< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

40/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاُصول العملية: الاُصول العقلية / الاصول التنزيلية.

المقدمة الخامسة: الفرق بين الاُصول العقلية وغيرها

إنّ الاُصول العقلية لا تخضع لموازين الفرق بين الأمارة والاُصول، أي الترجيح على أساس أقوائية الاحتمال أو المحتمل التي تقدم ذكرها، لأنّها لم تشرع من قبل المولى لأجل علاج حالة التزاحم الحفظي كما هو الحال بالنسبة إلى الأحكام الظاهرية من أمارات واُصول، وإنّما هي مدركات عقلية راجعة لتحديد دائرة حق الطاعة، مثل البراءة العقلية التي قال بها المشهور حيث قالوا بأنّ حق الطاعة مختص بالتكاليف المقطوعة ولا يشمل التكاليف المظنونة والمحتملة فيحكم العقل بالبراءة فيها، وحكم العقل هذا معلق على عدم ورود حكم الزامي يثبت التكليف. ومثل حق الطاعة الذي ذهب إليه اُستاذنا الشهيد رحمه الله فهو حق شامل للتكاليف المظنونة والمحتملة وهو حكم عقلي بوجوب الطاعة ولكنّه معلق على عدم ورود الترخيص فيها.

المقدمة السادسة: الفرق بين الاُصول التنزيلية والاُصول غير التنزيلية.

قسم الاصحاب الاُصول الى تنزيلية وغير تنزيلية وذكروا فروقاً بينها لعلّ أهمها ما جاء على لسان المحقق النائيني رحمه الله، من أنّ الأصل التنزيلي لوحظ فيه الواقع، بخلاف الأصل غير التنزيلي الذي لم يلحظ فيه الواقع أبداً، وتوضيح ذلك:إنّ للعلم شؤون أربعة:1ـ الكيفية النفسانية.2ـ الحكاية عن الواقع، سواء كانت حكاية صحيحة أو خاطئة.3ـ اقتضاؤه البناء العملي على طبقه، فالعطشان الذي غرضه شرب الماء إن علم بوجوده فإنّه يتحرك وفق علمه هذا.4ـ التنجيز والتعذير، فإنّ وجود الماء في مكان قريب مثلاً إن كان موضوعاً لحكم شرعي كوجوب الوضوء فإنّ العلم به ينجز هذا الحكم الشرعي.والشأن الأول: مختص بالعلم الوجداني وهي غير قابلة للجعل والتعبد.والشأن الثاني: وهي الحكاية والكاشفية فهي تعطى تعبداً للأمارة، لأنّها منزلةٌ منزلةِ العلم في الطريقية والكاشفية.والشأن الثالث: وهو اقتضاء العلم للبناء العملي والجري على طبقه، فهي صفة تعطى للأصل التنزيلي، فيكون بهذه الصفة ناظراً إلى الواقع، ولكن لا بمعنى الكاشفية التي تعطى للأمارة وإنّما بمعنى الجري العملي على طبقه.والشأن الرابع: أي التنجيز والتعذير فيعطى للأصل غير التنزيلي ولكن لا بشكل مباشر لأنّ التنجيز والتعذير حكمان عقليان لا يمكن أن يجعلا من قبل الشارع مباشرة وإنّما من خلال تحقيق موضوعهما وتهيئته، كالرفع الوارد في (رفع عن أمتي ما لا يعلمون) فهو يحقق حكم التعذير للشك في الحكم الشرعي.ويقول اُستاذنا الشهيد رحمه الله أنه بمقتضى ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله سيكون الفرق بين الاُصول التنزيلية وغير التنزيلية في عالم المجعول، ونحن نواقفه على ذلك فإنّ الفارق بينهما ليس فرقاً جوهرياً وإنّما هو فرق عنائي. ويذكر اُستاذنا الشهيد رحمه الله نوعين من العناية ـ غير ما ذكره المحقق النائيني رحمه الله ـ تكفي كل واحدة منها لتمييز الأصل التنزيلي عن غير التنزيلي:

النوع الأول: أخذ الكاشفية اعتباراً في الأصل التنزيلي، من دون أن تكون هناك كاشفية ظنية كما في الأمارة، ففي باب الاستصحاب يعتبر الشارع أنّ اليقين بالحدوث كاشفاً عن البقاء ادّعاءً وعنايةً فيقول( لا ينبغي لك أن تنقض اليقين أبداً بالشكّ)، وإن لم يكن كاشفاً حقيقة ولو كشفا ظنياً أو احتمالياً.

النوع الثاني: اعتبار مؤدى الأصل أمراً واقعياً، كما هو الحال في أصالة الطهارة فالشارع جعل مشكوك الطهارة طاهراً واقعياً (كل شيء طاهر حتى تعلم أنّه قذر).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo