< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

     تخيل التنافي في كلام صاحب الكفاية (ره): بين قوله في مقدمة بحث العام والخاص بعموم ما ينطبق عليه اللفظ، وقوله بعد ذلك بعموم المراد الجدي منه.

     دفع التخيّل.

     إطلاق المدخول لا يكون بعموم لفظ " كل " كما ذهب إليه السيد الخوئي (ره)، بل باطلاق المدخول.

     في قولنا: " أكرم كل عالم "، " كل " موضوعه لعموم مدخولها، و" عالم " مطلقة ببركة مقدمات الحكمة.

لخصنا ما ذكره الشيخ الآخوند (ره) صاحب الكفاية في نقاط:

الاولى: إن النكرة في سياق النفي واشباهه، ولفظ " كل " وما شابههما تدلان على عموم المدخول.

الثانية: ان المدخول هو المراد الجدي للفظ لا ما ينطبق عليه اللفظ، أي ليس المراد الاستعمالي.

في النقطة الثانية قد يتخيل تنافي ان يكون المراد شمول المراد الجدي من المدخول لا ما ينطبق عليه المدخول مثلا: "أكرم كل عالم " ما المقصود من " عالم "؟ المراد الجدي من العالم أو ما ينطبق عليه لفظ العالم.

ذكر صاحب الكفاية ان شمول المدخول هو عموم المراد الجدي، لا المراد الاستعمالي، فليس مجرد الانطباق كاف. لكن صاحب الكفاية (ره) ذكر قبله في اول البحث كلاما يتخيل منه ان المدخول هو شمول ما ينطبق عليه اللفظ، وليس المراد من اللفظ، قال: العموم في الجميع - أي الاستغراقي والبدلي والمجموعي – بمعنى واحد وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح ان ينطبق عليه. [1]

ظاهر كلامه (ره) انطباق المفهوم أي المراد الاستعمالي.

ويقول بعد ذلك: وقد انقدح ان مثل شمول عشرة وغيرها لآحادها المندرجة تحتها ليس من العموم لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق على كل واحد فافهم. انتهى كلامه رفع مقامه.

" أكرم كل عالم " عالم مدخول كل ينطبق على زيد وبكر وعمرو وخالد، لكن عشرة لا تنطبق عليهم، لذلك قالوا ان عشرة ليست من الفاظ العموم فلا يلحقها مسائل العموم التي ستأتي. إذن هو يركز على انطباق مفهوم المدخول على الفرد وليس على المراد الجدي من المدخول.

ولذلك اشكل بعضهم على شمول التعريف لمثل: " أكرم عشرة من العلماء " الشامل لكل عالم عالم، حيث إن كلمة " علماء " لا تنطبق على كل فرد. " أكرم عشرة علماء إلا زيدا " خارجة عن مباحث العموم.

وفي مقام دفع تخيل التنافي فان الظاهر ان مراد الاخوند من الانطباق هو انطباق مجموع القيد والمقيّد، أي عموم القيد والمقيّد، وبالتالي عموم المراد الجدي المدخول، كما هو به بنفسه (ره) بعد ذلك.

بين السيد الخوئي (ره) وصاحب الكفاية (ره).

يقول صاحب الكفاية (ره) : " كما لا ينافي دلالة مثل لفظ " كل " على العموم وضعا كون المفهوم بحسب ما يراد من مدخوله، ولذا لا ينافيه تقييد المدخول بقيود كثيرة، نعم لا يبعد ان يكون ظاهرا عند اطلاقها في استيعاب جميع افرادها ". [2] انهى كلامه رفع مقامه.

وهو كلام في غاية الصحة والمتانة. لان لفظ " كل عالم " فيه امران: هناك دلالة على العموم بلفظة كل، وهناك المدخول الذي هو لفظة عالم. " كل " دلالتها على العموم بالوضع، المدخول دلالته على الاطلاق بمقدمات الحكمة، ونحن نحتاج إلى اطلاق الامرين للدلالة على شمول الافراد. إلى دلالة لفظ " كل " وإلى إطلاق المدخول.

لكن السيد الخوئي (ره) اشكل على صاحب الكفاية بقوله: وأما النقطة الثانية: فهي خاطئة جدا، والسبب فيه ان دلالة لفظة كل أو ما شاكلها من أداة العموم على إرادة عموم ما يمكن أن ينطبق عليه مدخولها لا تتوقف على اجراء مقدمات الحكمة فيه لا ثبات اطلاقه أولا، وإنما هي تكون مستندة إلى الوضع.

بيان ذلك: ان لفظة ( كل ) أو ما شاكلها التي هي موضوعة لإفادة العموم تدل بنفسها على اطلاق مدخولها

الصحيح ان " كل " تدل على الشمول بالوضع واطلاق المدخول بمقدمات الحكمة لا بلفظ " كل " ، أي ان " عالم " غير مقيدة بشيء مطلقة واطلاقها يكون بمقدمات الحكمة. ولذلك ركزنا على الاصطلاح الذي اخترناه في التفريق بن العام والمطلق: " العام بحسب الافراد، والمطلق بحسب الاحوال والازمان، والتخصيص بحسب الافراد والمطلق بحسب الاحوال والازمان.

وعدم أخذ بخصوصية فيه ولا يتوقف ذلك على اجراء المقدمات ففي مثل قولنا ( أكرم كل رجل ) تدل لفظة ( كل ) على سراية الحكم إلى جميع من ينطبق عليه الرجل من دون فرق بين الغني والفقير، والعالم والجاهل، والأبيض والأسود، وما شاكل ذلك فتكون هذه اللفظة بيان على عدم اخذ خصوصية وقيد في مدخولها. [3]

ففي المثال كلمة " رجل غير مقيّدة وعرفنا ذلك من عموم " كل "، صار عموم كل يدل على اطلاق " الرجل ". نقول: والصحيح هو التالي: ان " كل " موضوعة للعموم كعموم، والمدخول يحتاج إلى إطلاق، هذا الاطلاق بمقدمات الحكمة، " أكرم كل رجل " أي رجل؟ اشك انه الرجل الابيض أو الاسود فاحتاج إلى مقدمات الحكمة لاثبات إطلاقه، وهكذا يشمل جميع الرجال بامرين: بوضع كل للعموم، واطلاق المدخول بمقدمات الحكمة.

فإذن اطلاق كلمة " رجل " ليس ببركة " كل " بل بمقدمات الحكمة. " كل " لا تدل على اطلاق مدخولها، بل تدل على شمول مدخولها، والمدخول في اطلاقه يحتاج إلى مقدمات الحكمة.

ملخص ما نراه: ان " كل " تدل بالوضع على عموم مدخولها، والمدخول باطلاقه بمقدمات الحكمة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo