< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

42/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الاربعاء/ 4 /11/2020م / 18/3/ 1442ه رقم 488

الموضوع: العام والخاص، الشبهة المفهومية.

    1. الحالة الثالثة: إذا كان المخصص متصلا ودار مفهومه بين متباينين، فالعام لا ظهور له حقيقة لاكتنافه بالمخصص الموجب لاجماله، فلا يجوز التمسك بالعام.

    2. التباين تارة يكون بين متباينين مفهوما مثل: أكرم العلماء إلا زيدا، ودار أمر زيد بين ابن بكر وابن عمرو. وتارة يكون بين مفهومين بين عموم وخصوص مطلق.

    3. إذا كان المخصص منفصلا، ودار أمره بين متباينين مفهوما، فالعام له ظهور لانفصال المخصص، إلا أنه بحكم المجمل لأن العلم الإجمالي منجز.

    4. إذا دار أمر المخصص بين مفهومين بينهما عموم وخصوص من وجه، فالقدر المتيقّن من الخروج عن حكم العام هو مورد الالتقاء، أما مورد الافتراق فلا يجوز التمسك بالعام لانه إما لا ظهور له كما في المخصص المتصل، وإما له ظهور لكنه بحكم المجمل في المنفصل.

الحالة الثالثة: إذا كان المخصص متصلا ودار أمر مفهومه بين المتباينين، كما لو قلت: "أكرم العلماء إلا زيدا" ودار أمر زيد بين زيد بن عمرو وبين زيد بن بكر.

وللتباين اشكال: تارة يدور أمره بين متباينين مفهوما، وتارة يدور أمره بين مفهومين بينهما عموم وخصوص من وجه.

إذن الحالة الثالثة: إذا كان المخصص متصلا ودار أمر مفهومه بين المتباينين، كما لو قلت: "أكرم العلماء إلا زيدا" ودار أمر زيد بين زيد بن عمرو وبين زيد بن بكر – هنا قد يتوهم انها شبهة مصداقية، الشبهة المصداقية لو شككت أنه عالم أو لا؟ أي إذا شككت في انطباق مفهوم العام، اما هنا الشك من الخاصبين مفهومين متباينين بعد العلم بانطباق العنوان - ففي هذه الحالة مجرد كون الخاص متصلا فلا ظهور حقيقة في العام لانه المتصل يمنعه، لان المخصص متصل قبل نهاية الكلام، فيسري إجمال الخاص إلى العام، ولا يمكن التمسك بالعام في دخول المشكوك.

الحالة الرابعة: إذا كان المخصص منفصلا ودار امره بين متباينين مثاله: " أكرم العلماء " ثم بعد ذلك ورد: " لا تكرم زيدا " ودار أمر زيد بين زيد الفاسق وزيد الشاعر، فان العام له ظهور في العموم لورود المخصص بعد نهاية الكلام، ولكن العلم الاجمالي في دوران المخصص بين المتباينين يجعل ظهور العام بحكم عدم الظهور حيث يمنع من حجيته، وبالتالي: لا يجوز التمسك بالعام في هذه الحالة.

الحالة الخامسة: إذا دار امر المخصص بين احتمالين بينهما عموم وخصوص من وجه، فهذا أيضا لا يجوز التمسك بالعام فيه، فهو كالمتباينين ومثاله: " أعط كل عالم دينارا إلا الأشراف منهم " ودار أمر الشريف بين الهاشمي وبين الوجيه الاجتماعي، فيمكن ان يكون عندي وجيه وليس هاشميا، وعندي هاشمي وليس وجيها، وعندي وجيه وهو هاشمي في آن واحد، فنقتصر في الخروج على محل الالتقاء دون محل الافتراق.

بيانه: إن المخصص في هذه الحالة له ثلاثة أقسام:

القسم الاول: العالم الهاشمي الوجيه، وهو القدر المتيقن من خروجه.

والقسم الثاني: العالم الهاشمي غير الوجيه.

والقسم الثالث: العالم الوجيه غير الهاشمي. وهذان القسمان متباينان، والكلام يقع فيها هل نكرمه أو لا؟

هناك نقطتان للإفتراق، ماذا أفعل في هذه الحالة؟ الظاهر أن مكان الالتقاء يصبح القدر المتيقن من خروجه من تحت العام " أكرم العلماء أعط كل عالم دينارا إلا الشريف " والشريف يدور أمره بين الوجيه وبين الهاشمي، الوجيه الهاشمي قطعا يخرج فلا نعطيه دينارا.

أما الوجيه غير الهاشمي، والهاشمي غير الوجيه هنا إذا كان المخصص متصلا فلا ظهور في العام فلا يمكن التمسك به، فلا يجب إكرام هذين القسمين. هذا في المتصل.

أما في المنفصل فيوجد ظهور للعام لانتهاء الكلام قبل التخصيص، أي لعدم اكتناف الكلام بما يوجب تخصيص العام ولكنه بحكم المجمل لوجود المتباينين، وفي التباين قلنا انه بسبب العلم الإجمالي بخروج أحدهما ووجوب العمل به، هذا العلم الإجمالي يمنع " أكرم العلماء " من الظهور في العموم حكما لا حقيقة. فأصبح الفرق واضحا بين الجمال الحقيقي في العموم وبين الإجمال الحكمي في العموم.

إلى هنا نبحث في المخصصات اللفظية، وقلنا ان المخصص إما متصل أو منفصل، والمتصل إما يدور أمره بين متباينين أو بين الأقل والأكثر، والمتباينان قد يكون متباينان كليا وقد يكون بينهما عموم وخصوص من وجه، والكلام حينئذ في نقاط الافتراق. في الجميع قالوا ان المخصص المتصل لا ظهور له في العام فإذن لا استطيع التمسك بظهور العام، أما في المنفصل هناك ظهور في العام، وفي الأقل والأكثر يكون العام حينئذ حجّة في المشكوك، وفي المتباينين لا يكون حجّة بأحدهما باعتبار العام الإجمالي فيكون العام بحكم المجمل وإن كان له ظهور حقيقة. هذا في المخصص اللفظي.

ردا على كل ما ذكر نقول: اننا ذكرنا أن المخصص المتصل له ظهور في تماميّة المتعلّق لانه قلنا انه " لا ظهور قبل نهاية الكلام " ليست أمرا تعبديا إلا إذا كان هناك احتمال لوجود قرينه على التخصيص وإخراج بعض الأفراد والانواع، هنا يجب أن انتظر لانه بعد كلمة " الا " تبيّن ان المتعلّق بيانه انتهى، وصرت انتظر خروج بعض الأفراد، لكن الأفراد لا يتعلّق بها الحكم، بل هي في مقام الإمتثال، قد درسنا أن الأحكام تتعلّق بالطبائع لا بالأفراد وذكرنا مثالا بسيطا انه في قرية وليس فيها إلا عالم واحد، إذا قلت لك " أكرم العالم "، لا يوجد إلا عالم واحد وانطبق على زيد قط، هل عندما أقول: " أكرم العالم " هو كما أقول: " أكرم زيدا "؟ الفرق شاسع بينها، في " أكرم العالم " اشير إلى العلمية للعالم حتى لو انطبق على واحد، أما عندما أقول: " أكرم زيدا " لم اشر إلى العالم، عندما نقول: " أكرم العلماء " يعني أكرم زيدا وأكرم عمورا وغيرهما، هذا الكلام غير صحيح وان اشتهر في كتب الأصوليين وهم اساتذتنا وكبارنا، لكن العلم يتطوّر وهناك التفاتات وقد بيّنا ذلك سابقا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo