< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/04/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص، التمسك بالعام الشبهة المصداقيّة.

    1. الوجه الأول: في ذكره السيد الخوئي (ره) وهو عدم الفرق بين التخصيص بحرف " إلا " وبين الاستثناء بالوصف، وجوابه.

    2. الوجه الثاني: في خصوص المتصل لا ظهور للعام في عمومه، وجوابه.

توضيح السيد الأستاذ: إذن كان كلام السيد الخوئي (ره) سواء كان التخصيص بأداة الاستثناء مثل " إلا " أو بوصف مقيّد لا فرق بينهما كلاهما يؤدي إلى تخصيص وبالتالي يكون المطلوب هو العام المخصص، وايّد دعم كلامه

بان حكم العام بذاته لا يؤدي إلى تنقيح الخاص، كما لو قلت لك: " كل دم نجس " وشككت بان هذا دم أو لا، هذه القضية " كل دم نجس " لا تنقح الموضوع مفردات الدم. وهو أيضا قال بان القضية الشرطية لا تثبت مقدّمها مثلا: " إذا جاء زيد فأكرمه " لا تعني طلب وجود زيد أو أن زيدا قد جاء، بل معناها على تقدير حضور زيد، السيد (ره) حول القضية – أي أكرم كل عالم إلا الفاسق - إلى قضية شرطية " أكرم العلماء " بشرط ان يكون " عادلا " أو بشرط أو بقيد " عدم الفسق " فإذا لم يكن فاسقا فأكرمه. يقول الفقير هذا صحيح لكن لا نسلم بالتحويل.

نكمل كلام السيد الخوئي: واما في القضية الحقيقية كالقضيتين المتقدمتين ونحو هما فالأمر فيها أوضح من ذلك، فان الموضوع فيها بما أنه قد أخذ في موضع الفرض والتقدير فلأجل ذلك ترجع في الحقيقة إلى قضية شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له، ومن الطبيعي ان القضية الشرطية لا تنظر إلى وجود شرطها في الخارج وعدم وجوده أصلا،

توضيح السيد الأستاذ: (كل هذا الكلام سليم لا يدل على ما أراد (ره)).

السيد الخوئي: بل هي ناظرة إلى اثبات التالي على تقدير وجود الشرط كقولنا ( الخمر حرام ) ( البول نجس ( الحج واجب على المستطيع ) وما شاكل ذلك، فإنها قضايا حقيقية قد أخذ موضوعها مفروض الوجود في الخارج، ومدلول هذه القضايا هو ثبوت الحكم لهذا الموضوع من دون نظر لها إلى وجوده وتحققه في الخارج وعدمه أصلا. ومن هنا لو شككنا في أن المائع الفلاني خمر أو ليس بخمر لم يمكن التمسك بإطلاق ما دل على حرمة شرب الخمر لا ثبات أنه خمر، حيث أنه خارج عن إطار مدلوله فلا نظر له إليه لا اثباتا ولا نفيا.

فالنتيجة: ان عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية في موارد التخصيص بالمتصل بمكان من الوضوح [1] .

توضيح السيد الأستاذ: كل هذا الكلام مبني على انه لا الفرق بين التخصيص والتقييد فيكون كلامه صحيحا، لكن نحن قلنا فرق شاسع بين التخصيص والتقييد، ولقد قلنا ان التخصيص هو اخراج افراد عند الامتثال، اما التقييد فهو قيد لموضوع الحكم، قيد للمتعلّق. من هنا فإن ما بني عليه الدليل على عدم جواز التمسك بالعام غير تام.

إذن السيد الخوئي (ره) قال انه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية في المتصل وفي المنفصل، وملخص كلامه في عدم جواز التمسك بالعام في المتصل وجهان: الوجه الأول: ان لا فرق بين التخصيص والتقييد كلاهما يرجع إلى تقييد متعلّق الحكم. هذا الأول ونحن رفضناه. الوجه الثاني: ان المتصل [2] لا ظهور له في العام أصلا حتى نتمسك به في المشكوك.

وبيّن السيد الخوئي الوجه الثاني بقوله: هذا مضافا إلى أن العام المخصص بالمتصل لا ينعقد له ظهور في العموم وإنما ينعقد له ظهور في الخاص فحسب، كقولنا ( أكرم العلماء إلا الفساق منهم ) فإنه لا ينعقد له ظهور إلا في وجوب اكرام حصة خاصة من العلماء وهي التي لا توجد فيها صفة الفسق، وعليه فإذا شككنا في عالم أنه فاسق أوليس بفاسق فلا عموم له بالإضافة إليه حتى نتكلم في جواز التمسك به بالنسبة إلى هذا المشكوك وعدم جوازه. [3]

جواب السيد الأستاذ: نقول للسيد الأستاذ الخوئي (ره) مع تقديرنا الكبير جدا إذا كان " أكرم العلماء " ليس لها ظهور في العموم ويكون المراد منها خصوص " العدول " هنا هل الاستثناء منفصل أو منقطع؟ فلو كان " أكرم العلماء إلا الفساق " كأنه قال: " أكرم العلماء العدول إلا الفساق " كان هذا الاستثناء منقطعا، وهذا ما لا يمكن ان يقول به أحد أبدا لان اللغة العربية ليست كذلك. الاستثناء المنقطع حكمه في النحو انه منصوب دائما " ما رأيت أحدا إلا حمارا " بالنصب و " رأيت الناس إلا حمارا " بالنصب، فلو كان " أكرم العلماء " المراد منها خصوص " العدول " أي كأنما قلنا " أكرم العلماء العدول إلا الفسّاق " لو كان المراد العلماء العدول صار الاستثناء منقطعا وليس استثناء متصلا.

قد يقال: ان المراد الاستعمالي لـ " لكل عالم " هو العلماء مطلقا لان " كل " موضوعة للعموم والمستعمل فيه العموم، لكن المراد الجدي هو الخصوص، والاستثناء انما كان من المراد الاستعمالي.

نقول: ان الاستثناء يكون من المراد الجدي وليس من المراد الاستعمالي.

إلا ان يقال: ان " أكرم كل عالم " الموضوع له عام والمستعمل فيه عام والمراد الجدي أيضا عام، وهذا ما نقول به حتى يحصل الاستثناء، والاستثناء انما يكون من العام إذن هناك عموم وليس مجرد ان الموضوع له عام والمستعمل فيه أيضا عام، والمراد الجدي للفظ أيضا عام، نعم نفهم التخصيص من المجموع المكّور من العبارة بأكملها فينتج " يجب أكرم كل من له طبيعة العالم " لكن في عالم التطبيق والامتثال اريد أكرام العادل فقط. السيد الخوئي (ره) لم يميّز بين متعلّق الحكم وبين عالم الامتثال والحصص والافراد، الأفراد لا يتعلّق بها الاحكام، الاحكام تتعلّق بالطبائع لا بالأفراد.

وملخّص كلام السيد الخوئي (ره) في المخصص المتصل: إن عدم جواز التمسك بالعام لأمرين:

الأول: أنه لا فرق في الاستثناء بين التخصيص والتقييد، فلا فرق بين أن يكون بحرف " إلا " وبين التقييد بوصف.

والجواب: إننا لا نسلّم بذلك، وقد بيّنا الفرق بين التخصيص والتقييد في المقدّمات.

الثاني: إن العام لا ظهور له في العموم أصلا، فلا يمكن التمسك به في المشكوك.

والجواب: لقد بيّنا في المقدّمات أنه له ظهور في العموم.

اما المخصص المنفصل غدا ان شاء الله نبيّنه والحمد لله رب العالمين.


[1] محاضرات في أصول الفقه، تقرير بحث الخوئي، للفياض، ج5، ص184.
[2] نكرر المراد من المتصل ليس المتصل النحوي، بل هو المتصل الاصولي، للمتصل عدّة معان المعنى اللغوي هو الاتصال، المعنى النحوي ما كان مقابل المنقطع، والمنقطع هو مثلا: " رأيت الناس جميعا إلا حمارا " الحمار ليس من الناس، فالمستثنى لا يكون جزاءا أو بعضا من المستثنى منه. وهذا المعنى لا علاقة لنا به وهو خارج عن محل الكلام، كلامنا بالمتصل الاصولي الذي يكون المستثنى بعض المستثنى منه وقبل نهاية الكلام.
[3] محاضرات في أصول الفقه، تقرير بحث الخوئي، للفياض، ج5، ص184.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo