< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص مباحث علم الرجال.

قاعدة مشايخ الثقات:

    1. الاشكالات على القاعدة:

الفرق بين القاعدة وغيرها من الاحكام:

قلنا ان القاعدة يؤخذ فيها انه عند الشك ارجع اليها، وهذا هو الفرق بين القاعدة والحكم. الحكم هو محمول كلي على موضوع كلي مثلا: " اوفوا بالعقود " كل عقد يجب الوفاء به، وهذا حكم قضية حملية، اما القاعدة مأخوذ فيها عند إنشائها الرجوع إليها عند الشك في ثبوت المحمول للموضوع. كما في كل شيء لك طاهر حتى تعلم بانه قذر " كأنك تقول ارجع إلى هذا عند الشك.

هناك عدة اشكالات وردت على هذه القاعدة – أي قاعدة مشايخ الثقات – وقد أجبنا عنها، وكنا في الكلام عن التسوية بين المراسيل والمسانيد.

اما السؤال في انه كيف عمل بالمرسل وهو يقول: " اول ما فيه انه مرسل " وهذا تضعيف للرواية.

والجواب: في الروايات التي تذكر " الكر " هناك ذكر ان الكر ستمائة رطل، وفيه رواية أخرى ان الكر الف ومائتي رطل، وكلتاهما مرسلتان من ابن ابي عمير ومع ذلك عمل بإحداها دون الاخرى.

هو رحمه الله الشيخ الطوسي في كلام العدّة واعتقد انها هي باب الحل، وهل هناك تعارض وتكاذب في كلام الطوسي رحمه الله بين اول ما فيه انه مرسل وبين ان مرسلاتهم كمسانيدهم، وعملت الطائفة بمرسلاتهم؟.

الجواب: انه عمل بمرسل معارض بمرسل آخر، ولم يعارض بمسند، ولكن عندما قال مراسيلهم كمسانيدهم هذا عام، ثم قال: " ان المرسل إذا عورض بمسند لا يعمل به"، هذا تخصيص وهذا عام إذن يقدم الخاص على العام، اجمع بين العام والخاص بالتخصيص. فالنتيجة ان ابن ابي عمير مرسلاته يعمل بها لو كانت منفردة.

وثانيا انه ارسله عن شخص ممدوح وان كان مجهولا، فيمكن حينئذ تخصيص العمل بالمرسل بهاذين الامرين: عدم المعارضة بمسند، وتوصيف المرسل عنه المجهول بصفة ممدوحة وهذا ليس من باب الدليل اللفظي بل من باب العمل بالقدر المتيقن. وهذا لا يعني ابدا اسقاط القاعدة او اختراقها. [1]

إذن لو قلت هكذا " ان اول ما فيه انه مرسل " يعني ان كل مرسل لا يعمل به،- هذا عام - ثم جاء ان مرسل ابن ابي عمير غير المعارض بمسند يعمل به، - هذا خاص - وذاك عام، فيقدم الخاص على العام.

ويتضح هذا التخصيص عند ملاحظة المرسلة الثانية لابن ابي عمير المروية في كتابيه الاستبصار والتهذيب: ففي الاستبصار: فاما ما رواه ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن زرارة عن ابي جعفر (ع) قال: السائبة وغبر السائبة سواء في العتق، فاول ما فيه انه مرسل، وما هذا سبيله لا يعترض به على الاخبار المسندة. [2]

وفي التهذيب: واما ما رواه بن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن زرارة عن ابي جعفر (ع) قال: السائبة وغير السائبة سواء في العتق. فاول ما فيه انه مرسل وما هذا سبيله لا يعارض به الاخبار المسندة. [3]

ونلاحظ: ان الارسال في الروايتين هو عن بعض اصحابنا، وفي الروايتين بيان لعدم معارضة المرسل للاخبار المسندة.

ولذلك نقول: إذن ما بُيّن في هاتين المرسلتين، من كون الارسال تضعيف للرواية، ومن عدم معارضة المرسل للأخبار المسندة، فيكون هذا حكما عاما للمرسل، وهو عدم الاخذ بكل المرسلات.

وفي مرسلات ابن ابي عمير واضرابه فيقول الشيخ الطوسي (ره): " ولذا عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم "

وحينئذ التنافي بين قوله: " اول ما فيه انه مرسل " أي ان المرسل لا يؤخذ به، وبين قوله " عمل بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم " هذا التنافي ليس تعارضا ولا تكذيبا، [4] بل هو تخصيص، ( إذ المرسل لا يؤخذ به ) عام، والعمل بمراسيل ابن ابي عمير في حال الانفراد وعدم المعارضة بالمسند (خاص)، فيقدّم الخاص على العام وان كان الخاص منفصلا.

ويؤيد هذا التخصيص قوله: " وما هذا سبيله لا يعارض به الاخبار المسندة ".

وبالنتيجة: ان محصل كلام الشيخ الطوسي (ره) هو التالي: إن مرسل ابن ابي عمير واضرابه يعمل به بشرط عدم معارضته لخبر مسند.

الاشكال الثاني الباقي على القاعدة: وهي ان الشيخ الطوسي وهو صاحب القاعدة وناقلها قد نقل في كتبه المعتبرة كالتهذيب والاستبصار اخبارا لهؤلاء الثلاثة واضرابهم عن ضعفاء. هذا الاشكال الاخير إذا استطعنا الخروج منه تتم القاعدة وهي التالية: ان هؤلاء لا يروون إلا عن ثقة ومراسيله كمسانيدهم إلا ما كان معارضا بمسند.


[1] العام والخاص عندما يتنافيان، هذا التكاذب وهذا التنافي لا يسقط العام، فإذا قلت لك اكرم العلماء، ثم قلت لك لا تكرم زيدا. هذا تخصيص وهذا جمع عرفي بالمعنى الاعم. لان الجمع العرفي له معنيان، تارة بالمعنى الاعم وتارة بالمعنى الاخص. بالمعنى الاعم يشمل: العام والخاص، المطلق والمقيّد، الحكومة، والورود، الجمع العرفي بمعنى الخاص، أي يجمعها الظهور. العرف يجمع فإذا تنافى دليلان يقدم الاظهر على الظاهر، ولذلك يقدم الخاص على العام، ويقدم المقيّد على المطلق كأعتق رقبة ثم يقول اعتق رقبة مؤمنة، والحكومة والورود هذه كلها من باب الجمع العرفي بالمعنى الاعم. وهناك الجمع العرفي بالمعنى الاخص الذي هو لا حكومة ولا ورود ولا تخصيص ولا تقييد مثل " مزاح المؤمن عبادة " وفي رواية اخرى: " ما مزح مؤمن مزحة إلا مج من عقله مجة " هذا تعارض واضح، موضوعان متقابلان لا يوجد عام وخاص ولا مطلق ومقيّد ولا حكومة ولا ورود، هنا العرف وحده عندما يسمعهما يرى جمعهما بشكل خاص بقرينة ان المزاح من باب ادخال السرور، فيقيّد كلا الطرفين فيقيّد " مزاح المؤمن عبادة " بقيد فيما لو ادخل السرور، اما إذا كان مجرد هزال مج من عقله مجة. هذا ما نسميه جمعا عرفيا بالمعنى الاخص. فالظهور معناه انه عندما تسمعهما وحدك تذهب إلى الجمع، وهذا هو الفرق بين الجمع العرفي والجمع التبرعي.
[4] التعارض هو كاكرم العلماء ولا تكرم الفساق، قد يقال هذا تعارض، والعلماء يشمل الفساق أيضا فكيف تقول انه لا يشمل الفساق، نقول هذا عام وخاص هذه لغة العرب ولغة الدنيا. العام والخاص ليس تعارضا وتنافيا تكذيبيا حتى نجري عليه باب التعارض، بل هو في العام والخاص نقدم الخاص على العام دلالة وليس من باب التنافي ابدا. ولو كان من باب التنافي لم تبقى رواية نعمل بها ألا النادر لان القرآن: " ما خالف قول ربنا لم نقله " ويقال ان " اوفوا بالعقود " قول ربنا، ماذا تفعل بالرواية التي تقول ان بيع الصبي باطل، وهذا بيع وعقد، فإذن هذا تكذيب وخلاف للقرآن. نقول: ان العام والخاص ليس مخالفة، هذا مخالفة بدوية تنتفي بالظهور ويقدم الاظهر على الظاهر، والمقيّد على المطلق والخاص على العام، وهكذا الاطلاق والتقييد هذا ليس من باب التخالف والتكذيب والتعارض، بل هو من باب الجمع العرفي، وهكذا باقي أنحاء الجمع العرفي بالمعنى الاعم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo