< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

     المقدمة الثانية التخصيص ليس تصرفا في مفهوم العام، بل اخراج لبعض افراده عن الامتثال، وهذا بخلاف التقييد.

     المقدمة الثالثة: الظهور ينعقد بعد تمام الكلام، وهذه ليست مسألة تعبديّة، بل الظهور مسألة عقلائية، والعقلاء انما ينتظرون مع احتمال ورود البيانات، ومع العلم بعد ورودها ينعقد الظهور ولو قبل نهاية الكلام.

ذكرنا المقدمة الاولى وهي ان التخصيص تارة يكون بإخراج الافراد، وتارة يكون بالتصرف في المفهوم. الذي يكون بإخراج الافراد سميناه تخصيصا والذي يكون بالتصرف بالمفهوم سميناه تقييدا. والتخصيص هو تصرف بالافراد التي يمتثل بها، تصرف في عالم الامتثال ويبقى المفهوم كما هو " أكرم العلماء " يبقى مفهوم العلماء ومدخول أداة العموم من حيث المفهوم كما هو سواء خصصته بفرد خارجي مثل: إلا زيدا " أو خصصته بنوع مثل إلا الفاسق، اما التقييد في مثل: " أكرم العالم العادل "، " العادل " تصرفت في مدخول الاداة- متعلق الحكم – بينما في " اكرم العالم إلا الفاسق " مفهوم المتعلّق هو هو لم يتغيّر. هذه المقدمة الاولى ان الاخراج على نحوين.

المقدمة الثانية: إن التخصيص - على النحو الذي فسّرناه واصطلحنا عليه – ليس فيه تصرّف في مفهوم مدخول أدوات العموم كـ " كل " وهو اخراج الافراد والمتعلق هو المفهوم وهذا بخلاف التقييد.

وبيانه: عندما أقول: " أكرم كل عالم " فان العموم قد تمّ ومفهوم العالم واضح، ولا بد من وجود ملاك للإكرام، مثلا: تشجيع العلم ولا شك في ان انطباق المفهوم على افراده يدل على وجود الملاك والمصلحة فيها جميعا.

غير ان بعض الافراد قد توجد فيه مفسدة أو ملاك آخر مناف لملاك العام، فيتزاحم الملاكان في عالم الانشاء وليس في عالم الامتثال [1] وفي مرحلة الكسر والانكسار، ويقدّم الأهم، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ [2] اي توجد بعض المنافع لكن عند الكسر والانكسار تصبح المفسدة ارجح فيحكم الحاكم بالتحريم. وبالتالي فيقدم الاهم ويخرج الفرد المتضمن للملاك المزاحم عن عموم العام، فيخصص وهذا هو التخصيص عند تحليله.

ومثال ذلك: إذا وجدت مصلحة وملاك لإكرام العلماء، فأقول: " أكرم كل عالم " والمصلحة والملاك هما في تشجيع العلم، ثم وجد الآمر في إكرام الفسقة والشريرون منهم مفسدة إذ يشجع أهل الفسق والشر، فيتزاحم الملاكان: مصلحة إكرام العالم ومفسدة إكرام الفاسق، فيقدّم الاهم، وحينئذ يخصص العام، ويقول الآمر: أكرم العالم إلا الفاسق " .

والخلاصة ان التخصيص ليس فيه أي تصرّف في مفهوم العام، بل في خروج بعض افراد الحكم عند صحة الامتثال به، والاحكام تتعلق بالطبائع، الطبيعة كما هي لم تتغير ولم تقيّد ولم يتصرف فيها، نعم تصرفنا في عالم الامتثال باخراج بعض الافراد عن صحة الامتثال لانه هناك ملاك آخر مزاحم.

المقدمة الثالثة: إن الظهور لا يتم إلا بعد نهاية الكلام، وقبله تكون المعاني مجرد خطور، ولا يزال المعنى المقصود متوقفا مجملا بانتظار ورود المبيّن حتى نهاية الكلام.

وهذا الامر مسلّم في الجملة، لكن يجب ان نعلم انها ليست مسألة تعبديّة بمعنى انه لا يجب علينا الانتظار إلى نهاية الكلام كي نفهم المراد الجدي أو كي نستظهر المعنى المراد، بل لو استطعت ان أفهم مراد المتكلم الاستعمالي او الجدي قبل نهاية الكلام ولو لقرائن خاصة لكان للاستظهار مجال، إذ لا يجب الانتظار لمجرد الانتظار، بل لترقب ورود المخصص والمبيّن، اما مع العلم بعدم وروده فلا داعي حينئذ للانتظار.

عندما اقول: "أكرم العلماء إلا الفساق "، ما معنى كلمة " إلا " يعني بدأت باخراج الافراد كما في المقدمة الاولى من دون تصرف بالمفهوم، قيود المفهوم انتهت، صار بعد " إلا " بيان آخر وهو: ما هي الافراد القابلة للامتثال؟ واي افراد غير قابل؟ صرت انتظر بيان الافراد في عالم الامتثال، ولا انتظر اي بيان لمفهوم المدخول بخلاف قولي " أكرم العالم العادل " فان الآمر إذا قال: " أكرم العالم " يبقى السامع في انتظار القرائن حتى نهاية الكلام. هناك فرق في الكلام. التخصيص كلمة " إلا " تؤدي إلى اخراج بعض افراد المفهوم، فـ " إلا " تكون انتظارا لخروج افراد لا انتظارا لبيان المفهوم.

 


[1] الفرق بين مسألة التخصيص وبين مسألة التزاحم في الاصول ان في مسألة التزاحم في الاصول يكون تزاحم الملاكات في عالم الامتثال، اما في مسألتنا هنا فتزاحم الملاكات هنا التزاحم يكون في عالم الانشاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo