< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الفقه

40/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الخمس/ غنائم الحرب/ الحرب الواقعة بغير إذن الإمام.

إدامة البحث

وقد وافق المرحوم السيّد الهاشمي تغمّده الله برحمته الواسعة رأي المشهور في هذه المسألة ـ أعني القول بأنّ الحرب إن كانت بإذن الإمام تعلّق الخمس بغنائمها وقسّم الباقي على المقاتلين، وإن كانت بغير إذن الإمام أصبحت الغنائم كلّها للإمام بدون تخميس ـ رغم مناقشته لجميع أدلّتهم، وذلك بالتمسّك بالقواعد العامّة، ويمكن تقريب ذلك بأنّ القواعد العامة تقتضي قبول هذا التفصيل الذي قال به المشهور، وذلك لأنّ أدلّة الخمس في غنائم الحرب منصرفة إلى الفوائد الشخصيّة التي يحصل عليها المقاتلون لأنفسهم دون الفوائد العامّة الراجعة إلى الإمام، وحيث أنّنا لا نعرف كون الغنائم الحاصلة في حرب لم يأذن بها الإمام هل هي من الفوائد الشخصية أو من الفوائد العامة، يصبح التمسّك فيها بأدلّة الخمس تمسّكاً بالعام في الشبهة المصداقية، والأصل الأوّلي يقتضي عدم تملّك المقاتلين لتلك الغنائم، وبالتالي لابدّ من تسليم الغنائم كلّها للإمام من دون تخميس. هذا ما يقارب التقريب الذي ذكره السيّد الهاشمي للتمسّك بالقواعد العامّة في هذه المسألة.

ولكنّك قد عرفت إمكان التخلّص من شبهة التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية فيما إذا حملنا أدلّة وجوب الخمس في غنائم الحرب على العنوان الخاص لغنائم الحرب لا على مطلق الغنائم، إذ لو كان العنوان الخاص لغنائم الحرب موجباً للخمس فيها ـ كما نحن فهمنا ذلك من الأدلّة ـ فلا موجب لانصراف تلك الأدلّة إلى ما إذا كانت تلك الغنائم ملكاً للمقاتلين دون ما إذا كانت للمصالح العامّة التي يراها الإمام، وذلك لأنّ غنيمة الحرب بما هي غنيمة حرب يتعلق بها الخمس سواء كانت من الفوائد الشخصية أو من الفوائد العامة، فلا توجد شبهة مصداقية لأدلّة وجوب الخمس فيها، غاية الأمر أنّها إن كانت موضوعة للمصالح العامة فهي تُعطى للإمام ليصرف خمسها في مصاريف الخمس ويصرف الباقي في المصالح العامّة التي يراها. وسيكون هذا الخمس قبل المؤونة ـ كما نبهنا عليه ـ خلافاً لرأي اُستاذنا الشهيد رحمه الله.

هذا كلّه في أصل مسألة خمس غنائم الحرب الواقعة بدون إذن الإمام.

ولكن بناءً على قبول أصل التفصيل في وجوب الخمس بين حرب مأذونةٍ من قبل الإمام وبين حرب غير مأذونة من قبله، وقع الكلام في تفاصيل عديدة، ولعل أهمّها ما يلي:

1ـ التفصيل بين زمان حضور الإمام وزمان غيبته، كما جاء في متن العروة.

2ـ ما ذكره صاحب الحدائق رحمه الله ـ بحسب نقل السيد الهاشمي رحمه الله ـ من التفصيل بين غنيمة الحرب التي قامت للدعوة إلى الإسلام وبين غنيمة الحرب التي قامت لا للدعوة إلى الإسلام بل لمجرد توسعة السلطة والحكم.

3ـ ما ذكر في المستمسك من التفصيل بين الحرب الجهادية والحرب الدفاعية.

أمّا التفصيل الأوّل: فهو يقتضي القول بأنّ التفصيل بين حرب مأذونة من قبل الإمام وحرب غير مأذونة من قبل الإمام مختصّ بزمان حضور الإمام، وأمّا في زمان غيبة الإمام فسواء كانت الحرب مأذونة أو غير مأذونة لابدّ فيها من تخميس الغنائم وتقسيم الباقي على المقاتلين.

والدليل على ذلك عبارة عن دعوى أنّ أدلّة اشتراط مأذونيّة الحرب من قبل الإمام في تعلّق الخمس في غنائمها منصرفة إلى زمان حضور الإمام لا إلى زمان غيبته، لأنّه في زمان الغيبة لابدّ من الرجوع إلى إطلاقات وجوب الخمس في غنائم الحرب كالآية الكريمة وهي تقتضي وجوبه فيها رغم عدم مأذونية الحرب.

وأورد عليه السيّد الهاشمي رحمه الله بثلاث إيرادات.

الإيراد الأوّل: إنّ أدلّة اشتراط مأذونيّة الحرب من قبل الإمام في تعلّق الخمس بغنائمها غير منصرفةٍ إلى زمان الحضور، وإنّما هي منصرفة إلى اشتراط مشروعيّة الحرب سواء بإذن الإمام المعصوم عليه السلام أو بإذن نائبه العام في زمان الغيبة أو بأيّ طريق آخر، إذاً فلا يختصّ هذا الشرط بزمان حضور الإمام عليه السلام.

الإيراد الثاني: إنّه بناءً على كون المراد في تلك الأدلّة اشتراط إذن الإمام المعصوم بشخصه لا مطلق المشروعية، فلا موجب لدعوى انصراف ذلك إلى زمان حضور الإمام المعصوم عليه السلام، بل إنّ مقتضى ذلك البناء على وجوب التخميس في زمان الغيبة لعدم إمكان الإذن من الأمام المعصوم.

الإيراد الثالث: إنّنا لو سلمنا بالانصراف المذكور، بمعنى أنّ الحرب غير المأذونة من المعصوم في زمان حضوره لا يتعلّق الخمس بغنائمها، لكنّ هذا وحده لا يكفي لإثبات تعلّق الخمس بذلك في زمان غيبة الإمام عليه السلام، بل لابدّ لإثبات ذلك من التمسّك بإطلاقات وجوب الخمس في غنائم الحرب، وهي منصرفة إلى الغنائم التي تكون فائدةً شخصيةً للمقاتلين لا إلى التي تكون للإمام أو لعامّة المسلمين، وعند الشك يكون التمسّك بها على نحو التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية.

هذه هي الإيرادات الثلاثة التي ذكرها السيّد الهاشمي رحمه الله.

ولكن يمكن رفع اليد عن الإيراد الثالث بما قلنا: من أنّ وجوب الخمس في غنائم الحرب إن كان بالعنوان الخاصّ لغنائم الحرب وجب الخمس فيها سواء كانت للمقاتلين أو للمصالح العامّة للمسلمين، فيزول إشكال التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية.

هذا كلّه في التفصيل الأوّل، ولكنّه مبني على قبول أصل اشتراط مأذونيّة الحرب في تعلّق الخمس بالغنائم، وقد عرفت أنّنا قلنا بوجوب الخمس فيها قبل المؤونة حتى مع عدم مأذونيّة الحرب، وقد أفتى به اُستاذنا الشهيد رحمه الله ولكن بعد المؤونة لا قبلها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo