< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

35/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: آية النبأ/الكتاب/أدلة الحجية/خبر الواحد/وسائل الإثبات التَّعَبُّدِيّ/إثبات الصدور/الأدلة المحرزة/علم الأُصُول

وهناك معنى آخر للموضوع (غير موضوع الحكم الَّذِي عرفتَه) وهو عبارة عن موضوع نفس القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة بما هي قضية شرطية، والمقصود به ما هو مذكور في جملة الشَّرط في القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة ولٰكِنَّهُ خارج عن دائرة الفرض والتقدير الشرطي، وبهذا يمتاز موضوع القضية عن الشَّرط رغم أَن كليهما مذكور في جملة الشَّرط في القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة، لكن الشَّرط داخل في دائرة الفرض والتقدير الشرطي، بمعنى أَن تقديره بارز وليس مستتراً، بخلاف موضوع القضية الَّذِي هو خارج عن دائرة الفرض والتقدير الشرطي بمعنى أَن تقديره مستتر وليس بارزاً. إذن، فموضوع القضية (حَتَّىٰ إذا كانت القضية حملية ولم تكن شرطية) يكون غالباً مقدّر الوجود ومفروضه إذا كانت القضية الحملية حقيقية لا خارجية، إِلَّا أَن هذا التقدير والفرض مستتر، فقولنا مَثَلاً: أكرم العالم، قضية حملية حقيقية قدّرنا فيها وجود العالم وفرضناها، إِلَّا أَن هذا التقدير والفرض ليس تقديراً وفرضاً شرطياً (أَيْ: ليس بارزاً)، بل هو خارج عن التقدير والفرض الشرطي ومستتر غير بارز، لو أردنا إبرازه قلنا: إِن وجد العالم فأكرمه.
أما الشَّرط في القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة فتقديره وفرضه بارز غير مستتر وذلك من خلال أداة الشَّرط المذكورة في الكلام، كما هو الحال في جملة الشَّرط في القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة مثل قولنا: إِن جاء زيد فأكرمه.
إذن، ففي القضايا الشرطية ما كان مذكوراً في جملة الشَّرط وداخلاً في الفرض والتقدير الشرطي بمعنى أَن تقديره بارز غير مستتر (كمجيء زيد في المثال) فهذا هو الشَّرط، وما كان مذكوراً في جملة الشَّرط وخارجاً عن الفرض والتقدير الشرطي ولو كان مقدّر الوجود بالمعنى الثابت في القضايا الحملية الحقيقية (أَيْ: أَن تقديره مستتر وغير بارز) فهذا هو موضوع القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة، مثل زيد في المثال، حيث أَنَّهُ مذكور في جملة الشَّرط ولٰكِنَّهُ خارج عن الفرض والتقدير الشرطي (أَيْ: أَن تقديره مستتر لو أردنا إبرازه قلنا: إِن كان الجائي زيدً فأكرمه).
إذن، أصبح لدينا في القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة اصطلاحان لـالموضوع:
أحدهما: موضوع الحكم المذكور في الجزاء، وقد عرفت المقصود منه.
وثانيهما: موضوع نفس القَضِيَّة الشَّرْطِيَّة بما هي شرطية، وقد عرفت أَيْضاً المقصود منه.
والنسبة بين هذين الاصطلاحين هي العموم من وجه، فقد يجتمعان في شيء واحد (أَيْ: يكون موضوع الحكم وموضوع القضية واحداً، كما في المثال المتقدم إِن جاء زيد فأكرمه، حيث أَن زيد هو موضوع الحكم (أَيْ: أَنَّهُ هو الَّذِي يجب إكرامه)، وهو أَيْضاً موضوع القضية (أَيْ: أَنَّهُ مذكور في جملة الشَّرط في القضية ولٰكِنَّهُ خارج عن الفرض والتقدير الشرطي. وقد يفترقان (أَيْ: يكون موضوع الحكم غير موضوع القضية) كما إذا قيل: إِن جاء زيد فتصدق عَلَىٰ الفقراء حيث أَن موضوع الحكم عبارة عن الفقراء، فهم الَّذِينَ يجب إكرامهم، في حين أَن موضوع القضية عبارة عن زيد، والشرط هو مجيء زيد.
وليس الشَّرط دخيلاً في موضوع الحكم بالمعنى المتقدّم لموضوع الحكم، وإن كان بحسب عالم الثبوت موضوعاً للحكم بمعنى دخله فيما قُدّر وفرض في عالم الجعل، فالمجيء مثلاً في المثال الأخير ليس دخيلاً في الفقراء وليس موضوعاً للحكم إثباتاً بمعنى أَنَّهُ لم تتعلّق به مادةُ الجزاء (أَيْ: التصدّق) قبلَ تعليق الجزاء عَلَىٰ الشَّرط وإن كان بحسب عالم الثبوت موضوعاً له بمعنى أَنَّهُ دخيل فيما قدّره المولى وفرضه في عالم الجعل لكي يجعل الحكم عليه.
والتقدير الشرطي الَّذِي تَدُلّ عليه أداةُ الشَّرط ينصبّ عَلَىٰ مفاد جملة الشَّرط، وهو عبارة عن النسبة، ففي قولنا مَثَلاً: إِن جاء زيد فأكرمه أو قولنا: إِن جاء زيد فتصدّق عَلَىٰ الفقراء انصبّ التقدير الشرطي عَلَىٰ النسبة الثابتة بين المجيء وبين زيد، وهذه النسبة وإن كانت عَلَىٰ حدّ سواء بالنسبة إِلَىٰ كُلّ من المجيء وزيد؛ إذ أَن كليهما طرف لها، إِلَّا أَن تقدير هذه النسبة وفرضها الَّذِي تَدُلّ عليه أداة الشَّرط إِنَّمَا يتّجه نحو المحمول في هذه النسبة وهو المجيء، لا نحو الموضوع فيها وهو زيد (أَيْ: أَن أداة الشَّرط الدَّالَّة عَلَىٰ تقدير النسبة إِنَّمَا تَدُلّ عَلَىٰ تقدير المجيء لا عَلَىٰ تقدير أصل وجود زيد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo