< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الفقه

40/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الخمس/ غنائم الحرب/ الحرب الواقعة بغير إذن الإمام.

إدامة البحث

وأمّا التفصيل الثاني الذي نسبه السيد الهاشمي رحمه الله تعالى إلى صاحب الحدائق، فحاصله: إنّ ما قاله المشهور من ثبوت الخمس في غنيمة الحرب فيما إذا كانت الحرب مأذونةً من قبل الإمام وعدم ثبوته فيها فيما إذا كانت الحرب غير مأذونةٍ من قبله، إنّما يصحّ فيما إذا قامت الحرب للدعوة إلى الإسلام، وأمّا إذا قامت لا لأجل الدعوة إلى الإسلام بل لأجل توسعة السلطة والملك فسيثبت الخمس في غنائمها ويكون الباقي للمقاتلين سواء كانت الحرب مأذونةً من قبل الإمام أو غير مأذونة من قبله.

واستدلّ صاحب الحدائق على ذلك ـ بحسب نقل السيّد الهاشمي رحمه الله ـ بدعوى انصراف مرسلة الوراق[1] إلى ذلك، والظاهر أنّ صاحب الحدائق لا يأبى من التمسك بالروايات الضعيفة سنداً طبقاً لذوق الأخباريين، ولكن لم يظهر لي وجه دعوى انصراف هذه الرواية دلالةً إلى هذا المعنى ـ أعني إلى التفصيل بين ما إذا كانت الحرب للدعوة إلى الإسلام وما إذا لم تكن للدعوة إلى الإسلام ـ بعد قبول أصل التفصيل بين الإذن من قبل الإمام وعدمه، ولا يمكن استناد دعوى هذا الانصراف إلى كلمة (الغزو) الواردة في هذه الرواية كما احتمله السيّد الهاشمي.

وعلى كلّ حال، أورد السيّد الهاشمي رحمه الله على هذا التفصيل إيرادين:

الإيراد الأوّل: إنّه لو صحّ انصراف الرواية إلى ما ذكر أدّى ذلك إلى نتيجة غريبة لا يمكن قبولها، وهي أنّ الحرب غير المأذونة من قبل الإمام إذا كانت لأجل الدعوة إلى الإسلام كانت غنائمها كلّها للإمام ولا يصل شيء منها للمقاتلين، وإذا كانت لأجل السلطة والملك كانت غنائمها للمقاتلين بعد إخراج خمسها للإمام.

والواقع أنّ هذه النتيجة الغريبة تترتّب على أصل التفصيل المذكور الذي نسبه السيّد الهاشمي إلى صاحب الحدائق، سواء كان مستنده في ذلك الانصراف المذكور في هذه الرواية أو أيّ مدرك آخر.

والإيراد الثاني: لو سلّمنا تماميّة الدليل على أنّ الحرب غير المأذونة من قبل الإمام إن كانت لأجل الدعوة إلى الإسلام فلا يتعلق الخمس بغنائمها وإنّما تكون غنائمها كلّها للإمام، فهذا الدليل ساكت عن حكم ما إذا لم تكن هذه الحرب لأجل الدعوة إلى الإسلام ـ كما هو مقتضى التفصيل المذكور ـ ولكنّ هذه الإطلاقات لا يمكن التمسّك بها لإثبات ذلك، لأنّ هذه الإطلاقات منصرفة إلى الملك الشخصي لا إلى الأملاك العامة التي تعطى بيد الإمام، وعند الشك في ذلك يكون التمسّك بها كالتمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

ويمكن التخلص من هذا الإيراد في ضوء ما ذهبنا إليه من كون وجوب الخمس في غنائم الحرب منوطاً بالعنوان الخاص لغنائم الحرب لا بعنوان مطلق الفائدة، فإنّه لو كان كذلك وجب الخمس في غنائم الحرب سواء كانت ملكاً شخصياً للمقاتلين أو كانت للإمام كي يصرفها في المصالح العامة للمسلمين، ففي حال الشك في ذلك لا يكون التمسّك بأدلّة الخمس تمسّكاً بالعالم في الشبهة المصداقيّة.

هذا ولكنّي أشك في أصل إسناد التفصيل المذكور إلى صاحب الحدائق، ولا أملك كتاب الحدائق حتى أدقّق النظر في عبارته، ومن المحتمل عندي جداً أنّ السيّد الهاشمي رحمه الله لم يفهم مراد صاحب الحدائق بدقّة فنسب إليه هذا التفصيل، وإنّ مراده رحمه الله شيء آخر وهو التعديل في أصل ما ذهب اليه المشهور من التفصيل بين الحرب المأذونة من قبله، بدعوى أنّ الصحيح في أصل هذا التفصيل أن يقال بأنّ الحرب إن كانت للدعوة إلى الإسلام تعلق الخمس بغنائمها، وإن لم تكن للدعوة إلى الإسلام لم يتعلّق الخمس بغنائمها، بل تصبح كلّ الغنائم للإمام، وهذا يختلف عن قبول أصل اشتراط إذن الإمام مع جعله خاصّاً بفرض كون الحرب للدعوة إلى الإسلام دون ما إذا لم تكن للدعوة إلى الإسلام.

ولو صحّ هذا التفسير لكلام صاحب الحدائق كان لدعوى انصراف مرسلة الوراق إلى ذلك وجهٌ معقول، وهو أن يقال بأنّ إذن الإمام بما هو إذن خاص لا موضوعيّة له، والمراد بإذن الإمام وعدم إذن الإمام الورادين في الرواية عبارة عن كون الحرب لأجل الإسلام أو عدم كونها لأجل الإسلام.

كما أنّ النتيجة الغريبة التي كانت تترتّب على التفصيل المنسوب إلى صاحب الحدائق سوف تزول بهذا التفسير الذي ذكرناه لكلامه، إذ أنّ هذا التفسير لا يستلزم القول بأن ّ غنائم الحرب غير المأذونة من قبل الإمام ستكون للمقاتلين بعد تخميسها إن لم تكن للدعوة إلى الإسلام.


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص369، من أبواب الأنفال و ما يختص بالإمام، باب1، ح16، ط الإسلامية. .وهي: عن محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن أحمد بن يسار، عن يعقوب، عن العباس الوراق، عن رجل سماه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام، وإذا غزوا بأمر الامام فغنموا كان للامام الخمس

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo