< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الفقه

38/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : حرمة الغناء : وكونها ضرورة فقهية

وقد تبين من عبارات الشيخ العديدة أنه ينسب الاجماع الى اصحابنا دون أن يثير أي احتمال في مقابله مع أنه ينسب الى أئمة المذاهب الأخرى القول بالجواز على كراهة , ولو كان بين أصحابنا أي منشأ للتوقف في الجزم بالإجماع لكان هناك أكثر من جهة تقتضي أن يبينها (رحمه الله)

8 _ وقال الطبرسي في المؤتلف من المختلف بين أئمة السلف : (الغناء محرم يفسق فاعله وترد شهادته )[1] وقال فيه أيضا: ( الغناء محرم ، سواء كان بصوت المغني( صوت المغني خ ل) أو بالقضيب أو بالأوتار ، مثل العيدان والطنابير والنايات والمزامير والمعارف وغير ذلك )[2]

9_ وذكر ابن ادريس ما ذكره الشيخ في النهاية وتابعه عليه لكنه أعقب ذلك بقوله (والأظهر أن الغناء محرم ممن كان )[3] .

وقال " الغناء من الصوت ممدود ، ومن المال مقصور ، فإذا ثبت هذا ، فالغناء عندنا محرم ، يفسق فاعله ، وترد شهادته ، فأما ثمن المغنيات ، فليس بحرام إجماعا ، لأنها تصلح لغير الغناء " .[4]

10_ وقال ابو الصلاح (يحرم... والغناء كله...)[5] .

11_ ابن البراج فإنه عد الغناء في المحرمات وجوز غناء النساء في الاعراس على كراهة فقال في تعداد المكروهات ( وأجر المغنيات في الأعراس إذا لم يغنين بالأباطيل والضرب )[6] .

12_ المحقق الحلي فانه ذكر في شروط الاجارة : (وأن تكون المنفعة مباحة . فلو آجره ليحمل الخمر وليعلمه الغناء لم تنعقد) [7]

ولم نظفر بمخالف لهم الا عند المتأخرين ممن لا يعتد برأيه خصوصا مع افصاحه عن دليله الذين تبين وهنه.

نعم تبين لدى ما ذكره الشيخ في الخلاف أن العامة بعضهم يحرمه وبعضهم يكرهه وكذا في بعض ما بأيدينا من كتبهم وإن كان يبدو ان المرجح عندهم هو تحريمه فقد قال الحافظ ابو بكر احمد الخلّال الحنبلي (311 هج) :

164- أخبرَنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال: سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء يُنبتُ النفاق في القلب، لايُعجبُني.

165- قال -أي عبد الله بن احمد بن حنبل- : وحدّثني أبي قال: حدّثنا إسحاق بن عيسى الطبّاع قال: سألتُ مالك بن أنس عمّا يترخّص فيه اهل المدينة من الغناء فقال: إنّما يفعله عندنا الفسّاق.[8]

وذكر الحافظ ابن الجوزي في ( تلبيس ابليس) أن(هذه الروايات كلها دليل على كراهية الغناء. قال ابو بكر الخلّال: كره احمد القصائد لمّا قيل له انهم يتماجنون. ثمّ روى عنه ما يدلّ على أنه لابأس بها).

ثمّ قال ابن الجوزي: (وقد ذكر اصحابنا عن ابي بكر الخلّال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء، وإنّما اشار "اي الخلّال" الى ما كان في زمانهما من القصائد الزُهديّات، وعلى هذا يُحمل ما لم يكرهه احمد. ويدلّ على ما قلت، أنّ احمد بن حنبل سُئِل عن رجل مات وترك وَلَداً وجارية مغنّية، فاحتاج الصبيّ الى بيعها. فقال: لا تُباع على انّها مغنّية. فقيل له انها تساوي ثلاثين الف درهم، ولعلّها اذا بيعت ساذجة تساوي عشرين ديناراً ! فقال: لا تباع إلّا على انها ساذجة). يقول ابن الجوزي: وهذا دليل على ان الغناء محظور، اذ لو لم يكن محظوراً ما اجاز تفويت المال على اليتيم.

وينقل ابن الجوزي مذهب ابي حنيفة في الغناء بقوله:(أخبرنا هبة الله بن احمد الحريري عن ابي الطيّب الطبري قال: كان ابو حنيفة يكره الغناء مع اباحته شرب النبيذ. ويجعل سماع الغناء من الذنوب، وكذلك مذهب سائر اهل الكوفة: إبراهيم والشعبي وحمّاد وسفيان الثوري وغيرهم، لا اختلاف بينهم في ذلك. ولا يُعرف بين اهل البصرة خلاف في كراهة ذلك والمنع منه إلّا ما روى عبيد الله بن الحسن العنبري انه كان لا يرى به بأساً).

وابن الجوزي ينقل ايضاً مذهب الشافعي في الغناء بالقول: (حدّثنا اسماعيل بن احمد ... الخ، عن الحسن بن عبد العزيز الحروي قال: سمعت محمد بن ادريس الشافعي يقول: خلفتُ بالعراق شيئاً احدثته الزنادقة يسمّونه التغيير يشغلون الناس به عن القرآن).

وفي (إغاثة اللهفان) لابن القيّم الجوزية. (751 هج) .

يقول في معرض الإستشهاد على حرمة الغناء: (قد حكى ابو عمرو ابن الصلاح الإجماع على تحريم السماع الذي جَمَعَ الدفّ والشبابة والغناء فقال في فتاويه: فليُعلم انّ الدفّ والشبابة والغناء اذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمّة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن احد ممّن يُعتد بقوله في الإجماع والاختلاف انه اباح هذا السماع، والخلاف المنقول عن بعض اصحاب الشافعي إنّما نُقل في الشبابة منفردةً والدفّ منفرداً).

وربما يحمل قول من قال بالكراهة على معناها اللغوي الذي لا يتنافي مع الحرمة .

ولكن مع كل الاختلاف في النقل لا يسعنا الجزم بتحقق الاجماع عندهم , نعم لا ريب في أنه محرم عند كثير منهم ومذموم مبغوض عند عامتهم فالبناء على اباحته مع كل هذه النصوص والاجماع المحصل وما في ارتكاز المتشرعة من استنكار له انكار للضرورة الفقهية التي لا ينبغي أن تصدر من باحث فضلا عن فقيه .

 


[8] كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مسائل الإمام احمد بن حنبل، الحافظ ابو بكر الخلال تحقيق عمر عبد المنعم سليم . ط. مكتبة الصحابة. ص103.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo