< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

40/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تلخيص مباحث علم الرجال.

قاعدة مشايخ الثقات:

    1. الاشكالات على القاعدة:

كان الاشكال الاول ان القاعدة حدسية لا حسية، وقلنا ان القاعدة حسية لظهور كلمة " عُرِفوا " بذلك.

الاشكال الثاني: ذكر السيد الخوئي (ره) وغيره ان دعوى التسوية لم تذكر في كتب القدماء وليس لها عين ولا أثر.

والجواب: إن عدم ذكر القاعدة في كلام القدماء ليس نقضا للقاعدة لامرين:

الاول: عدم وصول معظم الكتب الرجالية الينا. يقول السيد الخوئي (ره) نفسه في معجم رجال الحديث: وقد كان تأليف كتب الفهارس والتراجم لتمييز الصحيح من السقيم امر متعارفا عندهم، وقد وصلتنا جملة من ذلك، ولم تصلنا جملة اخرى. وقد بلغ عدد الكتب الرجالية من زمان الحسن بن محبوب إلى زمان الشيخ نيفا ومائة كتاب على ما يظهر من النجاشي والشيخ وغيرهما وقد جمع ذلك البحاثة الشهير المعاصر الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه مصفى المقال. [1]

الثاني: إن من تطور العلوم هو التفات العلماء إلى المفردات وجعلها في قواعد، وهذا شأن جميع العلوم، حيث تنشأ القاعدة على مراحل ومع السنين. واذا فلا مانع من كون الشيخ الطوسي (ره) اول من التفت إلى المشترك بين هؤلاء الثلاثة واضرابهم. [2]

الاشكال الثالث: رجوع هذه القاعدة إلى قاعدة اصحاب الاجماع، ولما لم تثبت هذه الاخيرة فدعوى مشايخ الثقات غير ثابتة.

والجواب: إن دعوى الاستناد لا دليل عليها سوى ما توهّم من كون " واضرابهم " إشارة إلى اصحاب الاجماع. وقد بيّنا بطلانه. ثم إنا توصلنا إلى أن كلمة " تصحيح ما صحّ عنهم " التي ذكرها الكشي في اصحاب الاجماع لا تدل على اكثر من جلالتهم وشدة وثاقتهم، ولا تدل على انهم لا يروون إلا عن ثقة كما هي قاعدة مشايخ الثقات.

الاشكال الرابع: إن الشيخ الطوسي (ره) اخترق بنفسه هذه القاعدة فقد روى مرسلتين عن ابن ابي عمير حيث يقول فيهما: " فأول ما فيه انه مرسل " مع انه يعلم انه مرسله ابن ابي عمير. مع ملاحظة ان لسان " اول ما فيه " لسان تضعيف وتوهين وتمريض وليس لسان تخصيص.

الرواية الاولى: ما في تهذيب الاحكام: فاما ما رواه محمد بن ابي عمير قال: روى لي عن عبد الله يعني ابن المغيرة يرفعه إلى ابي عبد الله (ع): ان الكرّ ستماية رطل. فاول ما فيه انه مرسل غير مسند، ومع ذلك مضاد للاحاديث التي رويناها، ومع هذا لم يعمل عليه احد من فقهائنا. ويحتمل أن يكون الذي سأل عن الكر من البلد الذي عادة ارطالهم ما يوازن رطلين بالبغدادي، فافتاه على ما علم من عادته ويكون مشتملا على القدر الذي قدمناه في الكر. [3]

وطعون الشيخ على الرواية ثلاثة:

اولا: اول ما فيه انه مرسل غير مسند.

ثانيا: ومع هذا لم يعمل عليه أحد من فقهائنا.

ثالثا: ومع ذلك فهو مضاد للاحاديث التي رويناها.

ولا شك ان الطعن الاول والثاني يخدشان في القاعدة، ولا يرد ان مئات المرسلات عن هؤلاءقد رواها في التهذيب فلا تخدش مرسلتين أو ثلاثة بها، إذ انه " ما من عام الا وقد خص " العام لا يمكن ان يخصص إلا بملاك آخر في المخصص في الافراد ليخرج البعض عن العموم. ومع عدم وجود الملاك يكون هناك نص في العموم.

بل نقول: بل هذه تخدش لان لسان " اول ما فيه انه مرسل " لسان خدش لا لسان تخصيص.

اما الطعن الثالث: " ومع ذلك فهو مضاد للاحاديث المضادة التي رويناها " فنذكر منها: ما اخبرني به الشيخ ايده الله تعالى عن احمد بن محمد بن الحسن عن ابيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن احمد بن يحيى عن يعقوب بن يزيد عن ابن ابي عمير عن يعض اصحابنا عن ابي عبد الله (ع) قال: الكر من الماء الذي لا ينجسه شيء الف ومائتا رطل. [4]

والجواب: اولا: في المرسلة الاولى التي تقول بان الكر ستماية رطل ارسالان: قال: " روي لي عن عبد الله بن المغيرة. والارسال الثاني " يرفعه " فلعلّ مراده أحد الارسالين وهو ارسال عبد الله بن المغيرة.

ثانيا: ان الروايتين الواردتين مرسلتان، ومع ذلك عمل بالثانية، والسؤال: كيف يعمل بها مع انها مرسلة وهو يقول في بعض المرسلات: " اول ما فيه انه مرسل ". المفروض مع وجود الارسال، الذي هو بيان مناط اسقاط الرواية عن الاعتبار، ان لا يعمل بالروايتين ويسقطان.

ويمكن الجواب على هذا التساؤل: اما بالنسبة للتقديم فلعلّه بسببين:

احدهما قد ذكره (ره) من مقاربة روايات قياس الكر بالوزن أي ألفا ومايتا رطل بالحجم بالاشبار دون الاخرى، حيث يقول: فاما الاخبار التي رويت مما يتضمن التحديد بثلاثة اشبار والذراعين وما اشبه ذلك، فليس بينها وبين ما رويناه تناقض، لانه لا يمتنع ان يكون ما قدره هذه الاقدار وزنه الف ومائتا رطل. [5]

ثانيهما: لسان الارسال في المرسلة الثانية أقوى من لسانه في المرسلة الاولى، ففي حين انه في الاولى يقول في التهذيب: " فأما ما رواه محمد بن ابي عمير قال روي لي عن عبد الله بن المغيرة ". نرى انه في الثانية يقول: عن ابن ابي عمير عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله (ع).

فالمرسل عنه المجهول في الاولى قد يكون أكثر من واحد، وهو مجهول غير موصوف، وفي الثانية المرسل عنه موصوف ممدوح بانه بعض اصحابنا. ارسال هذه الرواية من جهة السند اقوى من الارسال الاول.

تذكر في التعارض تعارض الادلّة هناك كلام للشيخ الانصاري (ره) يقول في مقام الترجيحات ان الارجح هو الاقرب للواقع فيعمل به، وانا اعمل بذلك. والاقرب للواقع يجب ان يكون بالمقربات العقلائية وليس الشخصية، إذ الظن الشخصي الناشئ عن المقرب العقلائي يكون حجة على نفسه دون غيره. لذلك ورد بالروايات خذ بأفقههما واوثقهما وبما خالف القوم وبأشهرهما هذه عبارة عن تطبيقات للمقربات العقلائية للواقع، ولعلّ هذه من هذا القبيل.

اما السؤال في انه كيف عمل بالمرسل وهو يقول: " اول ما فيه انه مرسل ". نكمله غدا ان شاء الله.


[2] وكمثال على انشاء القواعد: كنت ادرس في النجف وكنت احاول ان اجعل النحو في قواعد لتعين الطالب في دراسته وتنظيم ذهنيته النحوية، مثلا: كقاعدة عامة: كل اسم يجب ان ينون تنوين الامكنية، إلا لاربعة موانع: ممنوع من الصرف، لام التعريف، الاضافة، والبناء. هذه القاعدة لم ارها في مكان، من خلال الاستقراء استنتجت هذه القاعدة، وقد يأتي احد ويقول ان هذه القاعدة غير تامة وليس إذ لها أي اثر ولا عين عند علماء النحو. الجواب: ان هذه القاعدة انا استقرءتها، ومن خلال الاستقراء طبقتها. فمن العلوم يكون استقراء للافراد في المرحلة الاولى ثم يلي ذلك استنتاجقواعد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo