< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/08/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: شيوخ احمد بن محمد بن يحيى في كتاب نوادر الحكمة.

     من التوثيقات العامة: من ورد ذكره في كتاب نوادر الحكمة.

     الاصل في هذه الدعوى استثناء ابن الوليد لروايات 27راويا، فيكون الباقي تحت الاعتبار.

     نقد هذا التوثيق.

     من التوثيقات العامة: اصحاب الصادق (ع) الذين ورد ذكرهم في رجال الشيخ (ره).

     الاصل فيه كلام المفيد (ره) في احصاء اربعة آلاف من اصحاب الامام الصادق (ع) من الثقات.

     نقد هذا الاستدلال.

احمد بن محمد بن يحيى في كتاب نوادر الحكمة ذهب بعضهم إلى ان شيوخه في كتابه كلهم ثقات، وقلنا ان الاصل في هذه الدعوى هو ان محمد بن الحسن بن الوليد استثنى من كتاب نوادر الحكمة روايات سبعة وعشرين راويا فنستنتج أن من تبقى من هذا الاستثناء ثقات. هذا هو محل الاستدلال.

التعليق على هذا الاستدلال: قد يقال: ان استثناء ابن الوليد ليس للرواة، بل للروايات، وعليه فلا يتم الاستدلال.

إذن هناك توجهان او احتمالان وهو ان يكون الاستثناء للرواية بلحاظ الرواة او ان يكون الاستثناء للرواية بلحاظ الروايات نفسها.

الدليل على انها بلحاظ الروايات ما نقل الحر عن الشيخ عن الصدوق انه استثنى من رواياته ما كان فيها تخليط. يفهم منها ان الاستثناء بلحاظ الرواية وان الروايات التي ليس فيها تخليط برأيه تركها. فإذن هذا لا يدل على ان الرواة الذين استثنى رواياتهم ضعفاء، قد يكون الراوي ثقة ومع ذلك الرواية فيها تخليط، احيانا بعض الروايات سندها معتبر مع ذلك ترى فيها تخليط، قد يكون من النقل، او العكس فراو مثل محمد بن سنان يضعفه كثيرون ويتهمونه بالكذب مع ذلك رواياته موزونة لا تخليط فيها.

يقول الشيخ الصدوق ان ابن الوليد استثنى من روايات نوادر الحكمة ما كان فيها تخليط وذكر الروايات التي استثناها محمد بن الحسن بن الوليد، وقد غفل بعض المتأخرين عن قيد التخليط وليس بجيّد.

وظاهر هذا الكلام انه استثنى الرواة لا لعدم وثاقتهم، بل لتخليطهم في الرواية.

ويؤيد ذلك، بل يمكن ان يدل عليه ما ذكره الشيخ الصدوق (ره) في عيون اخبار الرضا (ع) باب ما جاء عن الرضا (ع) من الاخبار المنشورة ح 45 في ذيله قال: كان شيخنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد (رض) سيء الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي، راوي هذا الحديث واني قد اخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب، لانه كان في كتاب الرحمة، وقد قرأته عليه، فلم ينكره، ورواه لي. [1] فإذن اصبح المحور ليس الراوي بل الرواية. محمد بن عبد الله المسمعي ضعيف براي ابن الوليد وكيف روى الرواية عنه؟!.

في الكافي: مع العلم ان محمد بن يعقوب الكليني (ره) قد روى في كتاب الكافي عن محمد بن احمد بن يحيى عن محمد بن عبد الله المسمعي، والاقرب انه اخذ بعض هذه الروايات من كتاب نوادر الحكمة، ومحمد بن عبد الله المسمعي لم يستثنه ابن الوليد من روايات نوادر الحكمة، رغم رايه السيء به، مما يدل انه كان يستثني من الروايات ما فيها تخليط بلحاظ الرواية لا بلحاظ الرواة.

أقول: ان هذا مؤيد قوي، ولم اقل ان هذا دليل لانه قد يقال ان روايات الكافي عن محمد احمد بن يحيى عن المسمعي لم يأخذها من نوادر الحكمة، بل اخذها من مكان آخر، هذا شيء ممكن وان كان مستبعدا، لانه لا يوجد نص بان الكليني اخذها من النوادر، هذا الذي دفعني للقول ان هذا مؤيد كون الاستثناء بلحاظ الرواية لا بلحاظ الراوي، معنى ذلك ان هذا الاستدلال لا يتم.

ما يمكن ان يستدل انه بلحاظ الرواة:

ذكر النجاشي تحت رقم 939: غير ان العباس بن نوح قال: وقد اصاب شيخنا ابو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كله، وتبعه ابو جعفر بن بابويه (ره) على ذلك الا في محمد بن عيسى بن عبيد فلا ادري ما رابه فيه، لانه كان على ظاهر العدالة والثقة. [2]

وهذا الكلام ظاهر في الاستثناء بلحاظ الرواة. لكن نفس هذا الكلام يمكن ان يكون دليلا على ان المراد هو الاستثناء بلحاظ الرواية، لان استثناء محمد بن عيسى بن عبيد لا مبرر له إلا كون روايته في نوادر الحكمة فيها تخليط رغم كونه ثقة.

لا يقال يمكن الجمع بينهما بإرادة الاثنين معا، فيكون قد استثنى الرواة الضعاف والروايات التي فيها تخليط.

فانه يقال: إذا كان الامر كذلك فلا يمكن الاستدلال على وثاقة كل من روى عنهم محمد بن احمد بن يحيى بن عمران في نوادر الحكمة. نعم يمكن الاستدلال حينئذ على كون الروايات الباقية ليس بها تخليط.

نعم، لا شك في ان كون الراوي من شيوخ محمد بن احمد بن يحيى يورث ظنا بوثاقته حيث ان رواياته لم يستثنها ابن الوليد فيكون مؤيدا للوثاقة دون ان يصل مرتبة الدليل.

إلفات: هذه القواعد العامة كلها إذا لم تكن دليلا، وبينا عدم دلالتها على الوثاقة، لكن لا اقل من كونها مؤيد للوثاقة، ومؤيد مع مؤيد قد يورث اطمئنان ويصبح هو الحجة.

النتيجة: ان شيوخ محمد بن احمد بن يحيى بن عمران في نوادر الحكمة لا يوجد دليل على وثاقتهم جميعا، بل نعم هو مؤيد للوثاقة.

من التوثيقات العالمة ما ذكره الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق (ع):

قيل ان جميع من ذكره الشيخ الطوسي في رجاله من اصحاب الصادق (ع) ثقات وقد كانوا حوالي ثلاثة آلاف ونيف.

والاصل في هذه الدعوى ما ذكره المفيد (ره) في الارشاد حيث يقول: نقل الناس عن الصادق (ع) من العلوم ما سارت به الركبان، وانتشر ذكره في البلدان، ولم ينقل عن احد من أهل بيته العلماء ما نقل عنه، ولا لقي احد منهم من أهل الآثار ونقلة الاخبار، ولا نقلوا عنهم كما نقلوا عن ابي عبد الله (ع)، فان اصحاب الحديث قد جمعوا اسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا اربعة آلاف رجل. [3]

وهذا لا يعني ان كل اصحاب الامام الصادق (ع) ثقات. وهذا النص وحده لا يكفي لاثبات الدعوى.

لكن الشيخ الطوسي (ره) يقول في ديباجة كتاب الرجال: ولم اجد لاصحابنا كتابا جامعا في هذا المعنى (اي اسماء الرواة عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) ) إلا مختصرات، قد ذكر كل انسان منهم طرفا، إلا ما ذكره ابن عقدة، فانه قد بلغ الغاية في ذلك، ولم يذكر في رجاله باقي الائمة (ع)، فانا اذكر ما ذكره، واورد من بعد ذلك ما لم يورده. [4]

فإذا لاحظنا كلام الشيخ المفيد (ره) وان الثقات اربعة آلاف، ثم ان ابن عقدة ذكرهم، ونقلهم الشيخ الطوسي عن ابن عقدة، يحصل من هذا المجموع ان ما ذكره الشيخ الطوسي من اسماء رجال الصادق (ع) كلهم ثقات.

نقد ما ذكر: ان الشيخ المفيد (ره) لم يذكر انه نظر إلى رجال ابن عقدة ووثقهم، بل قال ان علماء الرجال قد وثقوا اربعة آلاف، مع العلم ان من كتب في الرجال من زمن الحسن بن محبوب إلى زمن الشيخ الطوسي بالعشرات، بل بالمئات على ما ذكره الشيخ آغا بزرك الطهراني (ره).

وايضا مع ملاحظة ان الشيخ الطوسي لم يذكر توثيقهم ولا النجاشي عند ترجم احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة. والذي يؤيد ان من ذكره الشيخ المفيد ليس المراد بهم من ذكرهم ابن عقدة، ان الشيخ الطوسي قد ذكر في مقدمة رجاله انه سيذكر من ذكرهم ابن عقدة ويزيد عليهم.

وقد ذكر المفيد ان عددهم أربعة آلاف، والشيخ ذكر منهم ثلاثة آلف وخمسين رجلا. مما يؤيد ان الشيخ المفيد لم يكن ناظرا لمن ذكرهم ابن عقدة. والذين ذكرهم الشيخ الطوسي هم من ذكرهم ابن عقدة كما صرّح به.

وعليه فإذا كان ابن عقدة لم يوثقهم وكذا النجاشي والشيخ، خصوصا إذا لاحظنا ان من بينهم مثلا ابو جعفر المنصور.

من كل هذا نستنتج ان لا دليل على توثيق كل من ذكرهم الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق (ع)، نعم يمكن ان نجعله من باب المؤيد.

ملاحظة: قد ذكرنا سابقا ان الرواية عن ضعيف لمبرر عقلائي لا تخدش في عموم التوثيقات، فالرواية عن امثال الدوانيقي قد تكون من باب من فمك ادينك.

النتيجة: ان ما ذكره الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق (ع) لم يثبت انهم جميعا ثقات، نعم هو مؤيد للوثاقة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo