< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/06/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص مباحث علم الرجال.

قاعدة مشايخ الثقات:

نستعرض اليوم بعض الاسماء التي روى عنه ابن ابي عمير وكانت اشكالا عليه لان المعروف انه من الضعاف.

عمر بن جميع الزيدي التري:

وفي كشف الرموز للآبي: والبترية ينسبون إلى كثير النواء، وكان أبتر اليد، فسموا البترية، وهم القائلون بإمامة الثلاثة، ابي بكر وعمر وعثمان، وعلي (ع) والحسن (ع) والحسين (ع)، وعلي بن الحسين (ع)، وزيد بن علي. [1]

من أصحاب الباقر والصادق (عليهما ) قاضي الريّ، قال عنه النجاشي: عمرو بن جميع الازدي البصري، ابو عثمان، قاضي الري ضعيف.

وضعفه الشيخ الطوسي وقال عنه إنه بتريٌ ضعيف.

ولننظر في روايته: ابن أبي عمير لم يرو عنه في الكتب الاربعة، بل روى عنه في معاني الاخبار، روى روايتين: إحداهما في حكم غير ملزم، والاخر في الإخبار بالمستقبل.

فقد روى الصدوق في ( معاني الأخبار ) - عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (ثقة) عن علي ابن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمرو بن جميع قال: قال أبو عبد الله عليه السلام. لا باس بالإقعاء في الصلاة بين السجدتين. [2]

هذه الرواية في امر مستحب وليس في امر ملزم. ونحن قلنا ان من المبررات ان تكون الرواية في امر غير ملزم.

وبهذا الاسناد: قال أبو عبد الله عليه السلام حدثني أبي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم. المطيطاء التبختر ومد اليدين في المشي.[3]

هاتان الروايتان فقط هما ما رواهما ابن ابي عمير عن عمرو بن جميع، واحدة في المستحبات والثانية في المستقبل، ليس فيهما حكم الزامي، وقلنا ان من المبررات رواية المستحبات وكذلك الاخبار عن المستقبل الذي ليس فيه عمل، وليس فيه حكم.

والتخلص من ذلك الاشكال كالتخلص فيما ذكرناه في الرواية عن العامي وهب بن وهب ابي البختري. فلا نعيد.

ابو جميلة المفضل بن صالح:

عامي، والعامة اختلفوا فيه بعضهم من وثقه وبعضهم ضعفه.

هو عامي روى عن الخاصة والعامة، لا يختص بمذهب، كثير الحديث، روى عنه الترمذي وصحح حديثه لكنه يقول: " ليس بذاك الحافظ عند أهل الحديث "، والحاكم النيسابوري وثقه في مستدركه. والعامة مختلفون فيه.

عبد الله بن عدي صاحب الكامل في الضعفاء من أبناء العامة أنكر روايته في الحسن بن علي (ع) في قضية تقبيل البطن، وقال وأما سائر حديثه فأرجو أن يكون مستقيما. هذا بالنسبة إلى ابناء العامة.

اما بالنسبة الينا أدلة التوثيق: الأول:

أن المفضل بن صالح وقع في إسانيد كامل الزيارات، فقد روى عن أبي أسامة زيد الشحام، وروى عنه محمد بن عبد الحميد العطار، الباب 17، في قول جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله إن الحسين تقتله أمتك من بعدك، الحديث 2.

الثاني: وقد تقدم وقوعه في إسناد تفسير علي بن إبراهيم، كما تقدم في عنوان المفضل بن الصالح، وقد شهد بوثاقة جميع من وقع في إسناد كتابه.

ادلة التضعيف: ما يستفاد مما ذكره النجاشي، من أن ضعف المفضل بن صالح كان من المتسالم عليه عند الأصحاب.

توثيق المحقق الوحيد له: ومع ذلك فقد مال المحقق الوحيد إلى اعتباره، لرواية الأجلّة عنه، كذلك من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، كابن أبي عمير، وعبد الله ابن المغيرة، والحسن بن محبوب، والبزنطي في الصحيح، والحسن بن علي بن فضال، كل هذا يشهد بوثاقته والإعتماد عليه، ويؤيده كونه كثير الرواية من غير شذوذ.

رغم ان النجاشي ذكر كلاما: عن النجاشي في ترجمة جابر بن يزيد، قوله: " روى عنه جماعة غُمز فيهم، وضعِّفوا، منهم عمرو بن شمر، والمفضل بن صالح... " كأنما ارسل التضعيف ارسال المسلمات.

أقول: مر غير مرة أن كثرة الرواية ورواية الأجلّة، وأصحاب الإجماع عن رجل لا تدلان على وثاقة الرجل، نعم بلا شك هي مؤيد قوي ولكن ليست دليلا مستقلا قائما بنفسه على الوثاقة.

أقول: إن رواية مشايخ الثقات عنه تدلّ على أنه كان منظورا ويحدث اطمئنان بروايته إلا اننا لا يمكن أن نركن إلى ذلك مع كثرة التضعيفات الواردة بحقه من قبل علمائنا. والذي أراه أنه كان متساهلا في الحديث وكان مكثرا، ومن الطبيعي أن يقع كثيرا في الخطأ. ونصل إلى اننا نتوقف فيه لا نضعفه ولا نوثقه.

فإذن الرواية عن المفضل بن صالح الذي لم يثبت ضعفه لذلك لا تكون خدشا بالقاعدة.

محمد بن سنان:

يقول الحر العاملي: 1049 - محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري، وثقه المفيد، وروى الكشي له مدحا جليلا يدل على التوثيق، وضعفه النجاشي والشيخ ظاهرا، والذي يقتضيه النظر أن تضعيفه أنما هو من ابن عقدة الزيدي، ففي قبوله نظر، وقد صرح النجاشي بنقل التضعيف عنه وكذا الشيخ ولم يجز ما بضعفه، على أنهم ذكروا وجهه، وهو أنه قال عند موته: كل ما رويته لكم لم يكن لي سماعا وأنما وجدته، وهو لا يقتضي الضعف إلا بالنسبة إلى أهل الاحتياط التام في الرواية، وقد تقدم ما يدل على جوازه، ووثقه أيضا ابن طاووس والحسن بن علي بن شعبة وغيرهما ورجحه بعض مشائخنا، وهو الصواب، واختاره العلامة في بحث الرضاع من " المختلف " وغيره، ووجه الذم المروي ما مر في زرارة بل ورد فيه وفي صفوان نص خاص يدل على زوال موجبه ، وذكره ابن طاووس في " فلاح السائل " ورجح مدحه وتوثيقه ، وروى فيه عن أبي جعفر عليه السلام أنه كان يذكر محمد بن سنان بخير ويقول: رضي الله عنه برضاي عنه فما خالفني ولا خالف أبي قط. [4]

ومع احتمال التوثيق وهو احتمال معتد به لا تكون الرواية عنه خدشا للقاعدة.

وقبل انهاء الكلام عن محمد بن سنان لا بأس باضاءة حول السماع والوجادة: والذي اراه ان الوجادة إن كانت قطعية فهي دليل وحجة، كالسماع وان كان السماع أشد وثاقة، ونلاحظ اننا نستعمل الوجادة كثيرا فمثلا: لا يوجد بيني وبين صاحب الوسائل سماع، ولا سند متصل بيني وبينه، ومع ذلك اعمل بما اجده في الوسائل المطبوعة حاليا والتي بين ايدينا. وما ذلك إلا لاني اطمئن بان هذه النسخة هي نسخة صاحب الوسائل.

وان كان الوجادة ظنية فلا تكون حجة ولا يكون الكتاب معتبرا، ولعلّ القرينة على ذلك ان محمد بن سنان قال عند وفاته: كل ما رويته لكم لم يكن لي سماعا وانما وجدته. والظاهر انه قال ذلك من باب براءة الذمة، وهذا يكون قرينة على انه لم يكن يعتقد بصحة الكتب التي بين يديه.

 

عبد الله بن القاسم الحضرمي:

قال النجاشي: عبد الله بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل، كذاب غال يروي عن الغلاة لا خير فيه ولا يعتد بروايته، له كتاب يرويه عنه جماعة. [5]

لننظر إلى الرواية التي رواها: روى محمد بن أبي عمير عنه عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: " كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه الله عز وجل فرجع نبيا، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين ". [6] [7]

عبد الله بن خداش:

عبد الله بن خداش المهري: ومَهرة محلة بالبصرة. قال النجاشي: ضعيف في مذهبه ارتفاع.

قال الكشي: قال محمد بن مسعود، قال ابو محمد عبد الله بن محمد بن خالد: ابو خداش عبد الله بن خداش، ثقة. لكن عبد الله بن محمد هذا الذي وثق بن خداش يدور أمره بين الطيالسي الثقة وبين غيره.

والنتيجة: أن عبد الله بن خداش لم يثبت ضعفه وروايته غير شاذه، بل يمكن الذهاب إلى توثيقه بناء على توثيق الكشي عمن زكّاه، فيكون الضعف في العقيدة، فلا مانع من توثيقه، ومع عدم المانع من التوثيق لا يتم الاشكال على القاعدة.

يبقى عبد الله بن محمد الشامي، وكلمة " واضرابهم " ان شاء الله نكمل غدا.

 


[6] هذه الرواية تربوية، احيانا تروى الرواية وناقلها ليس بالثقة لكن تجد انها تلامس الوجدان ذات مضامين عالية فيرويها. مثلا: هناك في الصين مثل قديم وهو: " لا تعط الصياد سمكة، بل علمه الصيد ". هذا المثال نستعمله ويمكن ان يصبح قاعدة، مع العلم انه قد يكون قائلها غير معلوم قد يكون كافر فاسق كذابا لكنه شخصية، وعادة الناس تأخذ من الشخصيات. هذه الرواية التي ذكرناها " كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو " مسألة وجدانية ومعاشة، وقلنا ان الروايات التربوية والوجدانية لا تحتاج حتى إلى الراوي الثقة. فابن ابي عمير وصفوان والبزنطي عندما يروون لا يروون إلا عن ثقة طمعا في الحكم الإلزامي الشرعي فينقل صحيحا، اما الوجدانيات التي ليست بحاجة إلى دقة التوثيق فيتسامح في المنقول عنه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo