< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

40/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاُصول العملية/ نظرية حق الطاعة.

تقييم ما ذكره الشيخ الآصفي في إثبات البراءة العقلية.إدامة البحث

وأمّا النقطة الثالثة: التي هي عبارة عن دعوى وحدة حق الطاعة إذ ليس لدينا حقان ومصدران للطاعة، حق طاعة لله تعالى وحق طاعة لغير الله تعالى من الموالي، وإنّما هو حق واحد ومصدر واحد.

والنكتة الأساسية التي يعتمد عليها في الاستدلال أنّ كل طاعة لغير الله تبارك وتعالى إمّا هي شرعية أو غير شرعية، فما كان منها غير شرعي فلا اعتبار به، وما كان منها شرعياً فهو مصداق من مصاديق طاعة الله، فإذا عرفنا مسبقاً بأنّ حق الطاعة الشرعي لغير الله تعالى مشروط عقلاً بالوصول القطعي للتكليف فسوف نعرف بأنّ بعض مصاديق حق طاعة الله مشروط بالتكليف القطعي وبما أنّه لا تفصيل في مصاديق حق طاعة الله من حيث الشروط فسيكون هذا الشرط ثابتاً في جميع مصاديق حق طاعة الله تبارك وتعالى.والجواب: أنّ حق طاعة من أمر الله بطاعته ليس من مصاديق طاعة الله تعالى وإنّما يحقق موضوع حق طاعة الله تبارك وتعالى، والفرق كبير بين الأمرين!توضيح ذلك: سبق وأن قلنا إنّ الأمر الصادر من الشخص الذي أمر الله بإطاعته، تجتمع عليه طاعتين طوليّتين:طاعة هذا الشخص في الأمر الذي صدر منه وبعنوانه الأوّلي، كأمره بسقي الحديقة.وطاعة الله تبارك وتعالى بإطاعة هذا الشخص بالعنوان الثانوي أي بعنوان كونه طاعة لله تعالى.والطاعة الأولى واجبة بالوجوب الشرعي ومحدودة بحدوده، والطاعة الثانية التي هي لله تعالى فهي واجبة بالوجوب العقلي.ومجرد كون الطاعة الأوّلى واجبة وجوباً شرعياً لا يجعلها مصداقاً من مصاديق حق طاعة الله المدرك عقلاً وإنّما يحقق موضوعاً لحق طاعته، فكما أنّ وجوب الصلاة والصوم يشكل موضوعاً لحق طاعة الله تعالى، كذلك وجوب إطاعة هذا الشخص يشكل موضوعاً لحق طاعة الله تعالى، ومن الواضح أنّ مثل وجوب الصلاة ليس مصداقاً لحق طاعة الله تعالى وإنّما هو الموضوع الذي يترتّب عليه حق طاعة الله تعالى.والشاهد على أنّ حق طاعة من أمر الله بطاعته ليس مصداقاً من مصاديق حق طاعة الله تعالى، أنّه عند وقوع التزاحم لا تلحظ الأهمية بين متعلّق الأمر الصادر من قبل الله تعالى وبين متعلّق أمر الشخص الذي أمر الله بإطاعته ـ كما هو ظاهر عبارة الشيخ الآصفي رحمه الله ـ وإنّما تلحظ الأهميّة بين متعلّق أمرين أمر الله تعالى بفعلٍ ما وبين أمر الله بإطاعة هذا الشخص، كما لو تزاحم أمر الله بوجوب رد التحية مع طاعة الأب في أمر خطير، فإنّه لا تلحظ الأهمية بين ملاك رد التحية عند الله وبين ملاك تلك المهمة الخطيرة، وإنّما تلحظ الأهمية بين ملاك رد التحية عند الله وبين ملاك طاعة الأب عنده تعالى أيضاً.وبذلك لا يتم ما ذكره الشيخ الآصفي من تعميق للوجه السادس من الوجوه التي ذكرت للاستدلال على البراءة العقلية.والذي ندركه بحسب وجدان العقل العملي ـ بعد إبطال جميع أدلّة البراءة العقلية ـ أنّ حق الطاعة لا يختص بالتكاليف المقطوعة وإنّما يشمل التكاليف الظنية والاحتمالية، لما ذكرناه سابقاً من أنّ العقل العملي يدرك ضرورة الحفاظ على غاية ما يمكن من حرمة الله تعالى وتعظيمه ومن جملة مراتب الاحترام هو القيام بكل ما نحتمل إرادته عقلاً.وهذا هو المناسب لما وقع عليه التسالم بين الأصحاب من أنّ مولوية الله تبارك وتعالى مطلقة، كما اعترف به الشيخ الآصفي رحمه الله بقوله: فإنّ حق طاعة الزوج محدود في مساحة معينة بعكس مساحة حق طاعة الله فإنها مساحة مطلقة وغير محدودة. فإنّ مقتضى مولوية الله تعالى أن تكون سارية في كل مجال إلّا ما قام البرهان فيه على نفيها، كما في التكاليف التي يقطع العبد بعدم صدروها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo