< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة.

    1. بعد القول بعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة، هل يمكن إدخال المشكوك في حكم العام بالأصل الموضوعي، أي بأصالة عدم ثبوت الخاص؟

    2. تحرير محل النزاع: القيود على قسمين: قسم وجودي مثل: " أكرم العلماء العدول " فهذا خارج عن محل النزاع. وقسم وجودي عدمه قيد للعام مثل: " أكرم كل عالم إلا الفاسق " فهذا هو محل النزاع.

    3. بيان كلام الآخوند (ره) وكلام صاحب الكفاية (ره).

على القول بعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة وهو المتداول والمشهور كما قال الشيخ الانصاري (ره) وصاحب الكفاية (ره) والسيد الخوئي (ره) والمعروف بين المتأخرين فهل يمكن ادخال الفرد المشكوك في حكم العام بطريق آخر؟

ونحن قلنا على الصعيد اللفظي بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة، وهم قالوا بعدم جواز التمسك بالعام، ولكن هل يمكن معرفة حكم هذا المصداق المشكوك وادخاله تحت حكم العام؟

فبعد عدم جواز التمسك بالعام هل يمكن التمسك بالاصل الموضوعي لنفي الخاص، والمراد من الأصل الموضوعي الأصل الذي ينقّح الموضوعات مثلا: " هذا دم او لا؟ " الدم موضوع لحكم شرعي كالنجاسة وعدم جواز الصلاة، في مقابله الأصل الحكمي الذي ينقّح الاحكام كأصل البراءة.

نقول تكملة: بعد عدم جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقيّة، هل يمكن التمسك بالأصل الموضوعي لنفي الخاص وبالتالي دخول المشكوك تحت حكم العام؟ ونعطي مثلا على ذلك الرواية التي وردت في كتاب الطهارة في مسألة سن الحيض وسن اليأس:

ففي الوسائل بسند معتبر عن ابي عبد الله (ع) قال: إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من قريش [1]

يعني ان " كل امرأة تبلغ خمسين سنة لم تر حمرة إلا ان تكون من قريش "، بناء على ان المراد من " لم تر حمرة " هو ان لا تكون حائضا.

فترجمة هذه الرواية – على حسب مبناهم من مدخليّة الخاص في مفهوم متعلّق العام، واجمال الخاص يؤدي إلى إجمال العام – :" كل امرأة بعد الخمسين غير قرشيّة لا تكون حائضا "، فلو شككنا في امرأة أنها قرشيّة أو لا؟

العام منطبق وهو انها امرأة بلغت الخمسين وهذا بالوجدان، واشك في امرأة انها قرشيّة؟. بعد القول بعدم جواز التمسك بالعام ماذا افعل؟ وعدم جواز التمسك بالعام يعني لا استطيع اثبات حكم العام لها وهو انها غير حائض. وهل هناك طريق ثانٍ نستطيع به ان نثبت انها غير حائض؟ فهل استطيع ان اجري اصالة عدم كونها قرشيّة؟ وبالتالي ينطبق حكم العام إذن هي لا تحيض بعد الخمسين.

ذهب الشيخ الآخوند (ره) والسيد الخوئي (ره) إلى ثبوت حكم العام بإجراء أصالة عدم الانتساب إلى قريش إذن تبقى تحت حكم العام أي اصبحت ليست حائضا لانها ليست قرشيّة، وذهب النائيني (ره) إلى عدم ذلك أي ان هذا الأصل لا يجري.

إذن الكلام في هذه الأصالة وهي اصالة عدم القرشيّة تجري او لا تجري، إذا جرت اصبحت غير حائض، اما إذا لم تجر فنعود إلى ادلّة اخرى.

وسيكون البحث في ثلاث نقاط:

الأولى: تحرير محلّ النزاع.

الثانية: استعراض كلام صاحب الكفاية (ره).

الثالثة: المختار بناء على مبانيهم من عدم جواز التمسك بالعام.

اما النقطة: وهي تحرير محلّ النزاع: فالمخصص له صورتان مثلا: " اكرم العلماء إلا الفساق " و " اكرم العلماء العدول " اعتبروا هذين التعبيرين تخصيصا، كلمة " عدول " خرّجت بعض الافراد، وكلمة " إلا " خرّجت بعض الافراد. هم اعتبروا ان لا فرق بينهما في كونهما من التخصيص، وهذا انما قالوه بعد ما قالوا بان لا فرق بين العام والمطلق إلا في كيفيّة البيان وكلاهما شمول، لكن العام بالوضع والمطلق بمقدمات الحكمة، لكن نحن قلنا مصطلح آخر.

المخصص على ما ذهبوا اليه تارة يكون معنونا بعنوان وجودي مثل: " أكرم العلماء العدول "، فهذا خارج عن محل الكلام، لان أصالة عدم العدالة لا تؤدي إلى أثبات متعلّق حكم العام، فإذن الفرد المشتبه لا يدخل في حكم العام لعدم ثبوت عنوانه، والأحكام تابعة لعناوينها، ونحن نريد من خلال هذه الإلتفافة اثبات حكم العام بعد ما نفيناه بعدم جواز التمسك بالعام.

وتارة يكون التخصيص معنونا بعنوان وجودي يؤدي إلى تقييد العام بعدمه، وبعبارة اخرى: يكون العام مقيّدا بعدمه كما لو قال: " أكرم كل عالم إلا الفاسق " وترجمتها عندهم: " أكرم كل عالم غير متصف بالفسق "، وهذا الثاني هو محلّ الكلام، لأن أصالة عدم الفسق يمكن أن تدخله في حكم " أكرم كل عالم " لأن عنوان العام ينطبق عليه.

إذن الكلام في القسم الثاني من المخصص، هل يمكن جريان هذه الاصالة أو لا؟

النقطة الثانية: يقول صاحب الكفاية (ره) تحت عنوان: إيقاظ: لا يخفى أن الباقي تحت العام بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من المتصل، لما كان غير معنون بعنوان خاص (مثلا بغير الفاسق)، بل بكل عنوان لم يكن (يتّصف) ذاك بعنوان الخاص، كان إحراز المشتبه منه بالأصل الموضوعي في غالب الموارد - إلا ما شذ – ممكنا (مثلا الاصل عدم القرشيّة الذي هو موضوع للحيض وعدمه)، فبذلك يحكم عليه بحكم العام (لا على نحو الاصل اللفظي، بل على نحو الاصل العملي اصالة العدم، ولهذا التفريق ثمار لان الاصل اللفظي امارة تثبت لوازمها، اما الاصل العملي لا يثبت لوازمه) وإن لم يجز التمسك به بلا كلام، ضرورة أنه قلّما لا يوجد عنوان يجري فيه أصل ينقح به أنه مما بقي تحته،...[2] .

إذن محل الكلام هو خصوص ما كان التخصيص بعنوان وجودي يؤدي إلى تقييد العام بعدمه، وغدا الدراسي ان شاء الله العلي القدير نكمل بيان كلام صاحب الكفاية (ره) في امكان اجراء الاصل الموضوعي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo