< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الفقه

40/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخمس/ غنائم الحرب/ ما يؤخذ من الناصب.

مسألة 3 : يجوز أخذ مال الناصب أينما وُجد لكنّ على الأحوط إخراج خمسه مطلقاً(1).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الدليل على وجوب الخمس في ما يؤخذ من مال الناصب رواية واحدة: وهي صحيحة حفص بن البختري (قال (ع): خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس)([1] ) وقد وردت هذه أيضاً في صحيحة معلّى بن خنيس: قال: قال أبو عبد الله (ع) وذكر مثله([2] )

ولا شك في دلالة هذه الصحيحة على أصل وجوب الخمس في ما يؤخذ من مال النواصب.

وإنّما الكلام في أنّ هذا الخمس هل هو قبل المؤونة أو بعد المؤونة.

وقد بحث اُستاذنا الشهيد رحمه الله هذا البحث تارةً على فرض وجود دليل مسبق على أصل حليّة أخذ مال الناصبي بقطع النظر عن الخمس، وتارةً اُخرى على فرض عدم وجود دليل مسبق على ذلك واستفادة الحلّيّة من نفس هذه الصحيحة.

أمّا على فرض وجود دليل مسبق على أصل حلّيّة أخذ مال الناصبي، فقال رحمه الله: تارةً نستظهر من هذه الصحيحة دخالة خصوصية عنوان (مال الناصب) في وجوب الخمس فيه، وتارةً اُخرى نبني على عدم استظهار ذلك.

أمّا على فرض استظهار دخالة هذا العنوان في وجوب الخمس فلا بدّ من رفع اليد عن قيد (ما بعد المؤونة) كي لا يلغو عنوان (مال الناصب) كما سبق ذلك في عناوين (الكنز) و (الغوص) و (المعدن).

وأمّا على فرض عدم استظهار دخالة عنوان (مال الناصب) في وجوب الخمس، فسيكون هذا الخمس مشمولاً لأدلّة ( الخمس بعد المؤونة).

وقد يقال: إنّه لا موجب لتقييد دليل (وجوب الخمس في مال الناصب) بدليل (الخمس بعد المؤونة) لأنّ النسبة بينهما عموم من وجه، حيث إنّ مادّة افتراق الدليل الأوّل عبارة عن (مال الناصب قبل المؤونة) ومادة افتراق الدليل الثاني عبارة عن (مال غير الناصب بعد المؤونة) ومادة الاجتماع التي يستقرّ عليها التعارض بينهما فيها عبارة عن ( مال الناصب بعد المؤونة) فلا بدّ من القول بتساقط الدليلين في مادة الاجتماع ثم الرجوع إلى المطلق الفوقاني وهو آية الخمس الدالة على وجوب الخمس في مطلق الفائدة ـ بعد تفسيرها برواية علي بن مهزيار السابقة ـ من دون استثناء المؤونة، والنتيجة وجوب الخمس في مال الناصب قبل استثناء المؤونة.

ولا يرد على ذلك: إنّ النسبة بين مادلّ على (وجوب الخمس في مال الناصب) وما دلّ على ( أنّ الخمس بعد المؤونة) وإنْ كانت العموم من وجه، ولكنّهما بمنزلة العموم المطلق، وذلك لأنّ إطلاق أدلّة ( الخمس بعد المؤونة) غير قابلة للتقييد حيث أنّنا لو قيّدناها بدليل وجوب الخمس في مال الناصب لزم تقييدها بدليل وجوب الخمس في (الكنز) وفي (المعدن) وفي (الغوص) وفي (ارباح المكاسب) وغير ذلك، وبالتالي لا يبقى موردٌ لوجوب الخمس بعد المؤونة، وهذا بخلاف ما إذا قيّدنا أدلة وجوب الخمس في هذه الاُمور بأدلة أنّ الخمس بعد المؤونة. والقاعدة الاُصولية تقول: متى ما كانت النسبة بين طرفين متعارضين نسبة العموم من وجه ولكن كان أحد الطرفين غير قابل للتقييد بالطرف الآخر لمحذور معيّن فيه ـ كالمحذور الذي ذكرناه من أنّنا لو قيدناه بالطرف الآخر لم يبق له موردٌ نحمله عليه من الناحية العمليةـ أصبح الطرف الذي فيه المحذور بمنزلة الخاص، فهو الذي يقيّد الطرف الأوّل ولا تصل النوبة إلى التساقط في مادّة الاجتماع، والنتيجة فيما نحن فيه: إنّ دليل ( كون الخمس بعد المؤونة) بمنزلة الخاص، فلا بدّ وأنْ تقيّد به أدلّة وجوب الخمس في الموارد الخاصّة كلّها عدا ما أخرجناه بمثل قرينة صون العنوان الخاص عن اللغويّة، فيبقى هذا القيد سارياً على مادلّ على وجوب الخمس في مال الناصب إنْ لم نستظهر منه دخاله هذا العنوان الخاص.

والسبب في عدم ورود هذا الاعتراض على دعوى التساقط في مادّة الاجتماع أنّ أحد المجالات الواسعة لوجوب الخمس قد قُيّدت أدلّته بما بعد المؤونة بأدلةٍ خاصةٍ به، وهو مجال وجوب الخمس في أرباح المكاسب، حيث وردت أدلّة خاصّة بأرباح المكاسب قيّدت وجوب الخمس فيها بما بعد المؤونة، وبالتالي يمكن حمل أدلّة (الخمس بعد المؤونة) أيضاً على إرادة مجال أرباح المكاسب، وهذا يعني أنّ أدلة ( الخمس بعد المؤونة) صالحة للتقيّد بأدلة وجوب الخمس في المجالات الخاصّة ما عدا مجال أرباح المكاسب، ولا محذور في ذلك حتى نعتبر أدلة (الخمس بعد المؤونة) غير صالحة للتقييد ونبني على أنّها بمنزلة الخاص، إذاً فالنسبة بين طرفي التعارض فيما نحن فيه تبقى نسبة العموم من وجه، وليس بمنزلة العموم المطلق. وعليه فلا بدّ من تساقط الطرفين في مادة الاجتماع ثم الرجوع إلى المطلق الفوقاني وهو الآية الكريمة كما ذكرنا، وبالتالي يثبت الخمس في مال الناصبي قبل المؤونة بحسب إطلاق الآية الكريمة.

هذا غاية ما يمكن الدفاع به عن دعوى ثبوت الخمس في مال الناصبي قبل المؤونة حتّى وإن لم نستظهر كون عنوان (مال الناصبي) دخيلاً في وجوب الخمس.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo