< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

32/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: العامّ /دلالة الدليل/الدليل الشرعي اللفظي/الدليل الشرعي/الأدلة المحرزة/علم الأصول

 كانَ الكلامُ في أن العموم الْمُسْتَفَاد من كلمة «كُلٍّ» هل هو عموم استغراقيّ أم هو عموم مجموعيّ، بعد أن أقصينا عن حسابنا العموم الْبَدَلِيّ بلا إِشْكَال. فقلنا:

 قد يقال بأن مقتضى الأصل هو الأوّل (أي: أن العموم استغراقيّ) لأَنَّ العموم الْمَجْمُوعِيّ بحاجة إلى عناية إضافية وهي عناية توحيد الكثير وتركيب المتكثرات فِي مركب واحد اسمه المجموع، فهذه عناية إضافية يقتضي الإِطْلاَق عدمها.

 وقد يقال بالعكس: بأن مقتضى الأصل هو العموم الْمَجْمُوعِيّ، بأنَّ هذه العناية (عناية توحيد الكثير) أمر لا بُدَّ منه فِي مقام الاستعمال، فإِنَّهُ لا بُدَّ لِلْمُتِكَلِّمِ من أن يستعمل اللَّفظ فِي مفهوم واحد، ولا يمكنه أن يستعمل اللَّفظ فِي مفاهيم عديدة ومعاني عديدة، والأفراد الْمُتِكَثِّرَة بما هي مُتِكَثِّرَة هي فِي الواقع معانٍ عديدة، فلا يمكن استعمال اللَّفظ الواحد فيها معاً، فلا بُدَّ من إعطاء هذه المتكثرات نوعاً من الوحدة كي يصحّ هذا الاستعمال. فالعناية عناية مأخوذة فِي مقام الاستعمال وفي مقام الإثبات ومقتضى التَّطَابُق بين الإثبات والثُّبوت هو أن هذه العناية مُرادةٌ جِدّاً لِلْمُتِكَلِّمِ. أي: العموم مجموعيّ.هذان كَلاَمان.

 وقد تقدّم أَنَّهُ لا بُدَّ من أصل هذه العناية، أي: لا بُدَّ لِلْمُتِكَلِّمِ فِي مقام الاستعمال من توحيد المتكثران وإضفاء نوع من الوحدة وإلباسها نَوْعاً من الوحدة لكي يصحّ استعماله لِلَّفْظِ فِي ذاك الْمَفْهُوم الوحداني. فعناية توحيد الكثير أمر لا بُدَّ منه إلاَّ أن هذه العناية تُتَصَوَّر على نحوين:

النَّحْو الأوّل: أَنْ يَكُونَ توحيد الكثير أمراً أخذ فِي مقام الإثبات ومقام الاستعمال لضرورة الاستعمال فقط وفقط ولا أكثر. أي: الْمُتِكَلِّم فِي مقام الاستعمال باعتبار أَنَّهُ لا يمكنه أن يستعمل اللَّفظ فِي الْمُتَكثّرَات بوصفها متكثرات، فكان مضطراً إلى أن يعتبر هذه المتكثرات أمراً واحداً ويُلبسها ثوبَ الوحدة ويعتبر لها لوناً من الوحدة ويتصور فيها نَوْعاً من الوحدة فيها لكي يتمكن من أن يستعمل اللَّفظ فيها؛ باعتبار أن الأفراد مشتركة فِي صفة واحدة كصفة العلم، وهو يريد أن يعبر عنهم جميعاً بلفظ واحد وهو لفظ «كل»، فلم يكن له خيار غير أن يُلبس هذه الأفراد المتكثرات ثوب الوحدة ويجعلها شيئاً واحداً ويستعمل اللَّفظ فيه.

 إذن هذه عناية، ولكنها من شؤون الاستعمال ومن شؤون إراءة المعنى، وليس لها محكي وراء ذلك فِي الخارج؛ لأَنَّ هذه الصفة المشتركة (= العلم) فِي الأفراد الْمُتِكَثِّرَة ليست قائمة فِي الخارج بمجموع الأفراد، بل هي قائمة بالجميع؛ فَإِنَّ «صفة العلم» قائمة بكل فرد فردٍ بما هو هو ومستقلاً. أي: هذا عالم سَوَاءٌ كَانَ الآخرون علماء أم لا، وذاك عالم أيضاً سَوَاءٌ كَانَ هذا وآخرون علماء أم لا. فصفة العلم ليست قائمة فِي الخارج بمجموع هؤلاء المائة (إذا افترضنا أن مجموعهم مائة عالم)، بحيث إذا كان 99 منهم عَالِماً ولم يكن الأخير عَالِماً يسقط المجموع عن كونها عَالِماً، لا هذا لَيْسَ صحيحاً؛ لأَنَّ صفة العلم قائمة بالجميع لا بالمجموع. فلم تُعطي هذه الصفة توحّداً للأفراد فِي الخارج، بحيث يصيّرهم مركّباً واحداً، وإنَّما توحيد هؤلاء أمر اعتباري اعتبره المستعمِل لضرورة الاستعمال، بعد أن كان مكتوف اليد ولم يكن بإمكانه أن يستعمِل اللَّفظ فِي المتكثرات بما هي مُتِكَثِّرَة.

 فعناية توحيد الكثير هنا ضرورة اِسْتِعْمَالِيَّة لا أكثر، وإلا فلا يوجد وراء هذه الضَّرورة محكيٌّ فِي الخارج (فقد قلنا بأَنَّهُ لا يوجد توحد خارجي بين العلماء، فكل فرد مَوْضُوع مستقلّ). أي: لم تقم صفة العلم بمجموع المائة من العلماء بل قامت بكل واحد واحدٍ من المائة، أي: بالجميع.

 وإذا كانت عنايةُ توحيد الكثير بهذا النَّحْو فالحق مع القول الأوّل، وهو القول بأن مقتضى الأصل هو كون العموم الْمُسْتَفَاد من لفظة «كل» عموماً اِسْتِغْرَاقِيّاً. أي: كل فرد فردٍ مَوْضُوع مستقلّ، وليست هذه العناية مأخوذةً فِي المُراد الْجِدِّيّ لِلْمُتِكَلِّمِ فِي مقام الثُّبوت. نعم هي مأخوذة فِي مقام الإثبات والاستعمال.

لا يقال: إن هذا خلاف أصالة التَّطَابُق بين مقامي الإثبات والثُّبوت.

إذ يقال: بأنَّها أصل عُقَلاَئِيّ يجريه العقلاء عندما كان المأخوذ لا لضرورة الاستعمال وَالتَّعْبِير، بل أخذ فِي مقام الإثبات لأَنَّ له محكياً فِي الخارج وله ما بإزاء فِي الخارج وراء الاستعمال. أَمَّا فيما نحن فيه أخذ فِي مقام الإثبات والاستعمال عناية التوحيد لكن لأجل ضرورة التَّعْبِير فقط. فلا تنطبق أصالة التَّطَابُق المذكور هنا ولا يُشَكِّل أفراد العالم (فِي هذا المثال) مُرَكَّباً واحداً فِي الخارج، نعم وَحَّدَهُم المستعمِلُ اعتباراً لكي يتسنى لهم أن يستعمل كلمة «كُلٍّ» فيهم ويمكنه التَّعْبِير بلفظ واحد. أي: ضرورة تعبيرية وبيانية واستعمالية، وإلا فهم ليسوا واحداً فِي الخارج.

 إذن هذا التركب والتوحد أمر اعتباري محض لضرورة الاستعمال لَيْسَ أكثر، ومثل هذا (أي: التَّطَابُق بين الإثبات وَالثُّبُوت) لا يقتضي حفظَه فِي مقام الثُّبوت والمراد الْجِدِّيّ لِلْمُتِكَلِّمِ. فالحق مع العموم الاستغراقيّ فِي مثل هذا المورد.

النَّحْو الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ هذه العناية (عناية توحيد المتكثرات وتركيبها) مأخوذة فِي الْمَدْلُول الاستعماليّ بمعنى أنَّ هذا التركيب والتوحيد أمر واقعي فِي الخارج، أي: له ما بإزاء خارجاً وليس أمراً اعتباريّاً بَحْتاً مِن قِبَلِ المستعمِل، بل هو أمر واقعي فِي الخارج وراء شؤون الاستعمال وبقطع النَّظَر عن اعتبار المستعمِل وبمعزلٍ عن طروّ الأداة واستعمالها مِن قِبَلِ الْمُتَكَلِّم ولها ما بإزاء خارجاً؛ باعتبار أنَّ الأفراد الْمُتَكَثِّرَة مشتركة فِي صفة واحدة، هذه الصفة قائمة بمجموع الأفراد خارجاً، لا بالجميع. أي: الأفراد الْمُتِكَثِّرَة تشترك فِي عنوان واحد أعطاها نَوْعاً من التوحد والتركب، فأصبحت الأفراد بمجموعها (لا بجميعها) مركزاً لهذا العنوان والصفة، وذلك من قبيل عنوان «الجيش» و«العسكر»، فهذا العنوان قائم بمجموع الجنود والعساكر، والجندي الواحد لَيْسَ جيشاً، بخلاف العالم الواحد فإِنَّهُ عالم والعنوانُ محفوظ فيه. فهذا العنوان فِي الخارج قائم بمجموع الأفراد، أي: قائم فليس قَائِماً بكل فرد فردٍ مستقلاًّ.

 ففرق كبير بين عنوان العالم وبين عنوان الجيش والعسكر؛ حيث لم يعط عنوانُ «العالم» توحّداً وتركّباً لأفراد العالم، بينما العنوان الأخير (الجيش أو العسكر) وحّد الأفراد توحيداً حقيقيّاً، فليس توحيده لضرورة التَّعْبِير وإنَّما هو فِي مرحلة أسبق من التَّعْبِير، حيث يوجد توحد حقيقي وواقعي بين الأفراد.

 فإذا كانت العناية من هذا القبيل، عندما يقول: «أكرم كل الجيش» أو «أكرم كل العسكر» تفيد كلمة «كُلٍّ» العموم الْمَجْمُوعِيّ، فلا يوجد ألف وجوب بعدد الجنود (وهم ألف فرد)، بل الوجوب مجموعيّ.

فالحاصل: أَنَّنَا نفرق بين قوله: «أَكْرِمْ كُلَّ عَالِمٍ» وبين قوله: «أكرم كل العسكر» أو «كل الجيش»؛ فإن مقتضى الإِطْلاَق فِي الأوّل هو أن العموم عموم استغراقيّ؛ وذلك لما قاله صاحب القول الأوّل من أنَّ الْمَجْمُوعِيَّة عناية إضافية وتحتاج إلى بيان زائد ولا يوجد فِي المقام بيان زائد. أي: تحتاجُ عنايةُ توحيد الكثير فِي مرحلة المراد الْجِدِّيّ إلى قرينة ولا قرينة فِي المقام. بينما فِي الثَّانِي «أكرم كل الجيش» مقتضى الأصل هو أن يكون العموم مجموعيّاً؛ لأَنَّ تركب الكثير وتوحّده هناك له محكي خارجاً وراء عالم الاستعمال.

 وفي ضوء ما ذكرناه نستطيع أن نفسر وجهَ الفرق بين دخول «كلٍّ» على المفرد المنكر وبين دخولها على المفرد المُعَرَّف باللام. فهناك فرق بين أن يقول: «اقرأ كل كتاب» وبين أن يقول: «اقرأ كل الكتاب»؛ ففي حالة الأولى تفيد كلمة «كل» العموم الاستغراقيّ، أي: تكون هذه الكلمة ظاهرة فِي أن كل كتاب مَوْضُوع مستقلّ للحكم؛ لأَنَّ الوحدة (وحدة الكتب) ليست إلاَّ حَيْثِيّة اعتبارية محضة خلقها المستعمِل فِي مرحلة الاستعمال ليصح استعمالُه، وإلا فهذه الوحدة لَيْسَ لها ما بإزاء فِي الخارج. أي: لَيْسَ لمجموع الكتب وحدة واقعية فِي مرحلة سابقة على الاستعمال وفي مرحلة سابقة على دخول الأداة عليها، ولذا فلو قرأ كتاباً ولم يقرأ كتاباً آخر يكون ممتثلاً لحكم وعاص لحكم آخر.

 بينما فِي الحالة الثَّانية عندما يقول: «اقرأ كل الكتاب» تفيد كلمة «كُلٍّ» العمومَ الْمَجْمُوعِيّ بلحاظ الأجزاء، أي: كل صفحات هذا الكتاب. أي: يوجد حكم واحد موضوعه مجموع صفحات هذا الكتاب، وليس هناك أحكاما عديدة بعدد أجزاء وصفحات الكتاب، بحيث إذا قرأ 99 صفحة من مجموع 100 صفحة، لا يكون ممتثلاً، لا لَيْسَ كذلك؛ لأَنَّهُ لم يكن هناك إلاَّ حكم واحد تعلّق بقراءة مجموع هذه المائة، فلو لم يقرأ المجموع لم يمتثل هذا الحكم.

 فالعموم هنا مجموعيّ؛ لأَنَّ هذا المجموع له وحدة حقيقة وبقطع النَّظَر عن اعتبار المستعمِل ودخول الأداة، لأَنَّ هذه الصفحات المائة أعطت الكتاب توحداً فهو كتاب واحد رغم أَنَّهُ مائة صفحة.

 هذا فرق نجده وهذا الفرق نفسره بما قلناه. ومنشأ هذا الفهم وهذا الظُّهُور فِي هَاتَيْنِ الحالتين هو قلناه من أنَّ حَيْثِيّة اجتماع الأفراد فِي الحالة الأولى (اقرأ كل كتاب) اعتبارية محضة نشأت من ضرورة عالَم الاستعمال، أي: المستعمِل أعطى وحدةً لهذه الكتب، وإلا فهي ليست لها وحدة. ولذا فأصالة التَّطَابُق لا تقتضي أَنْ تَكُونَ هذه مُرادة جِدّاً لِلْمُتِكَلِّمِ. وهذا بخلاف الحالة الثَّانية، حيث أن الحيثية الوَحْدَوِيّة فيها ليست اعتبارية، بل هي تشكل أجزاء لمركب واحد، فالعناية موجودة هنا بِقَطْعِ النَّظَرِ عن لحاظ المستعمل، ولذا تقتضي أصالة التَّطَابُق أَنْ تَكُونَ مُرادة جِدّاً.

 إذن، فالأصل فِي كلمة «كُلٍّ» حينما تأتي لإفادة العموم الأَفْرَادِيّ الاستغراقيةُ، كما فِي «اقرأ كل كتاب» و«أَكْرِمْ كُلَّ عَالِمٍ»، وحينما تأتي لإفادة العموم الأَجْزَائِيّ فالأصل فيها الْمَجْمُوعِيَّةُ مثل «اكتب كل الدرس» أو «اقرأ كل الكتاب».

 ومما لعلّه يؤيد هذا التمييز الَّذي ذكرناه بين مدلولي «كلٍّ» ويشهد له، ما ذكره النُّحَاة واتفق عليه علماء الْعَرَبِيَّة من أن «كلّ» بلحاظ اللَّفظ مفرد مذكر، أَمَّا بلحاظ المعنى (أي: بلحاظ المدخول) فيختلف الأمر من حيث التذكير والتأنيث ويختلف أيضاً من حيث الإفراد والتثنية والجمع، فذكروا أنّ لفظة «كلٍِّ» إذا دخلت على النَّكِرَة كانت تابعة لمدخولها من حيث الإفراد أو الجمع، ومن حيث التذكير أو التأنيث، ولا تتبع نفسَها. كقوله تعالى: «كل نفس بما كسبت رهينة»[1] فلو كان يراعى لفظ كل كان يقول: «كل نفس بما كسبت رهين»، وكقوله: «لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه»[2] ، وكقوله: «وهَمَّتْ كل أمة برسولهم ليأخذوه»[3] باعتبار أن الأمّة جاءت جمعاً، وإلا فلو كانت بلحاظ نفس كلمة «كل» كان المفروض أن يقول: «وهمت كل أمة برسولهم ليأخذه»، وكالآيات التالية: «قد علم كل أناس مشربهم»[4] ، «ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلمون»[5] «يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضَراً»[6] ، «وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها»[7] ، «كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم»[8] ، «وكذلك جعلنا فِي كُلّ قرينة أكابر مجرميها ليمكروا فيها»[9] ، «ولا تكسب كل نفس إلاَّ عليها»[10] ، «لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة»[11] ، «وكل إنسان ألزمنا طائره فِي عنقه»[12] ، «يوم ندعو كل أناس بإمامهم»[13] ، «ثم لننزعنّ من كل شيعة أيهم أشد على الرحمان عتياً»[14] ، «يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمَّا أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملَها»[15] ، «كل حزب بما لديهم فرحون»[16] . هذا إذا دخلت كلمة «كُلٍّ» على النَّكِرَة.

 أَمَّا إذا دخلت على المعرفة فجاز فيها الوجهان، أي: يجوز أن نراعي لفظَ «كلٍّ»، أي: يُتعامل معه كفرد مذكر، ويجوز أن نلاحظ معناه (أي: مدخوله). فبلحاظ لفظه يجوز الإفراد والتذكير للضمير الَّذي يرجع إلى «كلٍّ»، رغم أن معناه ومدلوله جمع مثلاً أو مؤنث. فمثلاً يجوز أن نقول: «كل الأمّة يؤمن بالله» (أي: نراعي لفظَ «كلٍّ)، كما يجوز أن نراعي المعنى ونقول: «كل الأمّة تؤمن بالله»، بينما فِي الفرض الأوّل لا يوجد إلاَّ وجه واحد. وأيضاً يمكننا أن نقول: «كل الأمّة يؤمنون بالله» (بلحاظ معنى «كلٍّ» ومدخوله).

 هذا ما قاله النُّحَاة وعلماء الْعَرَبِيَّة وهذا مؤيِّد لما قلناه من التمييز بين ظهور «كُلٍّ» فِي الحالة الأولى (وهي حالة دخوله على النَّكِرَة) وظهور «كُلٍّ» فِي الحالة الثَّانية، حيث قلنا إن دخول «كُلٍّ» فِي الأولى (على النَّكِرَة) ظاهر فِي العموم الاستغراقيّ للأفراد وَالَّذِي لا يُلحظ فيه توحّد الأفراد الْمُتِكَثِّرَة إلاَّ فِي مرحلة الاستعمال وَالتَّعْبِير فحسب، كما أن دخول «كُلٍّ» فِي الثَّانية (على المعرفة) يجعله ظاهراً فِي العموم الْمَجْمُوعِيّ وَالَّذِي يُلحظ فيه توحّد المتكثرات وانصباب الحكم على مَوْضُوع واحد وهو المجموع، ولذلك لا تكون «كُلٍّ» تابعة لمدخولها، وإنَّما يجوز لحاظ لفظها فِي المفرد المذكر حتّى وإن لم يكن مدخولها مُفْرداً مذكراً كما قلنا، مثلاً يجوز له أن يقول: «كل الأمّة يؤمن بالله تعالى».

 هذا تمام الكلام فِي الجهة الرَّابعة من جهات البحث عن كلمة «كُلٍّ»، وبهذا تَمَّ الكلام عن هذه اللفظة وهي الأداة الأولى من أدوات العموم وألفاظها، وبعد ذلك ننتقل إن شاء اللٰه تعالى إلى الأداة الثَّانية من أدوات العموم وهي «الجمع المحلى بِاللاَّم». إعداد وتقرير: الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه.

[1] - سورة المدثر (74): الآية 38.

[2] - سورة عبس (80): الآية 37.

[3] - سورة غافر (40): الآية 5.

[4] - سورة البقرة (2): الآية 60 وسورة الأعراف (7): الآية 160.

[5] - سورة البقرة (2): الآية 281، وسورة آل عمران (3): الآية 161، ووردت «كل نفس ما كسبت» فِي موضعين آخرين أيضاً هما: سورة آل عمران (3): الآية 25، وسورة إبراهيم عليه السلام (14): الآية 51.

[6] - سورة آل عمران (3): الآية 30.

[7] - سورة الأنعام (6): الآية 25 وسورة الأعراف (7): الآية 146.

[8] - سورة الأنعام (6): الآية 108.

[9] - سورة الأنعام (6): الآية 123.

[10] - سورة الأنعام (6): الآية 164.

[11] - سورة الأعراف (7): الآية 34 وسورة يونس عليه السلام (49): الآية 49.

[12] - سورة الإسراء (17): الآية 13.

[13] - سورة الإسراء (17): الآية 71.

[14] - سورة مريم عليها السلام (19): الآية 69.

[15] - سورة الْحَجّ (22): الآية 2.

[16] - سورة المؤمنين (23): الآية 53 وسورة روم (30): الآية 32.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo