الموضوع: الاُصول العملية/حديث الرفع /شمول حديث الرفع للشبهات الحكمية والموضوعية

ما تقدم من الكلام حول قرينية السياق لاختصاص حديث الرفع بالشبهات الموضوعية وجواب اُستاذنا الشهيد رحمه الله كان في إطار حمل الرفع في الحديث على الرفع الظاهري، أي أنّ الحكم الواقعي لا يرفع وإنما ترفع المسؤولية اتجاهه، فالمراد الاستعمالي والمراد الجدي في تمام فقرات الحديث واحد وهو رفع الثقل والمسؤولية اتجاه (ما الموصولة المبهمة) التي انصبت على مصاديق مختلفة كـ (العلم) تارة وعلى (الاضطرار) تارة ثانية وعلى (الاكراه) تارة اُخرى.

إنّ ظهور حديث الرفع مبدئياً في الرفع الواقعي وبدون تطعيمه بالظاهرية لا في نفس الرفع ولا في متعلق الرفع يكفي لشمول الشبهات الحكمية والموضوعية معاً ولكن يصح ذلك إن وجدنا طريقة نتخلص بها من الإشكاليات التي طرحت على الرفع الواقعي كالإشكال الثبوتي من كون الرفع الواقعي يستلزم توليد العلم لموضوعه أو الإشكال الإثباتي من لزوم التغاير في متعلق العلم والرفع الذي هو خلاف ظاهر الحديث، وقد تخلصنا من تلك الاشكالات حيث ذكرنا أربعة احتمالات لمتعلق الرفع والعلم ورأينا أن الاحتمال الأول والرابع لا يتخلصان من الإشكال ثبوتياً كان أو إثباتياً، وأما الاحتمال الثاني والثالث فبالإمكان أن يتخلصا من الإشكاليات.وقد تقدم جميع ذلك.

وأما بالنسبة لشمول الحديث للشبهات الموضوعية والحكمية معاً فقد قلنا: إن الاحتمال الثالث الذي يقول بأنّ العلم والرفع متعلقان معاً بالجعل فعلى هذا الاحتمال يختص الحديث بالشبهات الحكمية إذ لا يوجد لدينا مجعول حتى يتعلق به وإنما يدل على رفع الجعل والحكم الكلي عمن لا يعلم به وهذا يناسب الشبهة الحكمية. ولذا لجئنا للاحتمال الثاني ولكن على مبنى من يقول أنّ المجعول هو نفس الجعل ولكنه منتسب إلى المكلف، فمن لا يعلم بالجعل يرفع عنه الجعل المنتسب إليه سواء كان حكماً كلياً أو موضوعياً.

ولا تؤثر قرينة وحدة السياق باختصاصه بالشبهات الموضوعية وذلك لأنّ باقي فقرات الحديث يوجد فيها رفع للجعل المنتسب إلى المكلف أي المجعول فكما لدينا رفع لما يعلم كذلك رفع لما اضطروا ولما اكرهوا فالرفع متعلق بالمجعول المنتسب إلى المكلف في جميع فقرات الحديث فلا نواجه ما يخالف ظهور وحدة السياق فيه.