك :

أن الاستحقاق نفسه مما ثبت له التشكيك كما تقدم آنفا فقد يقال أن المعذرية بمعنى عدم الاستحقاق لها مراتب والملحوظ في ذلك أن الاستحقاق المنفي في المعذرية هو منشأ التشكيك فإن من المعقول القول بأن القطع بعدم الحكم أشد عذرا من قيام المؤمن الظني عن الحكم الإلزامي مع احتمال وجود الحكم واقعا والسر في ذلك أن ما ينتفي من استحقاق العقاب في معذرية القطع هو ادنى مراتب الاستحقاق التي تنشأ من احتمال الحكم فالقطع قاطع لأي احتمال ومزيل له دون المؤمن الظني فإنه لا يزيل الاحتمال بل يؤمن من غائلته فحسب فان رجع القول بالتشكيك في المعذرية الى هذا فلا مانع من قبوله .

وكذا الحال بناء على تفسير المعذرية بالأمن على المختار فإن الأمن لا مراتب فيه الا بالنحو الذي ذكرناه والامر سهل فلا يستحق التطويل .

المرتبة الرابعة : مرتبة امتثال الحكم

ومرادنا من الامتثال مطلق الطاعة للحكم وتحقيق متعلقه بنحو يسقط التكليف به فلا يتوقف على النية والقصد الا أن يكون مأخوذا في متعلق التكليف .

وهي وان كانت فعلا للمكلف وشأنا من شؤونه وليست درجة من التكليف نفسه فلا تطلق على الحكم الا تجوزا الا أنه لا اشكال في كون الامتثال شأنا من شؤون المرحلة الثالثة منه التي ترتبط بعالم الامتثال , بل هي قلب هذه المرحلة والوسط بين مراتبها

وهذه المرتبة متأخرة رتبة عن المنجزية والمعذرية بل هي غالبا مسببة عن المنجزية فإن العبد ان علم أنه في خطر ان لم يمتثل الحكم فإنه يمتثله دفعا للخطر, ولكن يمكن تحقق الامتثال دون أن يمر التكليف بالمنجزية وذلك كما ان كان المكلف معذورا عن التكليف آمنا من عواقب تركه إما للقطع بعدمه, وإما لقيام الحجة المؤمنة منه وصادف أن صدر متعلق التكليف من المكلف فطابق التكليف الواقعي المجهول لديه والمقطوع بعدمه أو طابق التكليف المحتمل مع قيام الحجة على التأمين منه كما في موارد الاحتياط والامتثال برجاء المطلوبية .

والمهم في تصوير هذه المرتبة وتعقلها أن نتعقل أن المولى تعالى يمكن أن يعبدنا بتحقق الامتثال كما لعله في مثل ما رواه (أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، في ( المحاسن ) عن أبيه ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد يرفع الحديث قال :

سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن رجل نسي من الصلوات الخمس لا يدري أيتها هي ؟ قال : يصلي ثلاثة وأربعة وركعتين فان كانت الظهر أو العصر أو العشاء فقد صلى أربعا ، وإن كانت المغرب أو الغداة فقد صلى )[1] .

فإن الاكتفاء منه في مقام الامتثال بهذا النحو من الامتثال قد يرجع الى التعبيد بتحقق الامتثال الواقعي مع انه لو كان قد فاتته العشاء وصلاها اخفاتا فانه لم ينو العشاء ولم يجهر وكل من النية والجهر من شروط صحة العشاء , وهذا التعبيد يكفي في رفع اليد عن مقتضى العلم الاجمالي وقاعدة الاشتغال وما تقتضيه من لزوم الاحتياط بأداء كل الصلوات المحتملة رجاء لتحقيق الموافقة القطعية .

وكذا مثل ما رواه الشيخ بطريقه الى (محمد بن أحمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له الرجل يكون عليه القضاء من شهر رمضان ويصبح فلا يأكل إلى العصر أيجوز له ان يجعله قضاءا من شهر رمضان ؟ قال : نعم .)[2] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo