< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

31/01/19

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مفهوم الشَّرْطِ/البحوث اللُّغَوِيَّة الاكتشافية/دلالة الدليل/الدليل الشرعي اللفظي/الدليل الشرعي/الأدلة المحرزة/علم الأصول

 كانَ الكلامُ فِي ما أفاده المُحَقِّق الْعِرَاقِيّ فِي وجه كون الرَّبْط اللُّزُومِيّ الْعِلِّيّ الاِنْحِصَارِيّ مُسْلِماً ولو ارتكازاً عِنْدَ الْجَمِيعِ، سواء القائلون بالمفهوم أم المنكرون لِلْمَفْهُومِ. وكان حاصل ما قاله فِي وجه ذلك: أن الجميع قالوا فِي باب المطلق والْمُقَيَّد المثبِتين كقوله: «اعتق رقبة» وقوله: «اعتق رقبة مؤمنةً» بحمل المطلق على المقيَّد فيما إذا عُلم بأن الحكم المجعول فِي كلا الدَّلِيلَيْنِ واحد ولم يُحتمل تَعَدُّده، فيحكم بوجوب عتق خصوص الرقبة المؤمنة، ولا وجه لذلك سوى أن انْتِفَاء القيد (كالإيمان فِي المثال) موجب لانتفاء الحكم المذكور فِي الدَّلِيل المقيَّد، وبما أن المفروض هو العلم بوحدة الحكم المذكور فِي الدَّلِيل المطلق والحكم المذكور فِي الدَّلِيل المقيَّد، وعدم احتمال وجود حكمين أحدهما مطلق والآخر مقيَّد بالإيمان، إذن فهذا يعني أَنَّهُ بِانْتِفَاءِ الْقَيْدِ المذكور فِي الدَّلِيل المقيَّد يَنْتَفِي الحكم المذكور فِي الدَّلِيل المطلق، وهذا هو حمل المطلق على المقيَّد، ولا وجه لانتفاء الحكم المذكور فِي الدَّلِيل المقيَّد عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقَيْدِ بعد أن نكروا مفهوم الوصف سوى أن القيد علّة تامَّة منحصرة لِشَخْصِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي الدَّلِيل المقيَّد.

 وبهذا تصحّ حينئذٍ دعوى استحالة ثبوت الحكم بعد انْتِفَاء موضوعه، وإلا فلا يكفي فِي ثبوت حمل المطلق على المقيِّد مجرّد دعوى انْتِفَاء الحكم بِانْتِفَاءِ الْقَيْدِ نظراً إلى أن استحالة ثبوت الحكم مع انْتِفَاء موضوعه عقلاً؛ وذلك لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْضُوعُ علّة منحصرةً للحكم لما استحال ثبوت الحكم عند انْتِفَاء الْمَوْضُوعِ؛ لإمكان قيام علّة أخرى مقامه. فيثبت الحكم رغم انْتِفَاء ذاك الْمَوْضُوع، وبالتَّالي لم يكن هناك وجه لحمل المطلق على المقيَّد، بل كان لا بُدَّ من أن نأخذ بالمطلق والْمُقَيَّد معاً.

 إذن، فقد اتَّضَحَ أن القيد والشرط والغاية ونحوها إِنَّمَا هي من قبيل العلّة المنحصرة، فلا محالة يثبت الاِنْتِفَاء عِنْدَ الاِنْتِفَاءِ(

[1] )

؛ فَإِنَّ كان الْمُعَلَّقُ عليه سنخ الحكم ثبت الْمَفْهُوم؛ لانْتِفَاءِ سنخ الحكم بانتفاء العلّة المنحصرة، وإن كان الْمُعَلَّق عليه شخص الحكم فلا يلزم من انْتِفَاء العلّة المنحصرة سوى انْتِفَاء شخص الحكم، ولا يثبت الْمَفْهُوم.

 وبالجملة فَالْعِلِّيَّةُ المنحصرة مسلَّمة عندهم كما يظهر منهم فِي باب المطلق والْمُقَيَّد، فلا يبقى فِي ما نحن فيه (أي: فِي بحوث الْمَفَاهِيم) ما نبحث عنه سوى أن الْمُعَلَّق هل هو شخص الحكم أم سنخه؟

 هذا ما يقوله المُحَقِّق الْعِرَاقِيّ.

أقول: ما أفاده رحمه الله من كون ملاك حمل المطلق على المقيَّد هو العلم بوحدة الحكم المقصود منهما، ومع عدم العلم بذلك لا يحمل المطلق على المقيَّد، هو ما جرى عليه المُحَقِّق الخُراسانيّ رحمه الله ومدرسته ومنهم المُحَقِّق الْعِرَاقِيّ رحمه الله، دون ما جرى عليه المُحَقِّق النائيني رحمه الله ومدرسته.

 وَكَيْفَ كَانَ فقد عرفتَ أن للمحقق الْعِرَاقِيّ رحمه الله فِي المقام دعاوي أربع، والتَّحقيق عدم تماميّتها كما تقدّم بالأَمْسِ.

[1] - لا يخفى أن ما نحن بصدد إثباته بناءًا على ضَابِط الْمَفْهُوم فِي الرَّأْي المشهور هو كون الوصف مثلاً علّة منحصرة للحكم، وحينما نبحث عن أن الوصف هل هو علّة منحصرة للحكم أم لا؟ نقصد بالحكم (طبعاً) ذات الحكم من دون أخذ الوصف فيه، أي: ذات وجوب عتق الرقبة المذكور فِي قوله مثلاً: «اعتق رقبةً مؤمنةً»، لا وجوب عتق الرقبة المؤمنة؛ إذ لولا تجريد الحكم عن وصف الإيمان لا معنى للبحث عن أن الإيمان هل هو علّة منحصرة للحكم أم لا؟ كما هو واضح. وأمّا مقصودهم من الحكم فِي باب المطلق والْمُقَيَّد حيث قالوا: إِنَّه مع العلم بوحدة الحكم يقع التَّنَافِي بين المطلق والْمُقَيَّد المثبتين ويحمل المطلق على المقيَّد؛ فهو الحكم بكل ما له من قيود الْمَوْضُوع أو الْمُتَعَلَّق، فلا يجرد من قيد الإيمان مثلاً، وَمِنَ الْوَاضِحِ أَنَّ الحكم الواحد إما هو متقوّم بقيد الإيمان كما هو الْمُسْتَفَاد من الدَّلِيل المقيِّد (أي: قوله مثلاً: «اعتق رقبةً مؤمنةً») ولا يمكن التقوّم به وعدم التقوّم به فِي آنٍ واحد، فيقع التَّنَافِي بين الدَّلِيلَيْنِ، إذن فمسألة حمل المطلق على المقيِّد لا ربط لها بما نحن فيه أصلاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo