< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

40/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاُصول العملية/ نظرية حق الطاعة.

أدلّة البراءة العقليةهناك بعض الوجوه للاستدلال على البراءة العقلية، يمكن استفادتها من مجموع كلمات الأصحاب.

الوجه الأول: التمسك بالبيان الساذج لفكرة ( قبح البيان بلا عقاب) لإثبات البراءة العقلية، وذلك: أنّ حكم العقل بقبح العقاب في حالات عدم وصول البيان من الشارع دليل على أنّ لدينا براءة عقلية وإلّا لما قبح العقاب.

ولا يخفى أنّ هذا الوجه يستبطن المصادرة وذلك: إن أردنا من قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) اختصاص وجوب الطاعة بالتكاليف الواصلة إلينا وصولاً قطعياً، فإنّ هذا نفس معنى البراءة العقلية، فالمطلوب عين المدعى.وإن أردنا بقاعدة (قبح العقاب بلا بيان) تقييم وظيفة المولى عقلاً، وأنّه يقبح منه العقاب في حالات عدم البيان، فإنّ هذا متوقف على القول بالبراءة العقلية، لما مضى توضيحه من أنّ تقييم وظيفة المولى من حيث جواز العقاب وعدمه متوقف على تقييمه لوظيفة العبد من حيث وجوب الطاعة وعدمه، وبذلك يصبح الدليل متوقفاً على المدعى ومترتباً عليه.

الوجه الثاني: التمسّك بالمفهوم المعاكس لقاعدة (حجية القطع) لإثبات التكليف عند انتفاء القطع.

توضيح ذلك: ذهب الأصحاب إلى أنّ الحجية من اللوازم الذاتية للقطع بتكليف المولى ونتيجة لذلك فإنّها تنتفي بانتفاء القطع، فتزول الحجية في حالات الظن والاحتمال، ويترتب على ذلك قبح العقاب بلا بيان.ولكنّا إذا تأملنا في (حجية القطع) بالمعنى الذي فهمه الأصحاب لوجدنا أنّها قضية بشرط المحمول، لأنّهم قالوا إنّ القطع بأوامر المولى حجة فإنّ المراد بالحجة: وجوب الطاعة، و المراد بالمولى: هو الذي تجب طاعته فتكون القضية هكذا: القطع بأحكام من تجب طاعته تجب طاعته.فلابد من حذف عنوان المولوية من موضوع البحث ثم نسأل عن ثبوت الحجية له، فيقال هل أنّ القطع بتكاليف الله ـ لا بوصفه مولى بل بما هو منعم أو خالق ـ حجة أو لا؟ وثبوت الحجية لهذا القطع لا ينافي ثبوتها لدرجات انكشاف التكليف الأخرى من الظن والاحتمال.وإن قيل: إنّ الحجية من لوازم القطع بتكاليف الله تعالى لا بوصفه مولى، فلا تثبت الحجية لدرجات الانكشاف الاخرى.والجواب: أنّ هذه مصادرة واضحة: لأنّ دعوى أنّ الحجية من لوازم القطع الذاتية بما هو قطع متوقفة على فكرة عدم شمول الحجية للظن والاحتمال، فلا يمكن التمسّك بها لنفي الحجية عن الظن والاحتمال، إذ لو كانت الحجية شاملة للظن والاحتمال لكانت من لوازم مطلق الانكشاف لا خصوص القطع بما هو قطع.

الوجه الثالث: ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله من أنّ التكاليف الشرعية تقتضي التحريك عندما تصل إلى المكلف بصورة قطعية، أمّا اذا وصلت إليه بصورة ظنية او احتمالية فإنّها لا تقتضي التحريك ويقبح العقاب على مخالفتها، وهذا هو معنى قبح العقاب بلا بيان أي بلا مقتض للتحريك.

وهذا الوجه أيضاً غير صحيح، لأنّ عدم اقتضاء التحريك للتكاليف الواصلة بصورة ظنية أو احتمالية متوقف على عدم شمول حق الطاعة والمولوية لتلك التكاليف الواصلة بالظن والاحتمال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo