< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مراتب الحكم ( المنجزية والمعذرية)

ويبدو أن أبرز الأعلام قد بنوا على أن التنجيز و التعذير مما لا تناله يد الجعل الشرعي ومن ثم صار كلام صاحب الكفاية في ارجاع الحكم الظاهري الى جعل الحجية بينهم موردا للبحث مع مفروغيتهم عن كون التنجيز عقليا غير قابل للتدخل الشرعي.

فقد استشكل عليه المحقق النائيني ره و ذهب الى (أنه لا يعقل جعل التنجيز والمعذورية ، بل التنجيز والمعذورية تدور مدار وصول التكاليف وعدمها ، فإذا كان التكليف واصلا إلى المكلف إما بنفسه وإما بطريقه فلا يمكن أن لا يكون منجزا ، وإن لم يكن واصلا فلا يمكن أن لا يكون المكلف معذورا ، فالتنجيز والمعذورية مما لا تنالها يد الجعل الشرعي ، بل هي من اللوازم والخواص العقلية المترتبة على وصول التكليف وعدمه)[1]

وأما الحجج الظنية المجعولة شرعا مثل الظهور وخبر الثقة وغيرهما , فانه يحدد تحقيقها للمنجزية والمعذرية من جهة جعلها علما تعبدا بحسب نظريته المعروفة في كون الحجية هي جعل الامارة علما تعبدا ويقول ره: ( فالطرق والامارات إنما توجب التنجيز والمعذورية لمكان أنها توجب وصول التكاليف ، فان المجعول فيها هو الاحراز والوسطية في الاثبات – على ما أوضحناه بما لا مزيد عليه في محله)[2] .

وتابعه على ذلك السيد الخوئي ره و قال عنه : (وهو الحقّ الحقيق بالتصديق ، فإنّ لازم كون المجعول المنجّزيّة والمعذّريّة هو التخصيص في الأحكام العقليّة .

بيان الملازمة : أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان قاعدة عقليّة غير قابلة للتخصيص ، موضوعها عدم البيان ، فالمكلَّف الشاكّ لو كان داخلا في موضوع القاعدة بعد قيام الأمارة - بأن كان الحكم الواقعي لم يصل إليه بعد لا وصولا حقيقيّا ولا وصولا تعبّديّا ومع ذلك جعل الشارع التنجّز واستحقاق العقاب على فرض المخالفة ، والعذر على تقدير الموافقة وعدم الإصابة - فلازمه أن يخصّص القاعدة ويقال : إنّ العقاب بلا بيان من الشارع قبيح في جميع الموارد إلَّا في مورد قيام الأمارة فهو غير قبيح ، كما يقال : اجتماع النقيضين في جميع الموارد مستحيل إلَّا في مورد كان كذا ، وبطلان اللازم بديهيّ لا يحتاج إلى بيان )[3] .

أما المحقق العراقي ره فقد ذهب الى تفسير كلامه بما يدفع الاشكال عنه من دون أن يتنازل عن كون التنجيز والتعذير أمرين عقليين لا تنالهما يد الجعل بل افترضهما من اللوازم الحقيقية العقلية للحجية وفسرها بأنها ( قطع العذر ) وأنها يمكن أن تكون تكوينية كالقطع ويمكن أن يجعلها الشارع كما يجعل أي حكم وضعي كالزوجية والوقفية والرقية و غيرها فقال في ما قال: (فان كان المقصود من تبعية التنجيز والمعذورية لوصول التكليف وعدمه عدم قابليتهما بنفسهما للوقوع تحت الجعل بدوا فهو مما لا يدعيه المحقق الخراساني أيضا .

فان تمام نظره إلى أن الحجية كالملكية من الاعتباريات الجعلية التي تستتبع جعلها عقلا للتنجيز والمعذورية ، لا ان المجعول بدوا هو نفس التنجيز والمعذورية ، وليس في الاشكال المزبور أيضا ما يقتضي امتناع جعل الحجية .

وان كان المقصود ان التكليف الواقعي لا يكون منجزا على المكلف بنحو يستتبع العقوبة على مخالفته الا بوصوله إلى المكلف ولو بطريقه ، فهذا مما لا اشكال فيه ولكن المدعى انه يكفي في وصول الشئ بطريقه وصول الحجة عليه ولو جعلية وهي أيضا على مسلكه حاصلة ... )[4] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo