< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

     الوجه الثالث قد سبق ذكره، وهو كون العام على نحو ضرب القاعدة وقد اجبنا عليه بعدم التسليم بذلك، لان ضرب القاعدة معناه أخذ الشك في موضوعه، والعام ليس كذلك دائما.

     الوجه الرابع ذكره الشيخ الانصاري (ره): إن دخول فرد في العام غير منوط بالفرد الآخر، فبعد التخصيص لا علاقة للفرد الخارج بدخول افراد أخرى، أي أن المقتضي موجود وهو شمول العام له، والمانع مفقود لعدم دليل على الخروج.

     جواب صاحب الكفاية (ره) وهو متين: ان العام بعد استعماله في غير العموم لا دليل على انطباقه على كل الافراد، فالمقتضي غير موجود.

بعد التذكير بما مرّ امس من محاولة بعض الاعلام ان يبين امكان التمسك بالعام بعد التخصيص. المحاولة السابقة الاخيرة مما ذكرنا هي ان يكون العام من باب ضرب القاعدة، وإذا كان من باب ضرب القاعدة معناه انه يرجع اليه بعد الشك، خرج بعض الافراد فيبقى الباقي تحت العام وهو المراد المستعمل في تمام الباقي. والشيخ الانصاري (ره) اجاب اجابة لم نرتضها. العام معناه انه موضوع شامل له حكم، وليس انه موضوع الاحظ فيه حال الشك لأجل ان اجعله قاعدة. يعني ان العام ليس مأخوذا عن نحو ضرب القاعدة، لانه لو كان كذلك كان اصلا. وهذا من الفروق بين الامارة والاصل، الامارة كاشفة والاصل وظيفة عملية. في اصل البيان الامارة لا يكون ملحوظا فيها الشك، بينما الاصل يكون ملحوظا فيه الشك. ولهذا قلنا " اوفوا بالعقود " رغم انه عموم ولكنه ليس قاعدة أو اصلا، بينما " لا تنقض اليقين بالشك " قلنا إن الاستصحاب المستنتج من الحديث اصل عملي قد لوحظ فيها حال الشك.

وقلنا ان العام له حالتان: حالة احداهما يكون الشك ملحوظا فيه مثل الاستصحاب، فصار اصلا عمليا. وحالة اخرى ان لا يكون الشك ملحوظا فيه بل مجرد عام له حكم كما في " اوفوا بالعقود ".

وقلنا ان هذا الوجه في رفع الاجمال من العام على القول بالمجاز غير سليم، نعم قد يستلزم منه قاعدة، لكن العام ليس مأخوذا على نحو ضرب القاعدة، بل هو موضوع له حكم يخرج بعض الافراد لوجود ملاكات مزاحمة.

الوجه الرابع: ما ذكره الشيخ الاعظم في رفع الاجمال:

وقد استدل ايضا لعدم اجمال العام على القول بالمجاز بما ذكره الشيخ الانصاري (ره) وملخصه: ان شمول حكم العام لكل فرد من افراده غير مرتبط بالفرد الآخر، فسواء دخل الفرد الآخر أم خرج فلا علاقة لذلك بدخول الفرد تحت حكم العام. مثلا: أكرم العلماء " الذي ينحل إلى أكرم زيدا وأكرم عمروا، ووو فان وجوب اكرام زيد غير مرتبط بوجوب إكرام عمرو، اي سواء اخرج عمور من الحكم أم لا. وعليه يكون حكم العام شاملا لتمام الباقي، لان المقتضي موجود والمانع مفقود، المقتضي هو نفس كونه عاما وانطبق، والمانع هو ما يقتضي صرف اللفظ العام عن مدلوله وهو مشكوك، والمفروض انتفاؤه بالنسبة إلى تمام الباقي لاختصاص المخصص بغيره، فلو شك فالأصل عدمه. فإذا كان المقتضي موجودا والمانع مفقودا تم شمول العام لكل الافراد الباقية عدى ما تم استثناؤه.

وفيه: ما ذكره صاحب الكفاية (ره) بعد ذكره لهذا الوجه مباشرة وهو على حق حيث يقول ملخّصا: ان المقتضي اصلا غير موجود، لان المقتضي هو استعمال العام في تمام الافراد وخروج بعض الافراد لا علاقة له بالأفراد الاخرى، وبعد التخصيص من يقول ان العام مازال مستعملا في العموم؟! لا الوضع يقول ذلك ولا القرينة تقول ذلك، المقتضي إذن ليس موجودا.

 

كلام صاحب الكفاية (ره): " قلت لا يخفى ان دلالته على كل فرد انما كانت لأجل دلالته على العموم والشمول، فإذا لم يستعمل فيه واستعمل في الخصوص كما هو المفروض مجازا، وكان ارادة كل واحد من مراتب الخصوصيات مما جاز انتهاء التخصيص إليه ( أي تمام الباقي ونصفه وربعه، فكما ان استعماله بالربع يحتاج إلى مقتض وعدم مانع، ويحتاج إلى دليل كذلك استخدامه في تمام الباقي، صار تمام الباقي مثله مثل باقي المجازات يحتاج في تعيينه إلى قرينة، ولا دليل.)

واستعمل العام فيه مجازا ممكنا كان تعيّن بعضها (مراده هنا تمام الباقي) بلا معيّن ترجيحا بلا مرجح، ولا مقتضي لظهوره فيه ان الظهور إما بالوضع أو بالقرينة، والمفروض انه ليس بموضوع له (اي ليس موضوعا لتمام الباقي) ولم يكن هناك قرينة، وليس له موجب آخر( اي ان المقتضي مفقود ) ودلالته على العموم لا توجب ظهورا في تمام الباقي بعد عدم استعماله في العموم إذا لم تكن هناك قرينة على تعيينه، فالمانع عنه وان كان مدفوعا بالاصل (أي عدم المانع، اي عدم الاخراج ) إلا ان انه لا مقتضي له بعد رفع اليد عن الوضع، نعم انما يجدي إذا لم يكن مستعملا إلا في العموم كما فيما حققنا في الجواب. (أي في التفريق بين المراد للاستعمالي وهو العموم، والمراد الجدي وهو الخصوص).[1]

وجواب صاحب الكفاية متين ومؤيّد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo