< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

34/03/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 {خبر الواحد/وسائل الإثبات التَّعَبُّدِيّ/إثبات الصدور/الأدلة المحرزة/علم الأُصُول}
 قلنا إن القسم الثالث من الروايات وهو ما دل على أن الخبر المخالف
 نعم الخبر الَّذِي يخالف القرآن الكريم بنحو العموم والخصوص من وجه لو لاحظنا ألفاظ القرآن الكريم وألفاظ هذا الخبر الَّذِي بينه وبين الآية العموم من وجه، فاللفظ لا يساعد عَلَىٰ الجمع بينهما بالتخصيص؛ لأَن لفظ كل من الآية والخبر أعم من الآخر وَحِينَئِذٍ كيف نخصص الآية بالخبر والحال أن لفظ الخبر أعم من الآية.. لأَن الآية تبقى لها مادة الافتراق فلا تبقى الآيةُ نهائياً بلا مورد، .. وتخصيص القرآن الكريم ليس أَمْراً لا يناسب أهل البيت ^. فالخبر الْقُرآن الْكَرِيم.. فيختص هذا القسم بالخبر المخالف لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بنحو التباين، ..
 هذه هي الأقسام الثلاثة من الروايات..
 والآن ماذا نصنع مع هذه الأقسام الثلاثة من الروايات وماذا نستنتج منها؟
 أقول: تارة نبني عَلَىٰ ذاك الكلام الَّذِي مضى نقله عن الأصحاب قبل العطلة عندما كننا ننقل عنهم الإشكال الَّذِي أوردوه عَلَىٰ الاستدلال بالروايات الواردة بالعنوان الأول (عنوان موافقة الْقُرآن الْكَرِيم) عَلَىٰ عدم حُجِّيَّة الخبر الَّذِي لا يوجد مضمونه في الْقُرآن الْكَرِيم، .. وَإِنَّمَا هو استدلال بالخبر المتواتر عَلَىٰ عدم حُجِّيَّة خَبَر الْوَاحِدِ .. لكن التواتر عَلَىٰ .. فقد قلنا هناك :
 قد يكون العنوان أخص وهو الخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ
 كل خبر مخالف.. لكن ليس كل خبر مخ.. فقد يكون الخبر غير موافق لكنه في نفس الوقت ..
 إذن، يوجد لدينا عنوان أعم وهو >غير الموافق< وعنوان أخص منه، وهو عنوان .. وهو القسم الغالب من أحاديثنا
 أقول: لو بنينا عَلَىٰ هذا فَحِينَئِذٍ يمكن أن نطبق الفكرة نفسها في المقام ونقول بأن الروايات الرادعة عن الخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ وإن كانت متواترة إجمالاً (كما رأينا في الأقسام الثلاثة) إِلاَّ أن المقدار الَّذِي يثبت بِالتَّوَاتُرِ أخص العناوين وهو التباين. أَمَّا الخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ بنحو الأخصية مَثَلاً فهو مِمَّا لا تشمله كل هذه الأقسام الثلاثة من الروايات.. فلا يوجد تواتر إجمالي..
 وكذلك الخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ بنحو العموم والخصوص من وجه حيث قلنا إنه لا يشمله القسم الأخير من الروايات؛ لأَن صدور هذا من المعصومين ^ ليس مِمَّا لا يناسبهم؛ لأَن صدور هذا النوع من الروايات منهم ^ لا يكذب القرآنَ بل يخصصه. .. وهذا معناه أَيْضاً أَنَّهُ لا تواتر إجمالي عَلَىٰ عدم حُجِّيَّة هذا الخبر.
 فيبقى المقدار الَّذِي يثبت بِالتَّوَاتُرِ الإِجْمَالِيّ سقوطه عن الْحُجِّيَّة عبارة عن ما يخالف القرآن الكريم بنحو التباين، وهذا ما يشمله كل الأقسام الثلاثة من الروايات. أي: أَنَّهُ مشمول للتواتر. فهذا هو الَّذِي يثبت لدينا عدم حجيته. إذا أردنا إثبات القضية من خلال التواتر فالتواتر لا يثبت أكثر من عدم حُجِّيَّة الخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ بنحو التباين. أَمَّا غيره كالخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ بِالأَخَصِّيَّةِ أو بالعموم من وجه فهذا ما لم يَدُلُّ عَلَىٰ عدم حجيته خبر متواتر قطعي، ومن الو..
 هذا إذا بنينا عَلَىٰ تلك الفكرة.. أَمَّا إذا بنينا عَلَىٰ كلام آخر مضى منا هناك في مناقشة كلام الأصحاب حيث قلنا إن هناك طريقاً آخر غير التواتر أَيْضاً يمكن أن نثبت من خلال ذاك الطريق عدم الْحُجِّيَّة وذاك الطريق الَّذِي ذكرناه هناك كان عبارة عن أن نحصّل عَلَىٰ خبرٍ هذا الخبر يكون في حد نفسه مشمولاً للسيرة العقلائية القائمة عَلَىٰ حُجِّيَّة خَبَر الْوَاحِدِ (أَيْ: أن يكون خبر ثقة) فنثبت حُجِّيَّة ذاك الخبر بالسيرة وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ أن نستدل بذاك الخبر عَلَىٰ أن سائر أخبار الآحاد ليس حُجَّة..
 فَحِينَئِذٍ قد يقال بأننا حصّلنا هنا عَلَىٰ رواية تامة السند (خبر الثقة) تشمله السِّيرَة العقلائية وهذه الرواية تردع عن كل خبر يخالف الْقُرآن الْكَرِيم حَتَّىٰ المخالف بِالأَخَصِّيَّةِ، وهي رواية جُميل بن درّاج عن أبي عبد الله ×: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهَلَكة، إن عَلَىٰ كل حق حقيقةً وعلى كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه<( [1] ).
 وهذه الرواية مستجمعة لجميع النكات المطلوبة في مقام إثبات عدم حُجِّيَّة الخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ:
 أَوَّلاً هي صحيحة السند، ورواتها ثقات بل عدول (صحيحة جميل بن دراج وليست موثقة).
 وَثَانِياً تشملها السِّيرَة العقلائية.
 وثالثا: أن مفادها ليس عبارة عن نفي الصدور حَتَّىٰ تختص بدرجة معينة من المخالفة.
 ورابعاً: أن هذه الرواية مختصة بالخبر الوارد في الأحكام والفروع، ولا تشمل الخبر المخالف لِلْقُرآنِ الْكَرِيمِ الوارد في أصول الدين، بقرينة >الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة<؛..


[1] - العاملي، وسائل الشيعة: ج27، ص119، ح35 من الباب 9 من أبواب صفات القاضي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo