< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

41/02/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ملخص ما مضى وذكر ما ذهبنا اليه في مسألة علم الرجال:

التوثيقات العامة: روايات النجاشي في الفهرست وغيره.

من الذين قيل بانهم لا يروون إلا عن ثقة النجاشي في الفهرست، بل في غير الفهرست.

ذكر الشيخ جعفر السبحاني في كتابه كليات في علم الرجال:

وأحمد بن علي النجاشي صاحب الفهرس إن للشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله النجاشي مشايخ معروفة سنشير إليهم، وجده النجاشي هو الذي ولي على الأهواز [1] وكتب إلى أبي عبد الله عليه السلام يسأله فكتب الامام إليه رسالة معروفة بالرسالة الأهوازية التي نقلها السيد محي الدين في أربعينه والشهيد الثاني في كشف الريبة مسندا إليه .

وقد تقدم ترجمة النجاشي عند البحث عن الأصول الرجالية. ويظهر من الشيخ النجاشي أن كل مشايخه ثقات، بل يظهر جلالة قدرهم وعلو رتبتهم فضلا عن دخولهم في زمرة الثقات، وهذا ظاهر لمن لاحظ كلماته في أحوال بعض مشايخه، وإليك بعض ما قال في حق مشايخه: 1 قال في ترجمة جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى بن سابور: " كوفي كان ضعيفا في الحديث. قال أحمد بن الحسين: كان يضع الحديث وضعا، ويروي عن المجاهيل، وسمعت من قال: كان أيضا فاسد المذهب والرواية، ولا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة أبو علي ابن همام وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري رحمهما الله وليس هذا موضع ذكره " وتعجبه من روايات شيخيه عن هذا الرجل قرينة على أنه لم يكن يجوز لنفسه الرواية عن غير الثقة في الحديث، والاعتماد في النقل على المنحرف الضعيف، ولكن التعجب من النقل عن واضح الحديث لا يدل إلا على التحرز عن مثله لا عن كل ضعيف كما هو المطلوب، وغاية ما يمكن أن يقال إنه كان محترزا عن مثله لا عمن دونه من الضعفاء.

نقول: إن الظاهر من كلام النجاشي أنه يتحرز عن النقل عن من اجتمعت كل هذه الصفات المذكورة وهي: وضع الحديث، والرواية عن المجاهيل وفاسد الرواية وفاسد المذهب. أما من كان فيه بعضها فلا يدل على تحرزه عنه، هذا اولا.

وثانيا: إنه قال: " يضع الاحاديث " وقال: " يروي عن المجاهيل "، أي وصفه بصيغة المضارع التي تدل على التجدد والحدوث، فكأنه يتعجب من نقل الحديث عمن هذا ديدنه. فمن لم يكن ديدنه ذلك وروى مرّة أو مرّتين، فلا يظهر منه لزوم التحرز عنه. [2]

إذن هذا النص لا نستطيع ان نجعله دليلا على ان النجاشي لا يروي إلا عن ثقة، إذن الظاهر منه هو: من كانت هذه صفته: اولا: مجموعة صفات ذميمة موجودة وليس صفة واحدة. ثانيا: انه مستمر على ذلك، هذا يتجنب عنه. اما انه لا يروي إلا عن ثقة بحيث يصبح قاعدة نرجع إليها عند الشك بوثاقة شخص بحيث تكون دليلا على الوثاقة في حال رواية النجاشي عنه فهذا لا دليل فيه.

2 وقال في ترجمة أحمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسن بن عياش الجوهري: " كان سمع الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره وذكر مصنفاته ثم قال: رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي وسمعت عنه شيئا كثيرا ورأيت شيوخنا يضعفونه، فلم أرو عنه شيئا وتجنبته وكان من أهل العلم والأدب القوي وطيب الشعر وحسن الخط رحمه الله وسامحه ومات سنة 401 ".

( هذا النص اعتبره بعضهم دليلا ان النجاشي لا يروي إلا عن ثقة عندما قال: " ورأيت شيوخنا يضعفونه، فلم أرو عنه شيئا وتجنبته " ونقول: هذا النص لا يدل على انه لا يروي إلا عن ثقة، بل يدّل على تجنب الرواية عممن ثبت ضعفه. فإذا كان غير مضعف وغير موثق مثل زيد الزراد وموسى بن بكر ما هو وضعه؟ أيضا هذا النص ليس له علاقة بتوثيق كل من روى عنه النجاشي. هنا ما معنى القاعدة عندما نقول صفوان لا يروي إلا عن ثقة، يعني انه إذا ثبت ان المروي عنه ضعيف ضعفناه، وإذا ثبت أنه ثقة وثقناه، اما إذا كنا لا ندري فنقول روى عنه صفوان هذا كاف للتوثيق. القاعدة معناها الرجوع إلى العام عند الشك، ولذلك قلنا أن وهب بن وهب روى عنه ابن ابي عمير ولم يوثق لمجرد رواية ابن أبي عمير عنه وذلك لثبوت ضعفه من خارج. وهنا نفس الشيء " ورأيت شيوخنا يضعفونه "، لم يقل انه مجهول فاتجنبه.

إذن هذا النص ايضا لا يدل على انه لا يروي إلا عن ثقة، نعم يدل على أنه لا يروي عن من ثبت ضعفه).

3 وقال في ترجمة إسحاق بن الحسن بن بكران: " أبو الحسين العقرائي التمار كثير السماع ضعيف في مذهبه، رأيته بالكوفة وهو مجاور، وكان يروي كتاب الكليني عنه، وكان في هذا الوقت علوا فلم أسمع منه شيئا، له كتاب الرد على الغلاة، وكتاب نفي السهو عن النبي، وكتاب عدد الأئمة " . [3]

( هنا ايضا لم نفهم منه أن النجاشي لا يروي إلا عن ثقة).

 


[1] ذكر في كتاب المكاسب في مسألة الولاية يذكر ان هناك اشخاص من اتباع أهل البيت (ع) ضمن جهاز الدولة برضى الإمام (ع)، بل بتعيينه من قبيل علي بن يقطين والنجاشي جد النجاشي صاحب الفهرستـ ويذكر انه قال: قل لفلان لعلّه يتكلم مع الرجل – هارون الرشيد – لعلّه يعينني واليا على الاهواز، والاهواز منطقة غنية بالنسبة لذلك الزمن. فلنتصور انه ضمن جهاز وبطانة هارون الرشيد كان هناك اناس للإمام (ع) يستطيعون التأثير على الرشيد احيانا في تعيين والي. هذا ينفعنا حاليا في كثير من الامور في الوضع الفقهي لكثير من المواقع المهمة لصالح الناس والاسلام في مقام الاستنباط. وتخصيصه بالامام المعصوم يحتاج إلى دليل.
[2] يذكر في علم المعاني من علوم البلاغة في الفرق بين فعل المضارع وبين الاسم. أن المضارع يدل على الحدوث والتجدد بخلاف الاسم الذي يدل على الثبوت. مثلا في أخوة يوسف: " وجاءوا اباهم عشاء يبكون " لماذا لم يقل: باكين؟ الاسم لا يدل على التجدد بل على الثبوت، فلا يدل على التصنع والتكلف. أما الفعل " يبكون " تدل على الحدوث والتجدد، أي الحدوث بعد الحدوث، وهو ابلغ في الدلالة على تصنع البكاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo