< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الفقه

38/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : حرمة الغناء : وكونها ضرورة فقهية

ومع ذلك فقد شذ بعض في القول بجوازه ولكن ذلك لا يخدش بكون الحرمة من الضروريات فإن مرادنا من الضروري ليس ما تطبق عليه الكلمة ولا ما لا يمكن أن تعرض فيه شبهة فإن الشبهات وتأثيراتها لا تخلو منه ضرورة من ضرورات الفقه بل لا تخلو منه ضرورة من ضرورات العقل وبديهياته ومع ذلك فالضرورة تكفي حجة على من اشتبه وتوقف, فضلا عن من أنكر وخالف, بل المراد من الضرورة الفقهية هي كون مناشيء اليقين بها تامة فمن بحث عنها وصل اليها عادة الا أن يبتلى بهوى أو شبهة تمنعه من اليقين بها .

وقد نسب ذلك الى المحقق السبزواري ولكن التأمل في عبارته في كفايته لا يناسب ذلك فإنه بعد أن نظر الى روايات حرمة الغناء وبنى على مفادها عرض لروايات جواز تحسين الصوت بالقرآن الذي عبر في بعضه بالغناء ايضا رأى ( أنّ التعارض وقع بين أخبار الغناء والأخبار الكثيرة المتواترة الدالّة على فضل قراءة القرآن والأدعية والأذكار ، مع عمومها لغةً وكثرتها وموافقتها للأصل ، والنسبة بين الموضوعين عموم من وجه . فإذن لا ريب في تحريم الغناء على سبيل اللهو والاقتران بالملاهي ونحوهما ، ثمّ إن ثبت إجماع في غيره كان متّبعاً ، وإلاّ بقي حكمه على أصل الإباحة ، وطريق الاحتياط واضح .)[1]

فهو يرى الغناء اللهوي محرما ويرى أن الاجماع إن تم فلا محيص عن الالتزام به ولم ينف قيام الاجماع ولم يبن عليه فهو _ رغم ما لا يخفى من الاشكال عليه _ لا يبني على استحلال الغناء ولا يتجرأ على رد الاجماع .

وقد نسب القول بالجواز أيضا الى الفيض الكاشاني على كلام في صحة النسبة اليه فقد قال بعد كلام مفصل توصل فيه الى قوله: (وعلى هذا فلا بأس بسماع التغني بالأشعار المتضمنة ذكر الجنة والنار والتشويق إلى دار القرار ووصف نعم اللَّه الملك الجبار وذكر العبادات والترغيب في الخيرات والزهد في الفانيات ونحو ذلك كما أشير إليه في حديث الفقيه بقوله عليه السّلام فذكرتك الجنة وذلك لأن هذه كلها ذكر اللَّه تعالى وربما " تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ " وبالجملة لا يخفى على ذوي الحجى بعد سماع هذه الأخبار تمييز حق الغناء من باطله وأن أكثر ما يتغنى به المتصوفة في محافلهم من قبيل الباطل ).[2]

ونعم ما قاله النراقي في مشارق الاحكام : ( ولا خلاف بين أصحابنا ، بل بين المسلمين ، في حرمته في الجملة ، بل عدّ من ضروريّ الدين . ويدلّ عليه الآيات والأخبار المستفيضة التي سننبّه على جملة منها ، بل عليه الإجماع ظاهرا ، تحقيقا ونقلا مستفيضا ، فيما عدا المستثنيات الخلافية ، وهي الحداء للإبل ، وغناء المغنية لزفّ العرائس ، والتغنّي بالفضائل ، سواء اقترن باللعب بالملاهي وضرب العيدان ونحو ذلك من المحرّمات ، أم لا .

وتخصيص الحرمة بالأوّل ، كما يظهر من المحدّث الكاشاني في الوافي، بل فيه استفادة ذلك من عبارة الاستبصار ، شاذّ جدّا ، والإجماع منعقد قبله ...)[3]

وعلى أي حال فإن ما ذهب اليه السبزواري و الفيض الكاشاني رحمهما الله _ مع ما سبقت الاشارة الى ما فيه من ضعف _ خال عن دعوى جواز الغناء في موارده المعروفة من التغني بأشعار الغزل والتشبيب والبكاء على الاطلال وفقد الحبيب اذا كان خاليا من الإثارة الجنسية كما ارتكب ذلك بعض المعاصرين, وأنكر الضرورة وبالغ في محاولة التنظير له بحجج ضعيفة .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo