< فهرست دروس

الاستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الاصول

31/11/08

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مفهوم الشرط / تنبيهات مفهوم الشرط / التنبيه الثامن: تعدد الشرط واتحاد الجزاء في دليلين

كان الكلام في الأمور التي أوردها سيدنا الأستاذ الشهيد على كلام السيد الأستاذ الخوئي ره، فوصلنا إلى الإيراد الثاني. وقسمنا الإيراد الثاني إلى تعارضين، ذكرنا التعارض الأول بالأمس، وبقي التعارض الثاني نذكره في العنوان التالي:

ثانيهما: تعارض منطوق قوله: «إن خفي الجدار فقصّر» مع مفهوم قوله: «إن خفي الأذان فقصّر»، فإن عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان وإن خفي الجدار يتنافى مع وجوبه عند خفاء الجدار، وكأنه ره افترض أن الظهور الثالث الخارج عن دائرة هذا التعارض رغم أن رفع اليد عنه يرفع التعارض عبارة عن منطوق قوله: «إن خفي الأذان فقصّر»، فإن وجوب القصر عند خفاء الأذان لا يتنافى لا مع وجوبه عند خفاء الجدار ولا مع عدم وجوبه عند عدم خفاء الأذان، بالرغم من أنه لو رفع اليد عنه وحمل على أنه جزء العلة لوجوب القصر يرتفع التعارض بين المتعارضين المذكورين. هذا ما يفترضه السيد الأستاذ الخوئي ره.

وحينئذ نقول في مقام التعليق عليه: إن تطبيق القانون العام المذكور على هاتين الجملتين الشرطيتين في المقام غير صحيح، وذلك:

أولاً: لعدم وجود ظهور ثالث خارج عن دائرة التعارض فيما نحن فيه وذلك لأننا قلنا - عندما كنا نتحدث في المقطع الثاني من كلام المحقق النائيني ره - إن التعارض بالأصالة وإن كان بين منطوق كل من الجملتين ومفهوم الجملة الأخرى، أي: بين الإطلاق الواوي لكل جملة والإطلاق الأوي للجملة الأخرى، إلا أن هذا التعارض يسري إلى أحشاء كل من الجملتين بين إطلاقها الواوي والأوي أيضاً، للتلازم بين الشرطين المذكورين في الجملتين من حيث التمامية والجزئية كما تقدم مفصلاً، وعليه فإذا لاحظنا التعارض الأول من التعارضين المتقدمين آنفاً رأينا أن ما افترضه السيد الأستاذ الخوئي ره خارجاً عن دائرة هذا التعارض - وهو منطوق قوله: «إن خفي الجدار فقصّر» - داخل في هذا التعارض وليس خارجاً عنه، لسراية التعارض إليه من مفهومه المعارض مع منطوق قوله: «إن خفي الأذان فقصّر»؛ لأن مفهومه الدال على عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الجدار يقتضي كون خفاء الأذان جزء علة، ومن الواضح أن هذا يلازم كون خفاء الجدار أيضاً جزء علة، وإلا لغت شرطية خفاء الأذان - كما تقدم - وهذا يعني أن ما يعارض منطوق قوله: «إن خفي الأذان فقصّر» يعارض منطوق قوله: «إن خفي الجدار فقصّر» أيضاً.

إذن، أصبح ما افترضه ره خارجاً عن التعارض داخلاً فيه. كما أننا إذا لاحظنا التعارض الثاني من التعارضين المتقدمين آنفاً رأينا أن ما افترضه ره خارجاً عن دائرة هذا التعارض - وهو منطوق قوله: «إن خفي الأذان فقصّر» - داخل في هذا التعارض وليس خارجاً عنه، لسراية التعارض إليه من مفهومه المعارض مع منطوق قوله: «إن خفي الجدار فقصّر»؛ لأن مفهومه الدال على عدم وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان يقتضي كون خفاء الجدار جزء علة، وهذا يلازم كون خفاء الأذان أيضاً جزء علة، وإلا لغت شرطية خفاء الجدار، وهذا يعني أن ما يعارض منطوق قوله: «إن خفي الجدار فقصّر» يعارض منطوق قوله «إن خفي الأذان فقصّر» أيضاً. إذن، أصبح ما افترضه ره خارجاً عن التعارض داخلاً فيه.

وثانياً: لعدم كون رفع اليد عن هذا الظهور الثالث موجباً لارتفاع التعارض وذلك لأننا حتى لو قطعنا النظر عما قلناه من سراية التعارض إلى داخل كل جملة بين منطوقها ومفهومها، أي: بين إطلاقها الواوي وإطلاقها الأوي، وبالتالي افترضنا مع السيد الأستاذ الخوئي ره وجود ظهور ثالث في المقام خارجٍ عن دائرة التعارض وأجنبي عنهما، فإنه مع ذلك لا يتم ما أفاده ره من أننا لو رفعنا اليد عن هذا الظهور الثالث ارتفع التعارض، بل رفع اليد عنه لا يؤثر في رفع المعارضة.

توضيحه: أن الظهور الثالث الذي افترضه ره خارجاً عن دائرة التعارض الأول هو منطوق قوله: «إن خفي الجدار فقصّر»، ونحن حتى لو رفعنا اليد عن إطلاق هذا المنطوق وقيّدناه بـ«الواو» وحملناه على أن خفاء الجدار جزء العلة لوجوب القصر، فسوف لا يؤثر ذلك في رفع التعارض بين منطوق قوله: «إن خفي الأذان فقصّر» ومفهوم قوله: «إن خفي الجدار فقصّر»؛ لأن حمله على أن خفاء الجدار جزء العلة لوجوب القصر لا يستلزم أن يكون خفاء الأذان أيضاً جزء العلة؛ لأن المفروض أننا قطعنا النظر عن التلازم بين الشرطين من حيث التمامية والجزئية - وإلا لثبتت السراية ورجعنا إلى الجواب الأول - وعليه فسوف يبقى التعارض المذكور؛ لأن قوله: «إن خفي الأذان فقصّر» يدل على أن خفاء الأذان علة تامة لوجوب القصر، ومفهوم قوله: «إن خفي الجدار فقصّر» يدل على عدم تحقق علة وجوب القصر عند عدم خفاء الجدار، فيتعارضان رغم أننا قد رفعنا اليد عن إطلاق هذا المنطوق الذي افترضه السيد الأستاذ الخوئي ره خارجاً عن دائرة التعارض، فحتى لو فرض أنه لا إطلاق فيه لكان التعارض المذكور باقياً كما هو واضح.

هذا بالنسبة إلى التعارض الأول، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعارض الثاني؛ فإن الظهور الثالث الذي افترضه السيد الأستاذ الخوئي ره خارجاً عن دائرة هذا التعارض هو منطوق قوله: «إن خفي الأذان فقصّر»، ونحن حتى لو رفعنا اليد عن إطلاق هذا المنطوق وقيدناه بـ«الواو» وحملناه على أن خفاء الأذان جزء العلة لوجوب القصر، فسوف لا يؤثر ذلك في رفع التعارض بين منطوق قوله: «إن خفي الجدار فقصّر»، ومفهوم قوله: «إن خفي الأذان فقصّر»؛ لأن حمله على أن خفاء الأذان جزء العلة لوجوب القصر لا يستلزم أن يكون خفاء الجدار أيضاً جزء العلة، إذ المفروض عدم التلازم. وعليه فسوف يبقى التعارض المذكور؛ لأن قوله: «إن خفي الجدار فقصّر» يدل على أن خفاء الجدار علة تامة لوجوب القصر، ومفهوم قوله: «إن خفي الأذان فقصّر» يدل على عدم تحقق علة وجوب القصر عند عدم خفاء الأذان، فيتعارضان رغم رفع اليد عن إطلاق المنطوق الذي افترضه ره خارجاً عن التعارض، فحتى لو لم يكن فيه إطلاق لكان التعارض المذكور باقياً.

هذا تمام الكلام في الأمر الثاني الذي أورده سيدنا الأستاذ الشهيد رضوان الله عليه على كلام السيد الأستاذ الخوئي ره.

الثالث: أن ما أفاده ره من تقدم منطوق كل من الجملتين على مفهوم الجملة الأخرى بنكتة الأخصية بيان مستقل في حد نفسه بلا حاجة إلى ذاك القانون العام والضابط الكلي الذي ذكره.

ولكن هذا البيان المستقل أيضاً غير صحيح في المقام حتى لو غضضنا النظر عن كل ما تقدم؛ لأن النسبة بين منطوق كل منهما ومفهوم الأخرى ليست عبارة عما قاله ره من نسبة الخاص إلى العام، فليست النسبة هي العموم والخصوص المطلق، بل النسبة هي العموم والخصوص من وجه، وهذا ما نشرحه إن شاء الله غداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo