< فهرست دروس

الاستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الاصول

31/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مفهوم الشرط / تنبيهات مفهوم الشرط / التنبيه الثامن: تعدد الشرط واتحاد الجزاء في دليلين

وأما إن كان كلام المحقق النائيني ناظراً في المقطع الأول من كلامه إلى بيان ضابط كلي في الموارد التي تتعارض فيها جملتان شرطيتان من هذا القبيل - أي: شرطهما متعدد وجزاؤهما واحد - وتتساقط الأصول اللفظية، فيرد عليه أن الأصل العملي لا يقتضي دائماً عدم ثبوت الجزاء عند وجود أحد الشرطين دون الآخر، بل قد يقتضي عدم ثبوته وذلك فيما إذا كان الجزاء حكماً إلزامياً، وقد يقتضي ثبوته وذلك فيما إذا كان حكماً ترخيصياً. هذا تمام الكلام في المقطع الأول.

2)- المقطع الثاني: هو الإشكال الذي أورده المحقق النائيني ره على نفسه وأجاب عنه بما تقدّم، وكان حاصل الإشكال وجود مرجّح للإطلاق الواوي وهو تقدمه على الإطلاق الأوي رتبةً، فيتعيّن بقاؤه، ويسقط الإطلاق الأوي ويتقيّد الشرط المذكور في كل من الجملتين بـ«أو» وتكون النتيجة أن كلاً من الشرطين علّة تامة مستقلة لوجوب القصر، وكان حاصل جوابه ره عنه هو أن الإطلاق الواوي وإن كان متقدماً رتبةً لكنه ليس مرجّحاً له ولا يوجب تعيّنه للبقاء وتعيّن الإطلاق الأوي للسقوط؛ لأن الموجب لتعارضهما هو العلم الإجمالي بكذب أحدهما، ونسبة هذا العلم إلى كل منهما على حد سواء، فلابد من تساقطهما رغم الطولية بينهما في الرتبة.

ونحن بالنسبة إلى هذا المقطع من كلامه ره نريد أن نعرف:

أولاً: أن الإشكال المذكور هل هو تام في نفسه وبقطع النظر عن جواب المحقق النائيني ره؟ بمعنى أن الطولية في الرتبة هل هي ثابتة حقاً بين الإطلاقين؟ وثانياً أن جواب المحقق النائيني ره عن الإشكال المذكور هل هو تام؟ بمعنى أنه على تقدير التسليم بالطولية في الرتبة بين الإطلاقين هل يبقى العلم الإجمالي بكذب أحدهما على حاله وتكون نسبته إلى كل منهما على حد سواء أم أن هذا العلم الإجمالي ينحلّ حينئذ؟

أما بالنسبة إلى السؤال الأول فقد يقال: إن الإشكال المذكور غير تامّ في نفسه وبقطع النظر عن جواب المحقق النائيني ره، ولا موضوع ولا أساس له أصلاً، ومعه فلا يكون جواب المحقق النائيني ره وارداً أبداً؛ فإن الإطلاقين الطوليين لا تعارض بينهما، والإطلاقان المعارضان لا طولية بينهما. فالإشكال يستبطن الخلط بين مورد الطولية ومورد التعارض، بينما أحدهما غير الآخر.

توضيحه: أن الإطلاقين الطوليين إنما هما الإطلاق الواوي والإطلاق الأوي في داخل جملة شرطية واحدة. فمثلاً في جملة: «إن خفي الأذان فقصّر» توجد طولية بين إطلاقها الواوي الذي يُثبت التمامية وإطلاقها الأوي الذي يثبت الانحصار، ضرورةَ أن إثبات انحصار علة وجوب القصر في خفاء الأذان إنما هو في طول إثبات العلية التامة لخفاء الأذان، بالنسبة إلى وجوب القصر، فكون شيء علة منحصرة هو فرع كونه علة تامة لا جزء علة؛ فنحن إذا لاحظنا جملة شرطية واحدة لرأينا الطولية بين إطلاقها الواوي - أي: إطلاق منطوقها - وبين إطلاقها الأوي الذي يثبت المفهوم لها، ومن الواضح أن هذين الإطلاقين الطوليين لا تعارض بينهما أبداً؛ إذ أي تعارض وتنافٍ بين كون خفاء الأذان علة تامة لا جزء علة وبين كونه علة منحصرة؟! بل إن طوليتهما بالمعنى المتقدم تنفي تعارضهما كما هو واضح، وإنما التعارض بين الإطلاق الواوي لكل جملة وبين الإطلاق الأوي للجملة الأخرى.

فالإطلاق الواوي لجملة «إن خفي الأذان فقصّر» أي: إطلاق منطوقها الذي يثبت كون خفاء الأذان علة تامة لوجوب القصر يعارض الإطلاق الأوي لجملة: «إن خفي الجدار فقصّر» الذي يُثبت الانحصار والمفهوم لها ويدل على أنه إن لم يخف الجدار لا يجب القصر وإن خفي الأذان، وكذلك العكس. ومن الواضح أن هذين الإطلاقين المتعارضين لا طولية بينهما أبداً؛ فإن كون خفاء الجدار علة منحصرة ليس في طول كون خفاء الأذان علة تامة كما هو واضح.

إذن، فالإشكال فَرَض التعارضَ بين الإطلاق الواوي للقضية وإطلاقها الأوي؛ لأن هذين الإطلاقين هما الطوليان، بينهما التعارض ليس بين هذين، بل بين الإطلاق الواوي للقضية والإطلاق الأوي للقضية الأخرى، وهذان لا طولية بينهما.

وعليه، فلا يبقى للإشكال موضوع، ولا يكون جواب المحقق النائيني ره عنه موجَّهاً؛ فإن ما فيه التعارض ليس فيه الطولية، وما فيه الطولية ليس فيه التعارض. هذا ما قد يقال، ولكنه غير تام؛ لما سنذكره غداً إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo