< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

41/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاُصول العملية/حديث الرفع /فقه الحديث

 

البحث عن فقه الحديث على جهات واحدة منها قد بحثناها سابقاً وهي أن رفع الحكم هل يستلزم رفع الملاك أو لا؟ وقد ذكرنا بناءً على رأينا أنّ ملاك الحكم باقٍ رغم ارتفاع الحكم الواقعي.

ومن المناسب أن نبحث جهة اُخرى لها تأثير على بحث قرينية السياق، وهي كيف ينسب الرفع في فقرات الحديث الاُخرى إلى النسيان أو إلى ماضطروا إليه أو ما اُكرهوا عليه.

وفي هذا البحث وقع التشويش في بحث الاصحاب فقد ذهب الشيخ الأعظم رحمه الله إلى أن الشيء المرفوع مقدر ـ أي هو موجود في المراد الجدي ولكنه يذكر في الكلام ـ وهو المؤاخذة أو مطلق آثار الإكراه أو الإضطرار أو بعض الآثار أو غير ذلك مما اختلف الاصحاب في توجيهه.

وذهب المحقق النائيني رحمه الله إلى أنّ الرفع تعلق بهذه الأشياء (ما اضطروا إليه وما اُكرهوا عليه ..) لا في عالم التكوين وإنّما في عالم التشريع فيكون الرفع تشريعياً لا تكوينياً فلم يجعلها الشارع موضوعاً لحكمه وتشريعه. وجملة من المحققين ادعوا بأنّ الرفع هنا تنزيلي وليس حقيقياً فوقع الخلط في كلماتهم بين الرفع التشريعي والتنزيلي.

واُستاذنا الشهيد رحمه الله قال يمكن أن نصور العناية المأخوذة في هذا الحديث بأحد وجوه ثلاثة:

الوجه الأول: أن تكون هي عناية التقدير فالرفع والمرفوع حقيقياً لكنه لم يتعلق بالوجود التكويني للإضطرار والإكراه وإنما تعلق بشيء مقدر.

الوجه الثاني: أن تكون العناية بالرفع فيقصد به الرفع الاعتباري التشريعي لنفس هذه الامور الذي مرجعه إلى نوع من التنزيل والاعتبار مماثل لما يقال في حكومة دليل على دليل برفع الموضوع اعتباراً مثل (لا ربا بين الوالد وولده) و (لا شك لكثير الشك) فالمراد بلا ربا هو رفع تنزيلي للربا، والربا وإن كان موجوداً حقيقةً لكن الشارع يعتبره ليس بربا وينزله منزلة العدم. وهذه حكومة في عقد الموضوع لا في عقد المحمول فالشارع تصرف في موضوع الحكم تصرفا اعتبارياً فاعتبره ليس بربا فصار حاكماً على دليل حرمة الربا نتيجة تصرفه بالموضوع.

الوجه الثالث: أن يقصد عكس الوجه الثاني أي حكومة في عقد المحمول فالرفع تعلق بالوجود التشريعي لهذه الاشياء وهو مشابه لحديث (لا رهبانية في الإسلام) فمن يتعبد في صومعة فهو قد حقق الرهبانية في الوجود الخارجي ولكن الحديث رفع وجودها في عالم التشريع وهذا تصرف في الحكم لا في الموضوع، وينطبق ذلك على حديث (لاضرر ولا ضرار) ـ بناء على أحد تفاسير هذا الحديث ـ أي لا وجود للحكم الضرري في عالم التشريع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo