< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

40/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاُصول العملية/ نتائج الفهم الخاطئ للأمارات والاُصول.

المقدمة الرابعة: الاتجاه السائد في العصر الثالث من عصور علم الاُصول هو الاتجاه الذي تمسك بالقشر وتناسى اللب في الفرق بين الأمارات والاُصول، ففرض الفرق بينهما على أساس ما هو المجعول في عالم انشاء الحكم الظاهري.

وأعلى مراتب هذا الاتجاه تحقق على يد المحقق النائيني رحمه الله ومدرسته حيث قالوا: إنّ المجعول في باب الأمارات هو الطريقية وجعل الظن علماً، وفي باب الاُصول هو الجري العملي والبناء العملي.وهذا الخلط ترتّب عليه أنّ بعض الآثار المترتّبة على الفرق الثبوتي بين الأمارات والاُصول رتبوها على الفرق الإثباتي بينهما، وبعض الآثار الإثباتية للسان الحجية رتّبوها على الفرق بين الأمارة والأصل بما هما أمارة وأصل. وفيما يلي بعض نماذج تلك الآثار:

الأثر الأوّل: حول المثبتات.

رأى المحقق النائيني رحمه الله أنّ مثبتات الأمارة حجة دون الاُصول لأنّ المجعول من قبل الشارع في باب الأمارات هو جعل الظن علماً، ومن المعلوم أنّ العلم بالشيء علم بلوازمه، فتكون المثبتات حجة لذلك. وأمّا الاُصول فالمجعول فيها هو الجري العملي، ولا يلزم من الجري العملي على طبق الأصل الجري العملي على طبق لوازمه.وقد أشكل السيّد الخوئي على ذلك: بأنّ العلم بالشيء علم بلوازمه إذا كان العلم بالشيء علماً وجدانياً لا تعبدياً فقد يعبدنا الشارع بجعل الظن علماً في حدود المدلول المطابقي دون المدلول الإلتزامي. ولذا فقد أنكر حجية مثبتات الأمارة، وعليه فلا بدّ من الرجوع إلى إطلاق دليل الحجية فإن كان شاملاً للمدلول الإلتزامي فسوف تكون حجة وإلا فلا يمكن إثبات حجيتها.ويرى اُستاذنا الشهيد رحمه الله أنّ هذا الأثر راجع إلى الفرق الجوهري بين الأمارات والاُصول في ضوء تفسيره للأحكام الظاهرية، فإنّ الملاك في جعل الحجية في باب الأمارات هو ترجيح مجموعة من أغراض المولى على مجموعة أخرى على أساس أهمية الاحتمال، وهذه الدرجة من الأهمية كما هي ثابتة في المدلول المطابقي ثابتة في المدلول الإلتزامي، فتكون مثبتات الأمارة حجة. أما الاُصول العملية فإن ترجيح المولى يكون على أساس أهمية المحتمل إذ أنّ أهمية نوع المدلول المطابقي لا يستلزم أهمية مدلوله الإلتزامي ولا يمكن أن تسري إليه الحجية.

الأثر الثاني: في حالات الشك، أي الاحتمال المتساوي الطرفين فإنه لا يعقل فيه جعل الحجية الأمارية، وإنّما يصح فيه جعل الحجية الأصلية، وذلك: لأنّ الشك نسبته إلى الطرفين على حد سواء فلا يمكن أن يجعل أحدهما علماً دون الآخر.

وأشكل على ذلك المحقق العراقي والسيّد الخوئي: بأنّه يمكن للمولى أن يختار أحد الطرفين ويجعله علماً جعلاً اعتبارياً واعتبار العلم سهل المؤونة.والصحيح في رأي اُستاذنا الشهيد رحمه الله، أنّ هذا الأثر يرجع إلى الفرق الجوهري المذكور، إذ أنّ الأمارة جعل فيها الترجيح على أساس أهمية الاحتمال في أحد الطرفين وترجيحه على الآخر ولا يمكن أن يعقل ذلك في موارد الشك، بخلاف الأصل الذي جعل على أساس أهمية المحتمل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo