< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

41/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية قول الرجالي:

     الوجه الثالث للاخذ بقول الرجالي من باب الاطمئنان بقوله. وفيه: ان الكبرى مسلمة دون الصغرى.

     التعرض لكلام الحر العاملي في وسائله في تفنيد الصغرى.

     الوجه الرابع: انه من باب الرجوع إلى أهل الخبرة. وفيه: ان الرجوع إلى أهل الخبرة سيرة عقلائية اقرها الشارع بقيد حصول الاطمئنان من قوله إذا كان قوله حدسيا. اما إذا كان عن حس فيرجع إلى باب الاخبار.

وجوه حجية قول الرجالي: قول الرجالي معمول به عند الاصحاب، لكن هل هو من باب الشهادة؟ هل من باب الاطمئنان؟ أو من باب الفتوى؟ أو من باب الرجوع إلى أهل الخبرة؟ هل هو من باب خبر الواحد؟ أو من باب الظن المطلق، أي باب الانسداد؟

لماذا نحن نبحث هذه المسألة؟ لانه بحسب الباب الذي نأخذ منه كلام الرجالي تختلف شروط الاخذ. مثلا: إذا كان من باب الشهادة والشهادة يشترط فيها التعدد، فإذن توثيق النجاشي لا يكفي، نحتاج لشهادة النجاشي ولشهادة آخر معه كشهادة الكشي أو ابن قولويه، تعدد الشهود. اما إذا كان من باب الفتوى فيفترض ان يكون الذي وثِّق يجب ان يكون مجتهدا، والكشي ليس من المعروف انه كان مجتهدا، كان ناقلا وجامع احاديث وان احتمل كونه مجتهدا، الطوسي كان مجتهدا. اما إذا كان من باب الاطمئنان فحينئذ يكون التوثيق الذي لا يؤدي إلى اطمئنان غير حجة. ثمرة هذا البحث تكون من أي باب حتى نعلم الشروط ما هي.

تكلمنا في باب الشهادة وقلنا انه ليس من باب الشهادة وان اشتهر بين بعض الاعلام ذلك. وتكلمنا انه من باب الفتوى وقلنا ايضا ليس من باب الفتوى.

الوجه الثالث ان يكون من باب الاطمئنان:

مثلا انا عندما يوثق النجاشي شخصا اطمئن له خصوصا لانه الخريت في هذه الصناعة، اطمئنان شخصي. والسبب للإطمئنان اسباب متعددة.

وفي الاطمئنان كبرى وصغرى، الكبرى هي: هل كل اطمئنان حجة؟ والصغرى هي: هل هناك اطمئنان او لا؟

فالكلام في قول الرجاليين في نقطتين: الكبرى والصغرى. اما الكبرى اعتقد ان لا احد يناقش فيها لان كل عمل العقلاء والمجتهدين على الاطمئنان واسبابه متعددة وليس على القطع، والبت، ولذلك يأخذ بظاهر الحال المؤدي إلى الاطمئنان من دون الوصول إلى حدّ القطع.

والاطمئنان هو الظن القوي جدا المتاخم للعلم، هكذا عرّفوه. وعندي قيد آخر وهو انه الظن المتاخم للعلم المؤدي إلى سكون النفس والاطمئنان. هذا من ناحية الكبرى.

اما من ناحية الصغرى، فالاطمئنان غير متحقق لديّ في توثيق كثير من الرواة وخصوصا الاسماء غير المعروفة. نعم هنا نقطة مهمة وستأتي في خبر الواحد وهو ان خبر الواحد عند العقلاء انما يكون حجة إذا ادى إلى اطمئنان ووثوق في الرواية.

لذلك اوجه كلام الشريف المرتضى (ره) في ان خبر الواحد ليس حجة حتى ولو من ثقة. اوجه كلامه بان العقلاء يعملون بالاطمئنان العقلائي الوثوق لا بخبر الثقة، يعملون بالخبر الموثوق. كلام الشريف المرتضى انه إذا لم يؤدي إلى وثوق واطمئنان خبر الواحد ليس بحجة، وادعى عليه اجماع الطائفة. انا قريب من هذا الكلام لكن مع بيان وهو ان خبر الثقة إذا لم يؤدي إلى اطمئنان فيه مشكلة، بطبيعته يؤدي إلى وثوق دون ان يكون علّة تامة. فان توصيف شخص بالوثاقة يكون عادة بسبب تكرار نقله اخبارا صادقة، لان الصفات تؤخذ متلبسة من تكرار العمل، سمي الحداد حدادا لكثرة تلبسه بالحديد، وسمي اللبان لبانا لكثرة تلبسه باللبن، ايضا الثقة متى يسمى ثقة؟ يخبر اول مرّة ويكون صادقا وفي اخباره الثاني يكون صادقا والثالث يكون صادقا، تكرر الخبر الصادق منه فيقال انه ثقة ويعرف بوثاقته، الوثاقة تصبح فرع الممارسة منه التي يؤدي عندنا إلى الوثاقة، ولذلك خبر الثقة يؤدي إلى وثاقة غالبا نعم هذا مشروط بكون التجارب السابقة عن حس.

فالاطمئنان من اخبار الرجاليين يحصل غالبا إذا كان اخبارهم حسيا، ولكن ليس كل اخبارهم كذلك. إذن الكبرى مسلمة ولكن الكلام في الصغرى.

نعم ذكر الحر العاملي في وسائله في الخاتمة في الفائدة الثانية عشرة حيث يقول: ثم اعلم ان توثيق علماء الرجال ليس من باب الشهادة لعدم ثبوت شهادة الشاهد بمجرد كتابته فضلا عن كتابة غيره شيئا ينسبه اليه،

ان هذا النمط من المناقشة لا ارجحه، بل ارجح المناقشة ان اتعرض للأساس، اساس مسألة الاخذ بقول الرجالي. لا مناقشة الآثار، أي ان افكر في جوهر المطلب واساسه لا في آثاره والنقض على آثاره، فمثلا: لو دار الامر بين خيارين وتوجه إشكال على احدهما ولم استطيع ردّه فهل يكون دليلا على الثاني؟!

بل هو من جملة القرائن القطعية التي تدل على حال الرجل، فلا وجه للاختلاف هنا في قبول تزكية الواحد، وانما ذلك مخصوص بالشهادة الشرعية بتعديله ولا بد من التعدد. واما توثيق الراوي الذي يوثقه بعض علماء الرجال الاجلاء الثقات الاثبات فكثير ما يفيد القطع مع اتحاد المزكي،

اشكالنا هنا من اين جاء القطع بكلام المزكي الواحد، هذا حجة عليه لا على الاعلام وعلينا.

لانضمام القرائن التي يعرفها الماهر المتتبع، فان لكل علم رجالا، وفوق كل ذي علم عليم. الا ترى اننا إذا رجعنا إلى وجداننا نجد جزما بثقة كثير من رواتنا وعلمائنا الذين لم يوثقهم احد،

كيف هنا لم يوثقهم احد واقطع بثقتهم، كيف حصل الجزم؟ مثلا: موسى بن بكر اقبل رواياته، وزيد الزراد كذلك، لكن لا اجزم ولا اطمئن، بل لثبوت القاعدة عندي ان من روى عنهم ابن ابي عمير ثقات.

لما بلغنا من آثارهم المفيدة للعلم بثقتهم، وتوثيق بعض الثقات الاجلاء من جملة القرائن المفيدة لذلك، وقد تواترت الاحاديث في حجية خبر الثقة كما مرّ، فيدخل خبره بحال الرواة كما هو ظاهر. [1]

ونقول: ان هذا رأيه وحدسه، ولا نرى ذلك عندنا نعم هذا موجود بالنسبة للمشهورين بالوثاقة كأصحاب الاجماع واضرابهم، اما بالنسبة للآخرين وخصوصا المغمورين فلم يحصل عندنا ذلك، خصوصا إذا لاحظنا تعارض الآراء حتى بالنسبة للكاتب الواحد في الكتاب الواحد، كما حصل لسهيا بن زياد الذي وثقه الشيخ في مكان وضعّفه في مكان آخر.

الوجه الرابع: الرجوع إلى أهل الخبرة:

وهو ديدن عقلائي كرجوع الناس إلى الأطباء في مرضهم، وإلى المهندسين في عمارتهم، وإلى الفقهاء في بيان احكامهم الشرعية وهكذا، فان البشري الواحد لا يمكنه الاجتهاد والخبرة في كل العلوم.

ولا شك ان سيرة العقلاء التي امضاها الشارع على ذلك، لكن يجب البحث والتدقيق في هذه السيرة العقلائية.

ان بيانات أهل الخبرة لها منشآن: الحس والحدس، أي أن اخباره إما عن حس وإما عن حدس.

فان كان عن حسّ كما لو اخبر الطبيب ان الثوم ينفع لمرض ضغط الدم، نتيجة تجربة، أو الحداد عندما يخبر ان الحديد يتمدد بالحرارة نتيجة مشاهدته لذلك، فهذا حجة لانه من باب اخبار الثقة – إذا كان ثقة –.

واما ان كان عن حدس كما عند أهل علم الفيزياء وقد اختلفوا: هل في الكون مادة اسم الاثير تملأ الفراغات، أم ان في الكون فراغات هائلة بين المواد؟ فان الاجابة عنها حدسية اجتهادية من الفيزيائي نفسه، لانه لا يستطيع لمس ذلك بحواسه. وفي هذه الحالة لا يرجع الناس إلى علماء الفن وأهل الخبرة فيه إلا عند الاطمئنان، فترجع المسألة إلى الاطمئنان، فالتوثيق من الرجالي الذي نطمئن اليه كان حجة، وإلا فلا، ولكن هذا يؤدي إلى خروج معظم التوثيقات عن الحجية.

الرجوع إلى اهل الخبرة إذا كان قولهم حدسيا من باب الاطمئنان، فإذا لم يحصل الاطمئنان لا نأخذ به.

الوجه الخامس: الظن المطلق بناء على دليل الانسداد، يعني انسد باب العلم والعلمي في باب الرجال، ومعظم الفقه من الروايات، فنعمل بالظن وان ورد النهي عن الظن، وقول الرجالي يؤدي إلى ظن.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo