< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الفقه

41/01/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: خمس المعادن/ مراجعة المسائل السابقة في خمس المعادن.

جاء في تقرير اُستاذنا الشهيد رحمه الله في بداية هذه المسائل أنّ هناك قاعدة عامة في انحلال الحكم بحسب أفراد العنوان المأخوذ في موضوعه، فإن العنوان المأخوذ في الموضوع على قسمين:

فتارة: يكون العنوان صادقاً على القليل والكثير بمعنى أنً مجموع فردين منه أو أكثر يعتبر فرداً منه أيضاً ويكون العنوان صادقاً على مجموع الفردين أو أكثر، مثل عنوان (الماء).

وتارة اُخرى لا يكون العنوان كذلك بل يكون صدقه على كل فردٍ مستقلاً عن صدقه على الفرد الآخر ولا يصدق العنوان على مجموع الفردين كعنوان (العالم) أو (الفقير).

ففي القسم الثاني: ينحل الحكم بعدد الأفراد مثل وجوب إكرام الفقير الذي ينحل بعدد أفراد الفقير.

وأما في القسم الأول: فلا يكون الدليل ظاهراً في الانحلال لاحتمال كون المراد ثبوت الحكم على طبيعي ذلك العنوان لا على أفراده، ولعلّ مثال هذا القسم عند اُستاذ الشهيد عبارة عن مثل (اغسل وجهك بالماء) حيث لا يفهم من ذلك وجوب غسل الوجه بكل ماءٍ وبعدد المياه، بل يكفي غسله بطبيعي الماء.

وقد طبّق اُستاذنا الشهيد رحمه الله هذه القاعدة على ما نحن فيه، حيث جاء في صحيحة البزنطي التي جاء فيها نصاب خمس المعادن عنوانان: أحدهما عنوان (الإخراج) والآخر عنوان (المعدن).

أما العنوان الأول، أعني (الإخراج) فهو كعنوان الماء الذي يصدق على القليل والكثير، ولهذا حكم رحمه الله في المسألة الأولى من هذه المسائل ـ أعني مسألة اشتراط وحدة الإخراج أو عدم اشتراطه في النصاب الواحد ـ بعدم اشتراط وحدة الإخراج، لأنّ المتفاهم من هذا الحديث بحسب القاعدة المذكورة لزوم تحقق النصاب في طبيعي الإخراج لا في كل فردٍ فردٍ منه.

وأما العنوان الثاني، أعني (المعدن) فالمراد منه المحل الذي يستخرج منه المادة المعدنية لا نفس المادة المعدنية، وذلك بقرينة نسبة الإخراج الى المعدن في هذا الحديث لا إلى الرجل أو الإنسان، فالمراد ما يخرجه هذا المحل من نفسه لا ما يخرجه الإنسان من المادة المعدنية، ومن الواضح أنّ المعدن بهذا المعنى يكون من قبيل عنوان (الفقير) لا من قبيل عنوان (الماء) فبحسب القاعدة المذكورة يفهم من الحديث المذكور لزوم تحقق النصاب في إخراج كل معدنٍ لما فيه لا الإخراج الحاصل من مجموع معدنين أو أكثر. ولهذا حكم رحمه الله في المسألة السابقة من هذه المسائل باشتراط وحدة محل الاستخراج بمعنى ضرورة بلوغ ما يخرج من كل محلٍ حدّ النصاب وعدم كفاية بلوغ ما يخرج من محلّين معاً حد النصاب.

وهذا من أهم ما اختلف فيه رأي السيد الهاشمي رحمه الله عن رأي اُستاذنا السيد الشهيد رحمه الله في هذه المسائل، حيث أنّ السيد الهاشمي رحمه الله أصرّ في المسألة الرابعة على كفاية بلوغ النصاب مجموع ما أخرجه المعدنان أو أكثر من معدنين خلافاً لرأي اُستاذنا الشهيد رحمه الله.

وقد نقلنا عن السيد الهاشمي رحمه الله عدة وجوه قد يتمسك بها القائلون بضرورة تحقق النصاب في ما يخرج من كل محل لا في ما يخرج من مجموع محلين، وهو لم يرتض بشيء منها.

والظاهر أنّ بيان اُستاذ الشهيد رحمه الله يطابق الوجه الثاني من تلك الوجوه، وحاصله: أنّ عنوان (المعدن) بمعنى المحل الذي يخرج المادة المعدنية إنّما يصدق على كل محل من تلك المحلات ولا يصدق على مجموع المحلين.

وقد أورد السيد الهاشمي رحمه الله على هذا الوجه بعدة إيرادات:

الإيراد الأول: أنّ عنوان (المعدن) بالمعنى المذكور حاله حال سائر أسماء الأجناس المستعملة في ذات الطبيعة فهو صادق على كل معدنٍ وعلى مجموع معدنين.

وهذا الإيراد غريب جداً لوضوح أنّ عنوان (المعدن) بالمعنى المذكور غير صادق على مجموع معدنين، وليس حاله كحال عنوان (الماء) بل حاله كحال عنوان (الفقير) كما ذكره اُستاذنا الشهيد رحمه الله.

والإيراد الثاني: الذي ذكره في ذيل الإيراد الأول لا بعنوان إيراد مستقل أنّنا لو سلّمنا كون (المعدن) بالمعنى المذكور لا يصدق على مجموع معدنين، لكنا نقول: إنّ العرف يلغي خصوصيّة المكان المخرج منه.

ونحن لا نستبعد إلغاء خصوصيّة المكان المخرج منه بمناسبات الحكم والموضوع فلو تم إلغاء خصوصية المكان المخرج منه بمناسبات الحكم والموضوع تم رأي السيد الهاشمي في هذه المسألة، ولو لم يتم ذلك تمّ رأي اُستاذنا الشهيد رحمه الله، ونحن نلجأ في ذلك إلى الاحتياط الوجوبي بتعلق الخمس عند تحقق النصاب بمجموع المعدنين أو المعادن بناءً على اشتراط النصاب في خمس المعادن.

وأما إيراده الثالث الذي قال فيه السيد الهاشمي رحمه الله بأنّ دليل وجوب الخمس لا ينحصر بصحيحة البزنطي بل هناك أدلة كثيرة لم يذكر فيها شرط وحدة محل الإخراج، فيرد عليه: أنّه ليس الكلام في أصل دليل الخمس، وإنّما الكلام في دليل وجوب النصاب حيث يقال بأنّه يدل على اشتراط النصاب فيما يخرجه كل معدنٍ لا فيما يخرجه مجموع المعدنين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo