< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

39/08/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المفضل بن صالح ابو جميلة ومحمد بن سنان، وعبد الله بن القاسم الحضرمي، وعبد الله بن خداش، وعبد الله بن محمد الشامي.

     قاعدة مشايخ الثقات هي إحدى تطبيقات مسألة ينبغي أن تدرس في علم الاصول وهي: متى يسقط خبر الواحد الحسي بعد تمامية مقدمات الاعتبار.

     ابو جميلة المفضل بن صالح.

     محمد بن سنان.

     عبد الله بن القاسم الحضرمي.

     عبد الله بن خداش.

     عبد الله بن محمد الشامي.

     النتيجة: إن الرواية عن هؤلاء لا تخدش بالقاعدة.

قاعدة مشايخ الثقات هي تطبيق لمسألة أصولية نحتاج إلى تأسيسها: ذكرنا في قاعدة مشايخ الثقات ان الشيخ الطوسي نفسه يروي عن ابن ابي عمير وصفوان روايات عن غير الثقات. وقلنا في كيفية معالجة الموضوع ان هذه القاعدة مشهورة وحجيتها مشهورة وهذه القاعدة يجب ان تجعل من تطبيقات علم الاصول وذلك عند البحث في الخبر الواحد الذي يحتوي على ابحاث منها مثلا: إذا كان هناك ظن على خلاف خبر الواحد، أو بعد تحقيق شرائطها، إذا كان هناك شهرة على خلاف خبر الواحد إلى آخره، ومن جملتها يجب أن نؤسس لمسألة وهي: متى يسقط خبر الواحد عن الحجية، وقلنا ان السقوط يكون إما بخبر معارض وإما باحتمال مبرر عقلائي لهذا الاختراق، ومن جملتها قلنا ان هؤلاء الذين اشكلتم بهم على اختراق القاعدة كمحمد بن سنان الذي تُعتبر رواية ابن ابي عمير عنه وهو قريب الوثاقة، فإن عدد الرواة الذين على شاكلته يكون بالعشرات اختراقا. لكن قلنا ان هناك مبرر عقلائي، فلا مانع من ذلك ولا تسقط القاعدة.

المفضل بن صالح ابو جميلة:

كان الكلام في ابي جميلة المفضل بن صالح وذكروا انه كان عاميا روى عن الخاصة والعامة. تكلم عنه ابناء العامة بعض ضعَّفه، كثير الحديث، لا يختص بالمذهب. وذكرنا أن الشيخ (ره) قال: " مفضل بن صالح، يكنى أبا جميلة، له كتاب (نوع من الاعتبار ان يكون له كتاب). وكان نخاسا يبيع الرقيق، ويقال إنه كان حدادا، أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن ابن بطة [1] ، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عنه ".

ادلة التضعيف: النجاشي ضعفه ويقول عنه عن جابر بن يزيد قوله: " روى عنه جماعة غُمز فيهم، وضعِّفوا، منهم عمرو بن شمر، والمفضل بن صالح... ".

كل ادلة التضعيف التي ذكرناها معارضة بادلة على التوثيق فقد مال المحقق الوحيد إلى إصلاح حاله، لرواية الأجلّة ومن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، كابن أبي عمير، وابن المغيرة، والحسن بن محبوب، والبزنطي في الصحيح، والحسن بن علي بن فضال، يشهد بوثاقته والإعتماد عليه، ويؤيده كونه كثير الرواية سديدة مفتى بها. (إنتهى).

السيد الخوئي (ره) يقول: مر غير مرة أن كثرة الرواية ورواية الأجلّة [2] ، وأصحاب الإجماع عن رجل لا تدلان على وثاقته، وعلى تقدير تسليم الدلالة، فلا يمكن الأخذ بها مع ما سمعته من النجاشي من التسالم على ضعف الرجل، والله العالم.

رأي السيد الاستاذ أقول: إن رواية مشايخ الثقات عنه تدلّ على أنه كان منظورا وقد تحدث اطمئنان بروايته، إلا اننا لا يمكن أن نركن إلى ذلك مع كثرة التضعيفات الواردة بحقه من قبل علمائنا. والذي أراه أنه كان متساهلا في الحديث وكان مكثرا، ومن الطبيعي أن يقع كثيرا في الخطأ. ونصل إلى اننا نتوقف فيه لا نضعفه ولا نوثقه.

والنتيجة: في مقام البحث عن ثبوت القاعدة: " لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة " لا يتم الخدش بها إلا مع القطع بالرواية عن ضعيف، وعدم وجود مبرر، ومع هذه الادلّة وهذه الاحتمالات وذهاب بعضهم إلى التوثيق كما عن المحقق الوحيد (ره) لا اقطع بالضعف. بالنتيجة المهم في بحثنا هذا أن الرواية عن المفضل بن صالح لا تكون خدشا بالقاعدة.

محمد بن سنان:

يقول الحر العاملي: 1049 - محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري، وثقه المفيد، وروى الكشي له مدحا جليلا يدل على التوثيق، وضعفه النجاشي والشيخ ظاهرا، والذي يقتضيه النظر أن تضعيفه أنما هو من ابن عقدة الزيدي، ففي قبوله نظر، وقد صرح النجاشي بنقل التضعيف عنه وكذا الشيخ ولم يجز ما بضعفه، على أنهم ذكروا وجهه، وهو أنه قال عند موته: كل ما رويته لكم لم يكن لي سماعا وأنما وجدته وهولا يقتضي الضعف إلا بالنسبة إلى أهل الاحتياط التام في الرواية، وقد تقدم ما يدل على جوازه، ووثقه أيضا ابن طاووس والحسن بن علي بن شعبة وغيرهما ورجحه بعض مشائخنا، وهو الصواب، واختاره العلامة في بحث الرضاع من " المختلف " وغيره، ووجه الذم المروي ما مر في زرارة بل ورد فيه وفي صفوان نص خاص يدل على زوال موجبه ، وذكره ابن طاووس في " فلاح السائل " ورجح مدحه وتوثيقه ، وروى فيه عن أبي جعفر عليه السلام أنه كان يذكر محمد بن سنان بخير ويقول: رضي الله عنه برضاي عنه فما خالفني ولا خالف أبي قط. [3]

ومع احتمال التوثيق وهو احتمال معتد به لا تكون الرواية عنه خدشا للقاعدة.

عبد الله بن القاسم الحضرمي:

يقول الشيخ السبحاني في كتابه كليات في علم الرجال:

قال النجاشي: عبد الله بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل، كذاب غال يروي عن الغلاة لا خير فيه ولا يعتد بروايته، له كتاب يرويه عنه جماعة. [4]

وذكره الشيخ في " الفهرس " وقال: له كتاب، وذكر سنده إليه، وعنونه في رجاله في أصحاب الكاظم عليه السلام قائلا: عبد الله بن القاسم الحضرمي واقفي.

وقال ابن الغضائري: عبد الله بن القاسم الحضرمي كوفي ضعيف أيضا غال متهافت ولا يرتفع به.

روى محمد بن أبي عمير عنه عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: " كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه الله عز وجل فرجع نبيا، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين ". [5] [6]

يلاحظ عليه: من المحتمل، اعتماد النجاشي في تضعيفه إلى تضعيف ابن الغضائري، يعرف عنه تقارب العبارتين، وقد عرفت قيمة تضعيفاته. ( هذا الاحتمال من الشيخ السبحاني ليس دليلا، بل هو من المؤيدات، والنجاشي عندما ضعفه ضعفه استنادا للكتاب الاساسي الذي لم يصل الينا، أما الكتاب الحالي لا قيمه له علمية عندنا فاننا وصلنا إلى احتمال كونه موضوعا احتمالا يعتد به ).

إذن عبد الله بن القاسم الحضرمي لم نقل بتوثيقه لكن ما نريده ان القاعدة لا تسقط لانه نقل مسألة وجدانية.

عبد الله بن خداش:

عبد الله بن خداش المهري: ومَهرة محلة بالبصرة. قال النجاشي ضعيف في مذهبه ارتفاع.

قال الكشي: قال محمد بن مسعود، قال ابو محمد عبد الله بن محمد بن خالد: ابو خداش عبد الله بن خداش، ثقة. لكن عبد الله بن محمد هذا الذي وثق بن خداش يدور أمره بين الطيالسي الثقة وبين غيره.

والنتيجة: أن عبد الله بن خداش لم يثبت ضعفه وروايته غير شاذه، بل يمكن الذهاب إلى توثيقه بناء على توثيق الكشي عمن زكّاه، فيكون الضعف في العقيدة، فلا مانع من توثيقه، ومع عدم المانع من التوثيق لم يتم الاشكال على القاعدة.

عبد الله بن محمد الشامي:

ذكر الشيخ السبحاني في كليات علم الرجال: عبد الله بن محمد الشامي: روى الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن محمد الشامي، عن حسين بن حنظلة، عن أحدهما عليهما السلام قال: أكل الكباب يذهب بالحمى. [7]

وروى أيضا عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن محمد الشامي، عن الحسين بن حنظلة قال: الدباء يزيد في الدماغ. [8]

وروى البرقي في المحاسن بسنده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن محمد الشامي، عن الحسين بن حنظلة، عن أحدهما عليهما السلام قال: السمك يذيب الجسد. [9] [10]

غدا نكمل ملخص كل القاعدة وما نذهب اليه ونسألكم الدعاء.


[1] ابن بطة من كبار رواة العامة، وقد ضعفه معضهم من جهة ضعف الحفظ، وقد روى عن العامة والخاصة.
[2] بلحاظ الحديث الشريف: " اعرفوا منازل الرجال منا بكثرة روايتهم عنه " لكن هذه بمفردها ليست دليلا على الوثاقة، نعم قد تكون دليلا على الاحترام أو الاعجاب أو المصلحة أو المحبة.
[5] هذه الرواية تربوية، احيانا تروى الرواية وناقلها ليس بالثقة لكن تجد انها تلامس الوجدان ذات مضامين عالية فيرويها. مثلا: هناك في الصين مثل قديم وهو: " لا تعط الصياد سمكة، بل علمه الصيد ". هذا المثال نستعمله ويمكن ان يصبح قاعدة، مع العلم انه قد يكون قائلها غير معلوم قد يكون كافر فاسق كذاب لكنه شخصية وعادة الناس تأخذ من الشخصيات. هذه الرواية التي ذكرناها " كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو " مسألة وجدانية ومعاشة، وقلنا ان الروايات التربوية والوجدانية لا تحتاج حتى إلى الراوي الثقة. فابن ابي عمير وصفوان والبزنطي عندما يروون لا يروون إلا عن ثقة طمعا في الحكم الإلزامي الشرعي فينقل صحيحا، اما الوجدانيات التي ليست بحاجة إلى دقة التوثيق فيتسامح في المنقول عنه.
[9] ابن الاعسم في قصيدته الشهيرة جمع خواص المأكولات عن أهل البيت (ع) ومن جملتها: " ابدأ بأكل الملح قبل المائدة واختم به فكم به من فائدة " إلى آخره، ثم يقول: " والسمك اتركه لما قد وردا من ان اكله يذيب الجسدا" . العرب تميّزوا بشيء وهو أنهم نسقوا بعض العلوم على شكل قصائد وهذا ابدع ويسهل حفظها، لم يقتصروا على نظم النحو والفقه فقط ومن جملتها الطب وعلم البحار. وهناك قصيدة لابن ماجد في علم البحار، وهو المكتشف الحقيقي لرأس الرجاء الصالح، لكن الاوربين نسبوا ذلك إلى فاسكو دوجاما، وهذا ديدنهم في تزوير التاريخ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo