< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

40/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية الدليل العقلي/ العقل العملي/ حقّانيّة العقل العملي.

الامر الثالث: في مدى حقّانيّة العقل العملي:

و فيه موقفان أحدهما موقف المثبتين للحقّانيّة والآخر موقف المشككين فيها:

أمّا الموقف الأول: فقد ذكروا وجهين لبيان حقّانيّة العقل العملي:

الوجه الأوّل: هو التمسّك باتفاق العقلاء على إدراك الحسن والقبح.

وقد علّق عليه اُستاذنا الشهيد رحمه الله: بأنّ اتفاق العقلاء ليس دليلاً مباشراً على الحقّانيّة، فكأنّ المقصود هو أنّ المعارف البشرية النابعة من حاق النفس البشرية تكون مضمونة الحقّانيّة ويستحيل فيها الخطأ، ومعرفة الضرورة الخلقية من المعارف النابعة من حاق النفس بدليل اتفاق العقلاء عليها، إذ ليس هناك مشترك بين العقلاء يمكن أنْ يكون منشأً لهذا الإدراك سوى النفس البشرية.

وأورد عليه اُستاذنا الشهيد رحمه الله: إنّ من عاشرناهم ورأيناهم من العقلاء ليس الأمر المشترك بينهم منحصراً بذات النفس البشرية، فإنّهم مشتركون أيضاً في تعايشهم بعضهم ببعض، وتأثرهم بالقوانين والعادات الاجتماعية، وتأثرهم بتربية الآباء والمعلمين، ونحو ذلك.

الوجه الثاني: ما ذكره بعضهم ـ ولعلّه لجبر النقص الموجود في الوجه الأوّل ـ من أنّه لو خُلق إنسان منفرداً بعيداً عن المجتمع وعن جميع المشتركات التي ذكرت بين الناس ولم تحصل له أي مصلحة صدفةً في الكذب تجنّب الكذب ومارس الصدق بحسب فطرته، وهذا يعني أنّه يدرك الحسن والقبح بالنفس البشرية المشتركة بينه وبين جميع الناس لا باُمور مشتركة خارجيّة.

وأورد عليه اُستاذنا الشهيد رحمه الله بثلاث إيرادات:

أولاً: إنّ هذا مجرّد فرض وخيال ولم نجرّبه خارجاً، وهو يقابل الفرض والخيال الذي ذكره ابن سينا.

ثانياً: إنّ من يحصل له العلم بأنّ الشخص المفروض سيختار الصدق إنّما يحصل له العلم بذلك على أثر إيمانه المسبق بحقّانيّة الحسن والقبح، ومن لا يؤمن بذلك مسبقاً لا يتحقق له العلم بذلك حتى يجعله دليلاً على الحقّانيّة.

ثالثاً: لو سلّمنا أنّ أحداً حصل له العلم بأنّ مثل هذا الشخص يختار الصدق رغم عدم إيمانه المسبق بحقّانيّه العقل العملي، تطرّق احتمال أنْ يكون اختيار وترك الكذب من قبل الشخص المفروض ناشئاً من غريزةٍ نفسانيةٍ أو من إدراك العقل النظري لوجود المصلحة في الصدق والمفسدة في الكذب. وقد وضحّنا سابقاً أنّ باب الحسن والقبح مستقل عن الغرائز وعن باب المصلحة والمفسدة فلا يثبت الحسن والقبح بالمعنى المطلوب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo