< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

40/03/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية الدليل العقلي/ العقل العملي/ حقّانيّة العقل العملي.

البحث الثالث: في حقّانية إدراك الحسن والقبح الذاتيين:

وبحث اُستاذنا الشهيد رحمه الله ثلاث اُمور:

1ـ ما هو المعنى المبحوث عن حقّانيّة إدراكه؟

2ـ أدلة القول بعدم حقّانيّة ذلك.

3ـ التحقيق في مدى حقّانيّة ذلك.

الأوّل: تصوير المعنى المبحوث عن حقّانيّة إدراكه أعني ( الحسن والقبح).

وعلى الإجمال نقول: إنّ الحسن والقبح عبارة عن (الضرورة الخلقية) الثابتة في لوح الواقع بقطع النظر عن اعتبار أي معتبر وهي مباينة لـ ( الضرورة التكوينية) ماهيةً ومرتبةً.

أمّا اختلافها ماهيةً فلأن الضرورة التكوينية عبارة عن (الوجوب) والضرورة الخلقية عبارة عن (الانبغاء و الأحرائية).

وأمّا اختلافها مرتبةً فلأنّ الضرورة التكوينية في عرض ( السلطنة) والضرورة الخلقية في طولها.

وتوضيح ذلك يتوقّف على بيان اجمالي لمختار اُستاذنا الشهيد رحمه الله في باب الجبر والاختيار:

ذكر الفلاسفة أنّ نسبة الشيء إلى فاعله نسبة ( الوجوب) ونسبة الشيء الى قابله نسبة ( الإمكان). من دون فرق في ذلك بين الأفعال الاختيارية وغير الاختيارية.

ومن هنا وقعوا في إشكال في تصوير معنى (الاختيار) في الأفعال الاختيارية، وحاصل كلماتهم في تصويره أمران:

الأمر الأوّل: في بيان الفرق بين الفعل الاختياري وغيره من ناحية الإمكان تجاه القابل.

الأمر الثاني: في بيان الفرق بين الفعل الاختياري وغيره من ناحية الوجوب تجاه الفاعل.

ففي الأمر الأوّل: قالوا: إنّ انفتاح باب الإمكان على وجه الشيء الموجود يكون بمقدار رفعته وخسّته في سلّم الوجود، فكلما كان الموجود في درجة أرقى في سلّم الوجود فهو أكثر إمكاناً وحرّيةً في التصرف كما في الإنسان، وكلما كان أخسّ في سلّم الوجود كان إمكانه أضعف وحرّيته أقل كما في الجمادات. وبهذا تتضح حقيقة الاختيار في الافعال الاختيارية.

وفي الأمر الثاني قالوا: إنّ الفعل غير الاختياري واجبٌ بوجوب غير مسبوق بالاختيار، والفعل الاختياري يكون وجوبه في طول الاختيار والإرادة.

وقد علّق اُستاذنا الشهيد رحمه الله على الأمر الأوُل: بأنّه إنّما يتبين اختلاف الموجودات في قابليّة في قابليّة طروّ العوارض والخصوصيات، فيكون بعضها أكثر قابلية في تقبل الصفات من البعض الآخر، وقد نطلق على ذلك اسم الاختيار، لكن هذا مجرد اصطلاح وليس هو الاختيار الذي تترتب عليه الضرورة الخلقية.

وعلّق على الأمر الثاني: بأنهم يقصدون من (أنّ الفعل الاختياري في طول الاختيار) أنّه في طول الإرادة ويقصدون بالإرادة مجرّد صفة نفسيّة. فهنا أيضا مجرد اصطلاح اذ سمّوا الارادة بالاختيار وهي أيضا تكون خاضعة لما تقدم إذ نسبتها الى الفاعل نسبة الوجوب ونسبتها الى القابل نسبة الإمكان، فلا تشتمل على النكتة المطلوبة في تصحيح الحسن والقبح والمدح والذم.

نعم لو صحّت نسبة المحقّق الاصفهاني رحمه الله الى الفلاسفة القول بإنكار الحسن والقبح الذاتيين ورجوعهما الى تباني العقلاء لم يبق لهم أثر عملي للبحث عن حقيقة الاختيار.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo