< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

38/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: البحث في كتاب " اختيار معرفة الرجال ".

     الحديث عن كتاب " اختيار معرفة الرجال ".

     الحديث عن كتاب رجال النجاشي.

     نظرة في تعبيرين في الديباجة: الاول: تعبير قوم من المخالفين بان الشيعة لا أصل ولا مصنف ولا سلف.

الثاني: المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح.

كان الكلام في كتاب " اختيار معرفة الرجال " للكشي.

احتمالات الكتاب لمن؟ فيه ثلاثة احتمالات:

الاول: كون هذا الذي بين أيدينا هو كتاب الكشي الاساسي.

الثاني: كون هذا الذي بين أيدينا هو مختصر كتاب الكشي منتخبا ومهذبا من قبل الشيخ الطوسي (ره) وقد يوحي به الاسم " اختيار معرفة الرجال ".

الثالث: كون الذي بين أيدينا تأليف الشيخ الطوسي (ره) أخذ كثيرا من مادته من كتاب الكشي.

والثمرة تظهر في قول النجاشي " وفيه أغلاط كثيرة ".

والظاهر هو الثاني وهو كونه مختصرا للشيخ الطوسي (ره) اختصر به كتاب الكشي، لعدّة أدلّة:

منها: المشهور جدا ذلك، ونعلم أن الأمور التاريخية من أهم مثبتاتها هو ألسنة الناس والعرف. ولذا فلو تعارف عند الناس أن في هذا المكان قبر مالك مثلا [1] ، كما هو الشائع من عشرات أو مئات السنين في بعلبك فان الشائع ان هذا القبر الموجود هو قبر مالك من دون تحديد أي مالك، الاشتر أم غيره. فان هذا الشياع لا يأتي من فراغ غالبا، ألسنة الناس احيانا أقلام الحق ويصبح الشياع حجة شرعا إذا أدى إلى اطمئنان، طبعا هذا في الموضوعات وليس في الاحكام. [2]

إذن المثبتات التاريخية تتكل على المشهور والمعروف ان هذا الكتاب الذي بين ايدينا " اختيار معرفة الرجال " هو اختصار لكتاب الكشي الذي هو ليس بين ايدينا، نعم بعض عبارات العلامة توحي بانه كان موجودا لديه. وكذلك ابن حجر العسقلاني لعلّه يصرح بانه كان بين يديه. وكان ابن حجر يتكل كثيرا على كتب الشيعة.

ومنها: ينقل علي بن طاووس المتوفي سنة 664ه في كتاب " فرج المهموم " طبعة النجف الاشرف ص 130 عن نسخة من هذا الكتاب قد كُتب فيها بخط الشيخ الطوسي نفسه بأن: " هذه الاخبار اختصرتها من كتاب الرجال لابي عمرو محمد بن عبد العزيز واخترت ما فيها ". وظاهر العبارة كون الكتاب مختصرا لكتاب الكشي.

ومنها: إن الشيخ النجاشي (ره) ينقل في بعض الموارد أشياء عن كتاب الكشي لا نجد لها أثرا في الكتاب الموجود حاليا ( راجع كتاب القاموس ج 1 ص 33 )، وهذا يعني أن ما بأيدينا أقل من الاساس. وهذا الدليل ينفي الاحتمال الاول دون الثاني والثالث.

كيفية تهذيب الشيخ الطوسي (ره) الكتاب وميزاته:

يقول الشيخ جعفر السبحاني في كتاب " كليات في علم الرجال " ص60: " كيفية تهذيب رجال الكشي: قال القهبائي: " إن الاصل كان في رجال العامة والخاصة فاختار منه الشيخ الخاصة ". والظاهر عدم تماميته، لأنه ذكر فيه جمعا من العامة رووا عن أئمّتنا كمحمد بن إسحاق، ومحمد بن المنكدر، وعمرو بن خالد، وعمرو بن جميع، وعمرو بن قيس، وحفص بن غياث، والحسين بن علوان، وعبد الملك بن جريج، وقيس بن الربيع، ومسعدة بن صدقة، وعبّاد بن صهيب، وابي المقدام، وكثير النوا، ويوسف بن الحرث، وعبد الله البرقي.

والظاهر ان تنقيحه كان بصورة تجريده عن الهفوات والاشتباهات التي يظهر من النجاشي وجودها فيه.

إن الخصوصية التي تميّز هذا الكتاب عن سائر ما ألف في هذا المضمار عبارة عن التركيز على نقل الروايات المربوطة بالرواة التي يقدر القارئ بالإمعان فيها على تمييز الثقة عن الضعيف وقد ألفه على نهج الطبقات مبتدءا بأصحاب الرسول والوصي إلى ان يصل إلى اصحاب الهادي والعسكري (ع) ثم إلى الذين يلونهم وهو بين الشيعة كطبقات ابن سعد بين السنة. [3]

ثم إن هذا الكتاب لا يختص بالشيعة بل عنهم وعن غيرهم. وشيوخ الكشي في كتابه عددهم 54 شيخا الذي اخذ عنهم بلا واسطة.

فإذن هذا هو الكتاب الاول هو كتاب الكشي وهو من أهم الكتب ومعتمد ومتكل عليه.

2- الكتاب الثاني رجال النجاشي:

رجال النجاشي هو من أهم الكتب على الاطلاق، وبعضهم يقول انه عند التعارض يقدم النجاشي، لشدة ما اعتقد المحققون والعلماء والفقهاء انه العين الثقة الثبت.

الشيخ ابي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي الأسدي، المتوفي سنة 450 ه.

أسباب تأليف الكتاب: ذكر في ديباجة الكتاب الدوافع التي دفعته إلى كتابته [4] : " اما بعد فاني وقفت على ما ذكره السيد الشريف – اطال الله بقائه وادام توفيقه - من تعيير قوم من مخالفينا أنه لا سلف لكم ولا مصنف. وهذا قول من لا علم له بالناس ولا وقف على اخبارهم، ولا عرف منازلهم وتاريخ اخبار أهل العلم، ولا لقي أحدا فيعرف منه، ولا حجة علينا لمن لم يعلم ولا عرف. وقد جمعت من ذلك ما استطعته، ولم أبلغ غايته، لعدم أكثر الكتب، وإنما ذكرت ذلك عذرا إلى من وقع إليه كتاب لم أذكره. وقد جعلت للأسماء ابوابا على الحروف ليهون على الملتمس لاسم مخصوص منها. [وها ] أنا أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالح، وهي أسماء قليلة، ومن الله استمد المعونة، على أن لاصحابنا (ره) في بعض هذا الفن كتبا ليست مستغرقة لجميع ما رسمه، وارجو أن يأتي في ذلك على ما رسم وحد ان شاء الله تعالى. وذكرت لرجل طريقا واحدا حتى لا يكثر (تكثر) الطرق فيخرج عن الغرض. [5]

سنقف عن نقاط مهمة اولا: " من تعيير قوم "، ثانيا: " المتقدمين من التصنيف من سلفنا الصالح "، هل كل من ذكره في راس الرواية من سلفنا الصالح كلهم إي " سلفنا " شيعة، وصلحاء، وهذا مدح، كانه يعتبر كل من ذكره كتابه واصله وصنفه هو من السلف الصالح. سنبحث في هذه العبارة هل هو مدح في كل اصحاب الاصول الذين ذكرهم.

واقف عند التعبير: اولا: السيد الشريف لا نعلم من هو، لا نعلم إلا انه سيد شريف.

ثانيا: " من تعيير قوم من مخالفينا أنه لا سلف لكم ولا مصنف " لاستفيد منه أمورا:

الاول: محاولة التركيز في أذهان الناس أن التشيع أمر حادث طرأ في أثناء تاريخ الاسلام، واصبح مذهبا خاصا، ولذا يستبطن بعض البدع وينتج عنه أن المخالفين هم المسلمون والشيعة قد زادوا ونقصوا في الاسلام.

وهناك بعض العناوين التي ألفت النظر إلى خطورتها، مثل كتاب: " نشأة التشيع " التي قد توحي بذلك، وهي وإن كانت على مستوى عال من حيث المضمون، إلا أن العنوان قد ضربها، حيث إن الناس، بل وكل أهل الحق لا يحبون الخروج عن الملّة الحق. بل إني وجدت أن المذاهب السنية هي التي نشأت في ضمن تاريخ الاسلام، ولاحظت مردّها بأربعة مفاصل ليتكون منها المذهب:

الاول: التأسيس العام في العهد الاول بعد وفاة الرسول (ص)، وذلك بانتزاع الخلافة من أصحابها الشرعيين، الذين نصّ الرسول الاكرم (ص) عليهم.

الثاني: التأسيس الفكري على عهد معاوية. ما هو الفرق فكريا بين التشيع او الاسلام والمذاهب الاخرى؟ ما هو الفرق بين علي (ع) ومعاوية فكريا بغض النظر عن العصمة ووجوب المتابعة؟

نلخص الامور الاربع ونكمل لاحقا: اولا: التأسيس العام في عهد ابي بكر. الثاني: التأسيس الفكري في عهد معاوية والامويين. ثالثا: التأسيس الفقهي في زمن ابو جعفر المنصور الدوانيقي، الذي اسس المذهب المالكي. رابعا: التأسيس الروائي وجعل القداسة لبعض الروايات التي ابتدأت من الزهري وصولا إلى كتاب البخاري ومسلم والكتب الاخرى,


[1] والامثلة كثيرة على ذلك، مثلا مكان مرقد السيد زينب سلام الله عليها، او في صور قبر الملك أحرام الذي يقال انه هو ارسل خشب الارز إلى النبي سليمان (ع).
[2] نظرة في الاساطير: الاساطير لا تكون من فراغ كامل، فالناس ليسوا بلا عقل ولا إدراك، بل تأتي من حادثة مهولة واقعة مسلّم بوقوعها، ويعجز بني البشر عن إدراك اسبابها، فيلبسونها ألبسة من مخيلتهم، وبذلك تكون الاساطير. ومثال على ذلك: اسطورة جلكامش وهي برأيي من أهم الادلة المادية على حصول طوفان نوح (ع)، ذلك ان هذه السومرية تبدأ بمدح جلكامش الذي هو جزء منه إله وجزء إنسان وتقول: جلكامش خير الرجال، جلكامش زين الابطال، جلكامش تحبه نساء أوروك.... ثم يقول: وأتى بأخبار ما قبل الطوفان... ومع تحليل النص نجد أن حصول الطوفان أمر متسالم عليه ولا يحتاج إلى دليل، وهو أمر مهول عظيم، لا يعرف ماذا كان قبله ولم يعرفوا تفسيره، وهم مصرّون على الكفر بالله العظيم، فاخترعت مخيلتهم قصّة إنليل وبكاء إنليل وغير ذلك. وبالنتيجة الاساطير لا تأتي من فراغ، بل هي بتصوري تفسير خيالي خاطئ لأمر قد حدث في التاريخ، وبهذا يكون الطوفان قد حدث قطعا، نعم الخطأ في تفسير أسبابه. وهذا الاستطراد ينفع في إثبات الموضوع المشتهرة والشائعة على ألسنة الناس.
[4] الكتاب بين ايدينا موجود يذكر فيه حوالي ألف شخص، وكلهم اصحاب اصول وكتب وتصانيف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo