< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

40/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاُصول العملية/ نظرية حق الطاعة.

أدلة البراءة العقليةالوجه السادس: ما جاء على ألسنة بعض الأصحاب من الاستشهاد بالأعراف العقلائية بين الموالي والعبيد، حيث أنّ العقلاء لا يرون للموالي حق المؤاخذة والعقاب على عبيدهم عند مخالفة التكليف إلّا بعد وصول ذلك التكليف بصورة قطعية، ويقاس على ذلك حق طاعة الله تبارك وتعالى فقال: إنّه مشروط بالوصول القطعي.وهذا الوجه بحاجة إضافة تبين وجه التعدي من المولويات العرفية إلى مولوية الله تعالى، وبيان وجه المقايسة بينهما، فيقال: بإنّ الله تبارك وتعالى سيد العقلاء وطليعتهم فما يصدق عليهم يصدق عليه.ولكنّ هذا التوجيه غير صحيح لسببين:أولاً: لا بدّ من إثبات أنّ حق الطاعة في المولويات العرفية مدرك بالعقل العملي حتى تتم المقايسة بينه وبين حق طاعة المولى، إذ لو كان حق الطاعة في الموالي العرفيين ثابت بحسب الجعل العقلائي لا يمكن عندها التعدي إلى أنّ الله شريك لهم في هذا الجعل.وثانياً: لو سلّمنا إدراك العقل لحق الطاعة في المولويات العرفية واختصاصه بالتكاليف الواصلة بصورة قطعية، فغاية ما يمكن إثباته هو أنّ الله يدرك حق طاعتهم بذلك، وهذا لا يستلزم أن يكون حق طاعة الله بنفس حدود حق طاعة الموالي العرفيين فقد تختلف شروط حق طاعة الله تعالى عنهم.ولعل لهذين الأمرين أنتقل الشيخ الآصفي رحمه الله إلى وجه جديد لتبرير التعدي من المولويات العرفية العقلائية إلى مولوية الله تعالى في اشتراط حق الطاعة بالوصول القطعي للتكليف.ويمكن تحليل وجه التعدّي عنده إلى ثلاثة نقاط نظم بها بيانه لإثبات البراءة العقلية:النقطة الاولى: إنّ حق الطاعة في الموالي العرفيين المشروطة بوصول التكليف القطعي من مدركات العقل العملي، واستدل على ذلك بتطابق آراء العقلاء عليها. النقطة الثانية: إنّ كل تكليف لا يشمل حق الطاعة سيكون العقاب على مخالفته قبيحاً.النقطة الثالثة: إنّ الطاعة على قسمين: طاعة شرعية وهي طاعة الله وطاعة كل من يأمر الله بطاعته من أنبيائه ورسله عليهم السلام وأوصيائهم عليهم السلام ومن يأمّرونهم على الناس من الأمراء ومن الدرجة الثانية والثالثة ... وتدخل في هذا الحقل طاعة الزوج وطاعة الوالدين وطاعة الأجير ..الخ. وطاعة غير شرعية وهي طاعة الموالي العرفين من دون أن تكون راجعة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى.ونحن حينما نريد أن نتعدى من حق طاعة الموالي العرفيين إلى حق طاعة الله إنّما نتعدى من نوع حق الطاعة الشرعية، ولذا فليس لنا مصدران للطاعة مصدر خاص بالله ومصدر خاص بغير الله وإنّما هو حق واحد ومصدر واحد، فإذا كان حق طاعة غير الله مشروطة بالوصول القطعي فكذلك حق طاعة الله أياً تكون مشروطة بالوصول القطعي.وفي تقييم ما ذكره العلامة الشيخ الآصفي نقول:إنّ النقطتين الاولى والثالثة هما الركنان الرئيسيان في بيان محاولة التعدي المذكورة، وأمّا النقطة الثانية، فهي مهي من المسلّمات التي لم يقع فيها خلاف بيننا وبين المشهور، وذكرها لا يساهم في إثبات البراءة العقلية وإن كانت صحيحة في حد ذاتها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo