< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص مباحث علم الرجال.

قاعدة مشايخ الثقات:الاشكالات على القاعدة، الاشكال برواية هؤلاء عن الضعاف:التخريجات واحتمالات المراد:

الاشكال الثالث هو ان نفس الشيخ الطوسي (ره) قد روى روايات عن هؤلاء الثلاثة وهم يروون عن ضعاف، فكيف نستطيع ان نقول بانهم لا يروون إلا عن ثقة؟

نذكر بعض التوجيهات لروايتهم عن الضعاف:

الاحتمال الاول: إن المراد هو ان هؤلاء الثلاثة واضرابهم لا يروون إلا عن ثقة زمن الرواية، واما ما بعد زمن الرواية فقد يتغير المروي عنه، وذلك ان احوال الرجال قد تتغير، فلعلّ ابن ابي عمير عندما روى عن الضعيف كان الضعيف ثقة، ثم إن هذا الثقة قد تغيرّت اخلاقه وصار ضعيفا، وذلك كعلي بن ابي حمزة البطائني وهو من كبار الشيعة من تلامذة موسى بن جعفر (ع) وكان مستقيما في العقيدة ممدوحا، ثم انحرف واصبح واقفيا، وكبني فضال وعبد الله بن بكير والذي هو من اصحاب الاجماع اصبح فطحيا.

وهذا الوجه ممكن، لكنه يقتضي ثبوت وثاقة المروي عنه حال الرواية، ثم العمل برواياته باستصحاب الوثاقة عند الشك بها، ولا تسقط وثاقته إلا عند ثبوت ضعفه وكذبه كوهب بن وهب ابي البختري وهذا الوجه لا يختلف بالنتيجة مع ثبوت القاعدة، لان القاعدة تقتضي توثيق من يروي عنه هؤلاء المشايخ الثقات، وبالتالي العمل بروايات المروي عنهم من المجهولين، وهي نفس النتيجة التي يقتضيها هذا الوجه الذي يؤدي إلى ان نعمل بالرواية ونعتبره موثوقا ولو بالاستصحاب حتى تسقط وثاقته.

الاحتمال الثاني: أن هؤلاء المروي عنهم ثقات عند هؤلاء الثلاثة وبالتالي عند الطوسي لا عند الناس. هذا الوجه يذكره السيد الخوئي (ره) حيث يقول: إن الرواية عن هؤلاء الضعفاء لا تنافي دعوى الشيخ (ره) انهم لا يروون إلا عن ثقة، فان الظاهر ان الشيخ الطوسي يريد بذلك انهم لا يروون إلا عن ثقة عندهم، فروايته عن شخص شهادة منه – أي من الطوسي – على وثاقته، وهذه شهادة يؤخذ بها ما لم يثبت خلافها ككل العمومات. [1]

السيد الخوئي (ره) يجيب على ذلك يقوله في معجم رجال الحديث: قلت: لا يصح ذلك بل الشيخ اراد بما ذكر انهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة في الواقع ونفس الامر لا من يكون ثقة باعتقادهم، إذ لو اراد ذلك لم يمكن الحكم بالتسوية بين مراسيلهم ومسانيد غيرهم، فانه إذا ثبت في موارد من الضعفاء – وان كانوا ثقات عندهم – لم بمكن الحكم بصحة مراسيله، إذ من المحتمل ان الواسطة هو من ثبت ضعفه عنه، فكيف يمكن الاخذ بها؟ ولذلك قال المحقق في المعتبر في آداب الوضوء: ( ولو احتج بما رواه بن ابي عمير عن بعض اصحابنا .... كان الجواب بالطعن في السند لمكان الارسال، ولو قال مراسيل ابن ابي عمير يعمل بها الاصحاب منعنا ذلك، لان في رجاله من طعن الاصحاب فيه، وإذا ارسل احتمل ان يكون الراوي احدهم ). [2]

هذا يدل على ان المراد من " لا يروون إلا عن ثقة " هو الثقة عند الناس والفقهاء وليس عنده شخصيا وهذا هو معنى كلام المحقق في الشرايع.

نحن نؤيد السيد الخوئي تأييدا كاملا في انه ليس المراد ما كان ثقة عند ابن ابي عمير، بل كان ثقة عند الفقهاء او عند الناس، خصوصا مع تعبير الشيخ الطوسي (ره) " عرفوا " الظاهرة منه اشتهار وثاقتهم عند الناس.

الاحتمال الثالث: تقييد الراوي بالامامي، إن مقصود الشيخ من قوله " لا يروون إلا عن ثقة " الثقة الامامي دون غيره. لكن الشيخ (ره) روى عن الواقفي كالبطائني، والفطحي كعلي بن حديد والبتري كعمرو بن جميع، والعامي كوهب بن وهب، والمجهول كزيد الزراد.

نقول: إلا انه لا ظهور في ذلك ولا قرينة تدل عليه، فنبقى على العموم.

الاحتمال الرابع: تقييد الرواية بالعقائد [3] والاحكام الالزامية دون غيرها. فتخرج الروايات الواردة في المستحبات والمكروهات والمندوبات والامور التاريخية والعرفية والعادات.

وهذا التخصيص للروايات التي رواها هؤلاء الثقات عن الضعفاء غير بعيد، لامور:

منها: التسامح في ادلة السنن، كالرواية الوحيدة التي رواها ابن ابي عمير عن وهب بن وهب عن الصادق (ع) المروية في الكتب الاربعة، رواها الشيخ عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن ابي عمير عنه (وهب بن وهب ) عن ابي عبد الله (ع) عن ابيه عن علي (ع) انه قال: مضت السنة انه لا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء ولا يستسقى في المسجد إلا بمكة. [4]

فلا مانع من نقل المسنون عن ضعيف لاحتمال صدقه.

ومنها: تقييد الرواية بخصوص الالزاميات والمخترعات والاحكام الشرعية، نكمل ذلك غدا ان شاء الله.

 


[3] فائدة: في بعض الروايات وقد لا تكون معتبرة سندا لكن موجودة: ثلاثة من انبياء بني اسرائيل كانوا في بلاط نبوخذ نصر ويقال عنه احيانا بختنصر، الانبياء: ارميا، ودانيال، وعزير. ونبوخذ نصر معروف بالملك البطاش وكان قبل ان يصبح ملكا فقيرا معدما حطابا مسكينا، اقتنع بنبوة النبي دانيال وكان في بعض الامور حكيما، سلَّم النبي دانيل امور الدولة البابلية كما سلم فرعون مصر ادارة الدولة ليوسف (ع)، احتل نبوخذ نصر مصر ودول الشام وكسر ملك النيل، وكانت دولته من اعظم دول الارض في زمنه. هذه الامور يمكن ان يكون لها بعض الاستنتاجات الفقهية: ما هي حدود التعامل مع الحاكم؟ إذا كان لاجل اصلاح وخدمة الناس ولخدمة البشر، أو لخدمة الدين والمذهب بهذا القصد، كما كان علي بن يقطين مع هارون الرشيد، هذا النوع من التعامل ليس من نوع التولي، يكون له ثمرة شرعية. اما مجرد ان النبي دانيال كان في زمن نبوخذ نصر ما هو الاثر الشرعي لهذه القضية؟ لا شيء نعم تاريخيا نذكره ولذلك لا يكون خبر الواحد حجة فيه. هنا قد يقال ان مرادهم " لا يروون إلا عن ثقة " الروايات الشرعية أو المخترعات الشرعية أو الاحكام الشرعية، أي ما كان من شأن الشارع. اما ما لم يكن من شأن الشارع ولا دخل له فيه فلا الخر حجة فيه، ولذلك قالوا في مسألة حجية خبر الواحد انها خاصة في خصوص الاحكام الشرعية أو موضوعاتها أو مخترعات الشارع، لان دليل حجيته اتى من الشارع ولو تقريرا فيكون مما كان من شأن الشارع، اما الامور العرفية كعادات الناس في الهند قديما ان يدفنوا المرأة مع زوجها إذا توفي كما قيل. ما هو الاثر الشرعي لهذا الامر؟. فإذن حجية خبر الواحد لا تشمل الامور التي ليست من شأن الشارع، وهذا شأن عقلائي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo