< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

37/04/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مفاد اخبار من بلغ

کان الکلام فی انه ما هو المستفاد من اخبار من بلغ بالنسبة الی ما اذا دل خبر ضعیف علی استحباب فعل و دل خبر ضعیف آخر علی کراهة ذاک الفعل؟ قلنا ان للسید الخویی کلاما فی المقام و هذا الکلام هو انه لا بد من التفصیل بین الصورتین:

الصورة الاولی: ما اذا فرضنا ان الخبرین الضعیفین دالتان علی الحکم التوصلی ای کل من الاستحباب الذی بلغنا بخبر ضعیف و الکراهیة التی بلغتنا بالخبر الضعیف کل منهما حکم توصلی و لیس تعبدیا و مشروطا بقصد القربة

مثلا یدل الخبر الضعیف علی استحباب اکل الجبن و الخبر الضعیف یدل علی کراهة اکل الجبن و من الواضح ان کلا من استحباب اکل الجبن او کراهته حکم توصلی ففی هذه الصورة یقع التعارض بین شمول اخبار من بلغ للخبر الاول الضعیف و بین شمول اخبار من بلغ للخبر الثانی فبینهما تعارض باعتبار انه لا یعقل ثبوتا جعل مثل هذین الحکمین من قبل المولی فجعلهما غیر معقول ای جعل استحباب اکل الجبن و فی نفس الوقت جعل کراهة اکل الجبن غیر معقول لانه یستلزم اللغویة لان المکلف لا یمکنه ان یمتثلهما معا و یجمع بین الفعل و الترک و هو غیر قادر علی الجمع بین الفعل و الترک و سوف یصدر منه احد الامرین لان الفعل و الترک نقیضان لا یجتمعان و لا یرتفعان فبالآخرة ان المکلف اما یاکل او لا یاکل، فصدور احدهما من المکلف ضروری و امر لا بد منه فهما من قبیل الضدین لا ثالث لهما

فجعلهما معا غیر معقول و جعل الاستحباب ینفی جعل الکراهة و بالعکس فیحصل التنافی بین الجعلین و التنافی هو التعارض فیقع التنافی بین الجعلین و بالتالی یقع التعارض بین الدلیلین علی الحکمین

الصورة الثانیة: ما اذا فرضنا ان کلا من الخبرین الضعیفین دال علی الحکم التعبدی لا التوصلی ای الخبر الدال علی استحباب الفعل یدل علی استحباب تعبدی و الخبر الدال علی الکراهة یدل علی کراهة تعبدیه و مثاله ما ذکرناه سابقا و هو صوم یوم عاشوراء لاننا نعلم ان الصوم تعبدی و لا یوجد صوم توصلی لان الصوم مشروط بقصد القربة فالدلیل الدال علی استحبابه یدل علی استحباب تعبدی و بالعکس یعنی ان الدلیل علی کراهة صوم یوم عاشوراء یدل علی کراهة تعبدیة

و اما ان یکون احدهما دالا علی حکم تعبدی لا کل من الدلیلین ففی هذه الصورة لا یقع التعارض لانه هنا لیس من المتسحیل ان یجعل المولی کلا الحکمین و لا تنافی بین الجعلین یعنی ان یجعل کراهَة صوم یوم عاشوراء و ان یجعل استحبابه لان هذین ضدان لهما ثالث و لیسا من قبیل الصورة الاولی فهناک لا یوجد ثالث بخلاف ما نحن فیه فانه یوجد ثالث و هو صوم یوم عاشوراء من دون قصد القربة فیخرج الفرض من کونهما ضدان لا ثالث لهما فمادام ان لهما ضدا ثالثا لا یحصل التنافی بین شمول اخبار من بلغ لهذا الخبر و شمولها لذاک الخبر و من الممکن شمولها لهما معا لان هذا الخبر یقول جعل الاستحباب التعبدی لصوم یوم عاشوراء و الخبر الآخر یقول جعل الکراهة التعبدیة لترک صوم یوم عاشوراء و لا تنافی بین الجعلین

غایة الامر ان المکلف غیرقادر علی امتثال کلا الحکمین لانه لا یمکنه ان یجمع بین الصوم بقصد القربة و بین الترک بقصد القربة فیدخل فی باب التزاحم لا فی باب التعارض لانه لا تنافی بین الجعلین فیکونان متزاحمین

هذا شرح کلام السید الاستاذ الخویی و بعد ذلک انقل عبارته نصا

قال السید الخویی:

«ثم انه إذا بنينا على عدم شمول اخبار من بلغ للاخبار عن الكراهة أو الحرمة فلا ريب في ثبوت الاستحباب فيما إذا دل خبر ضعيف على وجوب شي‌ء أو استحبابه، و لو مع وجود خبر آخر دل على كراهته أو حرمته ما لم يكن حجة شرعية، و لا موجب لما ادعاه المحقق النائيني من انصراف الاخبار عن هذا الفرض. و اما إذا بنينا على شمولها للاخبار عن الكراهة أو الحرمة أيضا، فهل تقع المعارضة بين الخبرين في الفرض، أو يكون ذلك من باب التزاحم؟ وجهان بل قولان: ظاهر الشهيدين هو الثاني، و هو محتمل كلام الشيخ رحمه اللّه بدعوى ان كلا من الفعل و الترك حينئذ يكون مستحبا، فيكونان من المستحبين المتزاحمين، و التزاحم في المستحبات غير عزيز، بل انه حاصل في كل آن من الآنات، و عليه فيكون المقام من قبيل صوم يوم عاشوراء الّذي يكون فعله و تركه معا مستحبا.

و لكن الصحيح: القول بالتفصيل بين الموارد، بيان ذلك: ان الفعل و الترك البالغ عليهما الثواب إذا كان أحدهما أو كلاهما عباديا فلا مانع من جعل‌ لاستحباب لهما في مقام الثبوت، لأنهما من قبيل الضدين اللذين لهما ثالث، غاية الأمر ان المكلف لا يقدر على امتثالهما، فهما من قبيل المستحبين المتزاحمين. و اما إذا كان كل من الفعل و الترك غير عبادي فلا يعقل الحكم باستحباب كل منهما في مقام الثبوت، لاستحالة طلب المتناقضين، و محبوبية كل منهما بالفعل، نعم يمكن أن يكون كل منهما مشتملا على الملاك، إلّا انه مع التساوي يحكم بالإباحة، و مع الترجيح يحكم على طبقه، و كيف كان فلا يتصف النقيضان بالاستحباب، و عليه فلا محالة يقع التعارض بين الدليلين، و لا يكون شي‌ء منهما مشمولا لأدلة التسامح لعدم الترجيح»[1]

و بعد ذلک یذکر فرعا و یقول: «و من ذلك يظهر الحال فيما لو دل دليل معتبر على استحباب شي‌ء و الآخر على استحباب تركه، فانه لا مانع من الأخذ بكل منهما في الفرض الأول(اذا کان احدهما او کلاهما تعبدیا)، و اما في الفرض الأخير(اذا کان کل منهما توصلیا) فيجري عليهما حكم المتعارضين من الترجيح(عند وجود المرجح) أو التخيير(عند عدم وجود المرجح)، فافهم و تأمل‌»[2]

اعتراضات السید الشهید علی کلام المحقق الخویی:

اما السید الشهید قدس الله نفسه فقد اورد علی هذا الکلام عدة اعتراضات:

الاعتراض الاول: هو انه حتی لو بنینا علی اختصاص اخبار من بلغ بالروایات الدالة علی المستحبات و قلنا بان الاخبار لا تشمل روایات الکراهة لا نقبل ما قاله السید الخویی من ثبوت الاستحباب و عدم ثبوت الکراهة فانه فی راینا لا یثبت الاستحباب فی مثل هذا الفرض ای فرض المعارضة بین هذا الخبر و بین الخبر الضعیف الدال علی الکراهة لا یثبت الاستحباب لان اخبار من بلغ و ان لم تشمل الخبر الدال علی الکراهة الا انها لا تشمل الخبر الدال علی الاستحباب ایضا لا لوجود مانع و هو وجود المعارض و هو الخبر الدال علی الکراهة بل لعدم وجود المقتضی لشمول مثل هذا الخبر الدال علی الاستحباب

فالاخبار قاصرة من شمول دلیل الاستحباب و انما نقول بعدم الشمول باعتبار اننا نمنع اطلاق اخبار من بلغ لمثل هذا الخبر الدال علی الاستحباب فیما یوجد فی مقابله خبر دال علی الکراهة حتی لو بنینا علی اختصاصه بالخبر الدال علی الاستحباب لان المفروض فی موضوع اخبار من بلغ کما یدل علیه فاء التفریع فی قوله: فعمله، فمن هذه الفاء نستفید ان موضوع اخبار من بلغ عبارة عن العمل المتفرع علی داعی الثواب الموعود علی العمل فی الخبر الضعیف و بلغ الی المکلف و طرق اذنه فتخص اخبار من بلغ بحسب الفهم العرفی بفرض ما اذا کان تفرع العمل علی داعی الثواب معقولا لان موضوع اخبار من بلغ هو العمل المتفرع علی داعی الثواب فیجب ان یکون ذاک المورد من المعقول تفرع العمل علی داعی الثواب حتی نطبق اخبار من بلغ فلا بد من ان نفترض ان تفرع العمل علی داعی الثواب معقولا فی مورد حتی نطبق اخبار من بلغ و حیث ان الثواب یترتب علی العمل القربی لا علی العمل الذی اتی من دون قصد القربة و بقصد الریاضة، اذن لا بد من ان نفترض امکان التقرب الی العمل بالمولی حتی یکون تفرع العمل علی داعی الثواب معقولا و بالتالی تشمله اخبار من بلغ و من الواضح ان التقرب الی المولی بالفعل لا یقعل فیما لو کان الفعل قد دل الدلیل علی انه مبغوض عند المولی فالصوم الذی بلغنا انه مکروه و مبغوض عند المولی و هذا الخبر لانقطع بکذبه و ان لم تشمله اخبار من بلغ، فهذا الخبر یحتمل صدقه فاذا نحتمل ان الصوم مبغوض فلا یمکن التقرب الی المولی به فینتفی تفرع العمل علی داعی الثواب و ینتفی موضوع اخبار من بلغ

و للبحث تتمة تاتی ان شاءالله


[1] دراسات فی علم الاصول، ج3، ص310.
[2] دراسات فی علم الاصول، ج2، ص311.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo