< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

    1. هل يمكن إثبات صحة عبادة أو معاملة مشكوكة بجعلها متعلّقة للنذر أو وجوب إطاعة الوالد، وشبههما من العناوين الثانويّة؟

    2. المختار: إمكانية ذلك بشرط دليل خاص على ذلك، كما ورد في نذر الصوم في السفر ونذر الإحرام قبل الميقات، وإلا فلا يتمّ تصحيح العمل أو إثبات جوازه.

وهم وإزاحة:

هل يمكن إثبات صحة عبادة أو معاملة أو تجويزها مع الشك في ذلك بجعلها متعلّقة للنذر أو إطاعة الوالد أو إكرام المؤمن، أو إدخال السرور عليه، وشبههما من العناوين الثانويّة؟

فمثلا: أشك في صحة الوضوء بماء الورد، فأجعله - لتصحيح الوضوء بماء الورد - متعلّقا للنذر بأن أقول: " لله عليّ نذر أن أتوضأ بماء الورد" و " الموفون بالنذر " تقتضي الوفاء بالنذر يعني الوضوء بماء الورد، ولا يجب الوفاء يشيء إذا لم يكن صحيحا، وحينئذ هذا يدلّ على صحّة الوضوء بماء الورد إذا كان متعلّقا للنذر فيجزي. أو أن يأمرني والدي بالتوضؤ بماء الورد، فهل هذا التعلّق بعنوان ثانوي يجعل الوضوء بماء الورد صحيحا؟

يقول الشيخ الآخوند (ره) في الكفاية:

وهم وإزاحة: ربما يظهر من بعضهم التمسك بالعمومات فيما إذا شك في فرد، لا من جهة احتمال التخصيص، بل من جهة أخرى، كما إذا شك في صحة الوضوء أو الغسل بمائع مضاف، فيستكشف صحته بعموم مثل ( أوفوا بالنذور) فيما إذا وقع متعلقا للنذر، بأن يقال: وجب الاتيان بهذا الوضوء وفاء للنذر للعموم، وكل ما يجب الوفاء به لا محالة يكون صحيحا، للقطع بأنه لولا صحته لما وجب الوفاء به، وربما يؤيد ذلك بما ورد من صحة الاحرام والصيام قبل الميقات وفي السفر إذا تعلق بهما النذر كذلك.

رأي صاحب الكفاية (ره): والتحقيق أن يقال: إنه لا مجال لتوهم الاستدلال بالعمومات المتكلفة لاحكام العناوين الثانوية فيما شك من غير جهة تخصيصها، إذا أخذ في موضوعاتها أحد الاحكام المتعلقة بالأفعال بعناوينها الأولية، كما هو الحال في وجوب إطاعة الوالد، والوفاء بالنذر وشبهه في الأمور المباحة أو الراجحة، ضرورة أنه معه لا يكاد يتوهم عاقل أنه إذا شك في رجحان شيء أو حليته جواز التمسك بعموم دليل وجوب الإطاعة أو الوفاء في رجحانه أو حليته.

نعم لا بأس بالتمسك به في جوازه بعد إحراز التمكن منه والقدرة عليه، فيما لم يؤخذ في موضوعاتها حكم أصلا، فإذا شك في جوازه صح التمسك بعموم دليلها في الحكم بجوازها، وإذا كانت محكومة بعناوينها الأولية بغير حكمها بعناوينها الثانوية، وقع المزاحمة بين المقتضيين، ويؤثر الأقوى منهما لو كان في البين، وإلا لم يؤثر أحدهما، وإلا لزم الترجيح بلا مرجح، فليحكم عليه حينئذ بحكم آخر، كالإباحة إذا كان أحدهما مقتضيا للوجوب والآخر للحرمة مثلا [1]

والتحقيق يقول الفقير إلى رحمة الله تعالى والسداد: ان متعلّقات الأحكام يجب ثبوتها في مرحلة سابقة على الحكم، ففي مثل: " أكرم العلماء " يجب تحقق مفهوم العالم ثم يتعلّق الحكم به. وهذا واضح، إذ العرش ثم النقش.

إذن موضوعات الاحكام يجب ان تثبت قبل الحكم. ولما اخذ في متعلّق النذر الرجحان، فلا بد فيه من تحقق الرجحان من جهات أخرى غير النذر. ولذا فلا معنى لتصحيح عبادة أو معاملة بجعلها متعلّقة للنذر، لان الرجحان المأخوذ في المنذور لا بد من تحققه فيه من أمر خارج عن النذر.

نعم، يمكن تحقق الرجحان بالنذر نفسه، لكنه يحتاج إلى دليل، وقد ورد الدليل في الاحرام وفي الصوم، وكذلك بعناوين أخرى كإدخال السرور على انسان مؤمن، فيكون هو بحد ذاته مباحا، ثم يصبح راجحا بعنوان ادخال السرور على قلب المؤمن. فإدخال السرور على قلب المؤمن عنوان راجح ينقلب فيه المباح راجحا، لكنه لا يقلب المحرم راجحا، فلا ينقلب من التحريم إلى الرجحان لان فيه ادخال سرور على قلب انسان، فإنه يرجح إدخال السرور على قلب الانسان، لكن لا بنحو الزنى واللواط، وهكذا النذر وشبهه، يمكن ان يكون عنوانا ينقلب فيه المباح إلى راجح، لكنه بحاجة إلى دليل، ومع عدمه عدمه، أي مع عدمه لا يتعلّق النذر به، فلا تصح العبادة بجعلها متعلّقا للنذر إلا مع دليل خاص، وقد ورد الدليل الخاص في النذر في الصوم في السفر وفي الاحرام قبل الميقات، لكنه دليل نقتصر فيه على مورد النص وهو القدر المتيقّن لانه خلاف القاعدة.

النتيجة: لا يتم تصحيح عبادة أو معاملة بجعلها متعلقا للنذر او اطاعة الوالد أو ما شابه ذلك إلا بدليل خاص على ذلك.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo