< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

33/05/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: القسم3: السِّيرَة المشرِّعة/السِّيرَة/دلالة التقرير/الدَّلِيل الشَّرْعِيّ غير اللفظي/الدليل الشرعي/الأدلة المحرزة/علم الأُصُول
 
 كان الكلام فِي الجهة الرَّابِعَة عن حدود الحكم الشَّرْعِيّ الَّذِي تَدُلُّ عليه السِّيرَةُ الْعُقَلاَئِيَّة بأننا إذا أحرزنا وجود سيرة عُقَلاَئِيَّة فِي زمن الْمَعْصُوم × بأحد الطرق المتقدمة لإثبات معاصرة السِّيرَة لزمن الْمَعْصُوم ×، وأحرزنا أَيْضاً سكوتَ الشَّارِع عن الردع عن هذه السِّيرَة وَبِالتَّالِي أحرزنا إمضاء الشَّارِع لهذه السِّيرَة فما هو المقدار الممضى من هذه السِّيرَة؟ فإن هذه السِّيرَة قد يكون لها شيئان:
 أحدهما: المقدار الممارَس عملياً مِنْ قِبَلِ النَّاس آنذاك.
 والآخر: جذر هذه السِّيرَة ونكتتها.
 وَحِينَئِذٍ نحتمل أن الشَّارِع إِنَّمَا أمضى مِنَ السِّيرَةِ فقط ذاك المقدار الْعَمَلِيّ الخارجي الَّذِي كان يمارس فِي زمانه، وَأَمَّا النكتة (أي: التصور الْعَامّ الموجود عند الْعُقَلاَء) الَّتِي كانت تمثل جذر هذه السِّيرَة العملية فنحتمل أن الشَّارِع لم يمضها ولم يقبلها، وَحِينَئِذٍ يُطرح هذا السؤال بأنه هل يمكن إثبات أن الشَّارِع × أمضى هذه النكتة أَيْضاً أم لا؟
 ومثاله الأَوَّل: أَنْ تَكُونَ السِّيرَة الْعُقَلاَئِيَّة قائمة فِي زمن الْمَعْصُوم × عَلَىٰ من استخرج مَعْدِناً من المعادن يتصرف فيه ويتملكه، ولكن المقدار الممارَس آنذاك مِنْ قِبَلِ النَّاس كان مقداراً محدوداً؛ ذَلِكَ لأَنَّ قدراتهم كانت محدودةً، فمن الطبيعي أن المعدن الَّذِي يُراد استخراجه بالأدوات الساذجة والبسيطة مقدار محدود.
 وَحِينَئِذٍ لا نَشُكُّ فِي أن سكوت الْمَعْصُوم وعدم ردعه دليل عَلَىٰ إمضائه لهذا المقدار بالأدلة السابقة الدالة عَلَىٰ أن سكوت الْمَعْصُوم وعدم ردعه يَدُلّ عَلَىٰ الإمضاء والقبول.
 لكن علينا أن ندرس تلك النكتة الذهنية الَّتِي جعلت النَّاس يعتقدون أن من يستخرج المعدن يملكه، فنكتة جواز تصرفهم فِي الشيء أنهم كانوا يرون أنهم يصبحون مالكين بالاستخراج (أي: النكتة عبارة عن الملكية فِي ذهنهم). ثُمَّ إنهم أَيْضاً كانوا يرون أن الملكية مطلقة تشمل كُلّ المقادير الَّتِي يمكن للإنسان أن يستخرجها مِنْ دُونِ أَنْ تَكُونَ الملكيةُ مقيَّدةً بالمقادير المحدودة المتعارفة آنذاك. ولكن لعل الشَّارِع لم تصح عنده نكتة ذاك المقدار الممارس (وهي عبارة عن الملكية) ولا يرىٰ أن المستخِرج يصبح مالكاً له، بل يرىٰ أن استخراج المعدن يجعل المستخرِج جائز التصرف فِي المعدن المستخرَج، ومعلوم أن جواز التصرف شيء والملكية شيء آخر.
 كما نحتمل أن الشَّارِع حتَّى لو أمضى الملكية إِنَّمَا أمضاها بالمقدار المتعارف فِي ذاك اليوم. فهل يمكن أن نثبت إمضاء الشَّارِع لنكتة السِّيرَة وهل يمكن أن نُصَحِّح التطبيقات الحديثة لِلسِّيرَةِ وَالَّتِي هي متأخرة عن زمن الشَّارِع؟
 ومثاله الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ السِّيرَة الْعُقَلاَئِيَّة المعاصرة للمعصوم × قائمة عَلَىٰ أن الحيازة من الغابات والأنهار مُمَلِّكةٌ، وذلك لنكتةٍ عَامَّة مرتكزة فِي أذهان الْعُقَلاَء آنذاك وهي أن حيازة المباحات المنقولة مملِّكة، ولكن حيث كانت قدرات النَّاس الاستخراجية آنذاك محدودة فِي مقادير قليلة من الحيازات فالمقدار الممارَس خارجاً كان عبارة عن الطرق البسيطة اليدوية، كالاحتطاب من الغابة أو الاغتراف من البحر. أَمَّا حيازة مقادير غير محدودة من الغابة أو حيازة مقادير غير محدودة من الماء من البحر لم يكن قد تَحَقُّق فِي زمان الشَّارِع ×، بل حتَّى من قبيل نوع الأموال؛ لأنه كانت هناك أموال لم يكن بإمكان النَّاس أن يحوزونها آنذاك ولم يكونوا ليمتلكوها كالطاقة الكهربائية، أو البترول أو النفط أو الغاز.
 إذن، كانت حدود السِّيرَة آنذاك ضيقة ولكن نكتة السِّيرَة الموجودة فِي ذهنهم كانت أوسع من الحدود الممارسة آنذاك. فهل المقدار الممضى مِنْ قِبَلِ الشَّارِع لِلسِّيرَةِ هو المقدار الممارس المحدود آنذاك فلا يمكننا أن نُفْتِيَ من خلال هذه السِّيرَة بأن استخراج مقادير لا محدودة من المعدن يملك، ولا يمكننا أن نفتي عَلَىٰ أساسها بأن حيازة مقادير لا محدودة من الخشب من الغابة مملكة. أي: الإمضاء يَتُِمّ فقط فِي دائرة الموارد الَّتِي تحققت فِي زمان الْمَعْصُوم ونُفِّذَتْ، أم أن الإمضاء أوسع من ذلك. أي: الإمضاء إمضاء لنكتة السِّيرَة بشكل عَامّ.
 هذا التساؤل له أثار مهم فِي الاِسْتِدْلاِل الفقهي عَلَىٰ السِّيرَة الْعُقَلاَئِيَّة، ولا بد من دراستها وتمحيصها.
 وَحِينَئِذٍ قد يقال هنا بأن سكوت الْمَعْصُوم × وعدم ردعه عن السِّيرَة الْعُقَلاَئِيَّة لا يَدُلّ عَلَىٰ أكثر من ذاك المقدار الممارس مِنْ قِبَلِ النَّاس فِي ذاك الزمان. وَأَمَّا سعة نظر الْعُقَلاَء مِنْ دُونِ أن يقع جريٌ خارجي عَلَىٰ طبقها لا يمكن أن يُستكشف إمضاء الشَّارِع لهذه السعة؛ ذَلِكَ لأَنَّ الإمضاء إِنَّمَا هو بملاك أن هذا لو كان غير جائز شَرْعاً لنهى عنه الْمَعْصُوم ×، ولو ردع × لَوَصَلَ، وحيث أَنَّهُ لم يصل فلم يردع، إذن أمضاه.
 وَمِنَ الْوَاضِحِ أَنَّ الْمَعْصُوم × إذا كان ينهى كان ينهى عن المقدار المجسَّد والممارَس خارجاً. فإذا كان ما يقع خارجاً جائزٌ ولكن النكتة الموجودة فِي ذهن الْعُقَلاَء غير جائزة بسعتها وعموميتها، هنا لا يصح دليلنا السابق لإثبات الإمضاء (وهو أَنَّهُ لو لم يكن راضياً لردع، ولو ردع لوصل)؛ لأَنَّ سعة نظر الْعُقَلاَء عبارة عن مجرد تصورات فِي أذهانهم مِنْ دُونِ أن يجروا عليها ويعملوا بها، فلا يصدق عليها قولنا: >لو لم يكن جائزاً لنهى عنه الْمَعْصُوم ×<؛ فَإِنَّ نهي الْمَعْصُوم × وردعه إِنَّمَا هو فِي مقابل عملٍ غير مرغوب فيه شَرْعاً، وليس النهي عن تصور ذهني لم يتجسد فِي عمل خارجي. والناس لم يتفق آنذاك أن حاز أحدهم بئر نفط مثلاً كي يردع عنه الْمَعْصُوم ×، فسكوته وعدم ردعه لا يَدُلّ عَلَىٰ أن الشَّارِع يمضي حيازة بئرِ نفط كبير؛ فليس الْمَعْصُوم مُكَلَّفاً بالنهي عن التصورات الموجودة فِي ذهن النَّاس.
 وفذلكة هذا القول هي: أن >الردع< وكذلك >السكوت< و>عدم الردع< إِنَّمَا هو عن المقدارِ المُحَقَّقِ من الْعَمَلِ خارجاً وليس عن النكتة والتصورات الذهنية الَّتِي هي أوسع وأعم من المقدار الْعَمَلِيّ الممارس.
 الجواب عنه:
 الواقع أن الأمر يختلف باختلاف الدَّلِيل والمستند فِي إمضاء الشَّارِع لِلسِّيرَةِ، ومن هنا يجب علينا أن نرجع مَرَّة أخرى إلى أبحاثنا السابقة ونستذكرها لنرى أَنَّهُ >ماذا كان دليلنا عَلَىٰ أن الشَّارِع إذا سكت ولم يردع عن سيرة فهو راض؟< إذ أن الأَدِلَّة بعد أن كانت تَدُلُّ عَلَىٰ أَنَّهُ >لو لم يكن الشَّارِع رَاضِياً لردع وحيث أَنَّهُ لم يردع وسكت فهو راض< كانت الأَدِلَّة مختلفة فِي ماهيتها وحقيقتها:
 1)- فَمَثَلاً لو بنينا عَلَىٰ مبنى المحقق الإِصْفِهَانِيّ & (والَّذِي ناقشناه قبل العطلة) من أَنَّنا إذا أحرزنا أن سيرة الْعُقَلاَء قامت عَلَىٰ شيء بما هم عُقلاء فالشَّارِع فِي ضمنهم بل سيدهم، فنحن نحن قد أحرزنا أن الشَّارِع بوصفه عاقلاً متفق معهم، وَإلاَّ فإما أن الشَّارِع × غير عاقل وَإِمَّا أن السِّيرَةَ غيرُ عُقَلاَئِيَّةٍ وكلاهما خلف، وَبِالتَّالِي نحرز أن الشَّارِع بما هو عاقل متفق معهم. يبقى أن الشَّارِع بما هو شارع هل هو متفق معهم أم لا؟ هنا نحتمل أن الشَّارِع بما هو شارع لا يوافقهم كما نحتمل أَنَّهُ يتفق معهم، وَحِينَئِذٍ لا نرتّب الأثر عَلَىٰ احتمال أَنَّهُ مخالف للعقلاء؛ إذ أننا أحرزنا أن الشَّارِع بما هو عاقل وافقهم يقيناً، ولا نترك اليقين ونأخذ بالاحتمال.
 ومن هنا كان يقول +: يكفي عدم إحراز الردع، وليس من الضروري أن نحرز عدم الردع، ونحن ناقشناه وقلنا: إن من الضروري أن نحرز عدم الردع وإن احتمال الردع يكفي فِي هدم السِّيرَة عندنا.
 أقول: لو بنينا عَلَىٰ هذا الدَّلِيل فهو كما يَتُِمّ بِالنِّسْبَةِ إلى المقدار الممارَس عملاً مِنْ قِبَلِ الْعُقَلاَء خارجاً فِي زمن الْمَعْصُوم، كذلك يَتُِمّ هذا الدَّلِيل بِالنِّسْبَةِ إلى النكتة المركوزة فِي أذهان الْعُقَلاَء، فنقول: إن الشَّارِع بما هو عاقل يتفق مع هذه النكتة المركوزة فِي أذهان الْعُقَلاَء، وَإلاَّ لو لم يكن متفقاً معهم فِي هذه النكتة، فإما هو غير عاقل وَإِمَّا أن السِّيرَة غير عُقَلاَئِيَّة. إذن، الإمضاء إمضاء للنكتة أَيْضاً. هذا بناءً عَلَىٰ مبنى الإِصْفِهَانِيّ &.
 2)- وَأَمَّا إن كان الدَّلِيل ما تَقَدَّمَ أَيْضاً من أن الإمام × بوصفه مُكَلَّفاً بالنهي عن المنكر يجب عليه أن ينهي عن السِّيرَة الْعُقَلاَئِيَّة المنكرة الَّتِي تعاصره وتكون عَلَىٰ مرأى ومسمع منه. فَحِينَئِذٍ لعله لا يمكن أن نثبت إمضاء الشَّارِع إلا بالمقدار الَّذِي وقع خارجاً فِي زمن الْمَعْصُوم × لا أكثر؛ لأن ما هو المنكر عبارة عن ما هو واقع خارجاً، أَمَّا التصورات والمرتكزات الذهنية فليست منكراً حتَّى يمنع عنها الإمام ×.
 3)- الدَّلِيل القائم عَلَىٰ أن الشَّارِع أمضى السِّيرَة عبارة عن الدَّلِيل العقلي وهو لحاظ نقض الغرض، حيث كنّا نقول: إن الشَّارِع بوصفه شارعاً وهادفاً وله غرض ومن المستحيل أن ينقض العاقل الملتف إلى غرضه أن ينقض غرضه، إذن لو كان ما قامت السِّيرَة عليه غير مرضي عنده وناقضاً لغرضه فكان المفروض به أن ينهى ويردع، وَإلاَّ فَسَوْفَ يكون سكوته نقضاً لغرضه، ونقض الغرض مستحيل من الشَّارِع ×. وَحِينَئِذٍ (بناءً عَلَىٰ هذا الدَّلِيل) لا يبعد فِي المقام التفصيل بين صورتين:
 الصُّورَة الأولى: عبارة عن أَنَّهُ لو كانت هذه النكتة الموجودة فِي ذهن الْعُقَلاَء تقتضي سعةَ دائرة الْعَمَل فِي المستقبل وكان هذا الاقتضاء مترقَّباً فِي عصر الْمَعْصُوم (أي: كان من المترقب آنذاك أن هذه النكتة الموجودة فِي أذهانهم تُوَسِّع فِي المستقبل دائرةَ الْعَمَل) فالسكوت مِنْ قِبَلِ الشَّارِع × دليل عَلَىٰ إمضائه لهذه النكتة؛ لأَنَّهُ لو لم يكن رَاضِياً لردع عن هذه النكتة، باعتبار أَنَّهُ من المترقَّب أن توجب هذه النكتةُ سعة عمل النَّاس، وَبِالتَّالِي كان من المترقب أَنْ تَكُونَ هذه النكتة ناقضة لغرض الشَّارِع، بينما الشَّارِع لا ينقض غرضه، فكان من المفروض أن يردع وينهى ×، فإذا سكت يكون سكوته دليلاً عَلَىٰ إمضائه لهذه النكتة.
 الصُّورَة الثَّانية: أن نفترض أَنَّهُ لم يكن من المترقب آنذاك أن هذه النكتة الواسعة الموجودة فِي ذهنهم تقتضي فِي المستقبل سعة دائرة الْعَمَل، حِينَئِذٍ لا يَدُلّ سكوت الْمَعْصُوم × وعدم ردعه عَلَىٰ إمضاء هذه النكتة؛ لأَنَّهُ حتَّى لو كانت هذه النكتة توجب نقض غرضه، لكن باعتبار أَنَّهُ لم يكن من المترقب آنذاك أَنْ تَكُونَ هذه ناقضة للغرض، إذن لا يثبت الإمضاء.
 4)- أَنْ يَكُونَ الدَّلِيل عبارة أن الإمام × الْمَعْصُوم يجب عليه تبليغ الأحكام الإلهية للناس وتبيين الحقائق الإسلامية والشرعية للناس، فلذا لو رأى شَيْئاً غير مطابق للشريعة فالمفروض به أن يبينه للناس، فإذا سكت ولم ينه ولم يردع فسكوته يَدُلّ عَلَىٰ إمضائه. والنتيجة أَنَّهُ لا فرق بين المقدار الممارَس خارجاً وبين النكتة المركوزة فِي أذهان النَّاس، كما لا فرق بين أَنْ يَكُونَ اقتضاء النكتة لسعة دائرة الْعَمَل فِي المستقبل مترقَّباً آنذاك وبين ما إذا لم يكن كذلك. فإن فِي كُلّ هذه الفروض يثبت إمضاء الشَّارِع للنكتة أيضاً؛ فَإِنَّ النكتة إن لم تصح فِي نظر الْمَعْصُوم × لردع عنها من باب أَنَّهُ يجب عليه أن يوصل الحقائق الإسلامية وأحكام الإسلام للناس. فسكوته يَدُلّ عَلَىٰ الإمضاء.
 5)- أَنْ يَكُونَ الدَّلِيل عبارة عن ذاك الظُّهُور الْحَالِيّ المتقدم من أن ظاهر حال الإمام × عندما يرىٰ ويسمع بسيرة مِنْ قِبَلِ النَّاس عَلَىٰ شيء مُعَيَّن ويسكت، ظاهر حاله أَنَّهُ راض بتلك السِّيرَة، وَحِينَئِذٍ يَدُلّ السكوت عَلَىٰ الإمضاء حتَّى بِالنِّسْبَةِ إلى النكتة الْعُقَلاَئِيَّة الَّتِي هي أساس الْعَمَل الخارجي للعقلاء؛ لأَنَّ الْمَعْصُوم × حجة الله عَلَىٰ العباد ومُبَلِّغ أحكامه وله مقام التشريع والتصحيح وتغيير ما ارتكز لدى النَّاس من أعرافٍ وتقاليد باطلة.
 ونحن حيث قبلنا بجميع هذه الأَدِلَّة دون الدَّلِيل الأَوَّل الَّذِي قال به الإِصْفِهَانِيّ &، فالنتيجة سوف تكون منصبة عَلَىٰ النكتة المركوزة عُقَلاَئِيّاً، ولا تنصب عَلَىٰ المقدار الممارس عَمَلِيّاً.
 وبهذا نصل إلى نتيجتين ويترتب عَلَىٰ الدَّلِيل الَّذِي اخترنا أمران:
 1)- أن الممضى مِنْ قِبَلِ الشَّارِع لَيْسَ عبارة عن الْعَمَل الصامت، وَإلاَّ فلا يَدُلّ الْعَمَل الصامت عَلَىٰ أكثر من جواز التصرف، بل تثبت الملكية الَّتِي هي حكم وضعي ولا يثبت الجواز فقط الَّذِي هو حكم تكليفي.
 2)- الإمضاء لا يختص بالعمل المباشر عُقَلاَئِيّاً فِي عصر الْمَعْصُوم ×، وَإِنَّمَا إذا كانت النكتة والتصور الْعُقَلاَئِيّ المرتَكَز عند الْعُقَلاَء عن هذا السلوك الخارجي أوسع من حدود السلوك الفعلي لهم، كان الظاهر من حال الْمَعْصُوم × إمضاء هذه النكتة عَلَىٰ امتدادها، إذن فكل التطبيقات الحديثة المتأخرة عن زمن الشَّارِع يثبت إمضاءُ الشَّارِع لها.
 إذن، يثبت جواز التصرف وتثبت الملكية ولكن لَيْسَ فِي المقدار المحدود آنذاك فحسب وَإِنَّمَا فِي الأكثر من ذلك.
 هذا تمام الكلام فِي هذه الجهة الرابعة من جهات البحث عن السِّيرَة ويبقى البحث عن الجهة الخامسة والأخيرة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo