< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/06/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص. ادوات العموم.

     دلالة النكرة في سياق النفي والنهي والاستفهام على العموم عقلية، لا بالوضع ولا بمقدمات الحكمة.

     ادوات العموم تدل على عموم مدخولها المراد بالمراد الاستعمالي لا بالمراد الجدي. أي عموم المراد من الطبيعة لا عموم ما ينطبق عليه الطبيعة.

النكرة في سياق الاستفهام:

كما في قولك: " هل من رجل في الدار " وقوله تعالى: ﴿هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [1] و " من " هنا زائدة، وتدل على عموم المزيد وفي العبارة الاولى على عموم الرجل، طبيعة الرجل التي يمكن ان تتحقق بالفرد، والدلالة عقلية.

النكرة في سياق النهي:

كما قولك: " لا تكرم فاسقا " الذي يدل على عموم الفاسق، والدلالة هنا على العموم الاستغراقي لا البدلي، أي لا تكرم كل فاسق، فلو تجنب إكرام فاسق واحد فقط وأكرم آخرين لم يكن ممتثلا.

ملخص الادوات هو التالي: الدلالة على العموم: " كل " وأضرابها بالوضع. الجمع المحلّى باللام والمفرد المحلّى باللام على ما ذهبنا اليه تدل على العموم الاستغراقي ايضا ولكن بمقدمات الحكمة. الجمع المجرد عن اللام جمعا كان أم فردا " أكرم علماء " أو " أكرم عالما " تدل على العموم البدلي ايضا بمقدمات الحكمة والفرق هو في لحاظ اللام. [2] واللام في سياق النفي ذهبنا إلى انها تدل عقلا على العموم.

ادوات العموم هل تدلّ على عموم مدخولها المراد بالمراد الجدّي أو بالمراد الاستعمالي.

عندما اقول: " أكرم كل عالم " العام ما هو، " كل " تدل على عموم مدخولها. اذا كان " كل عالم " هل استطيع ان اقول كل عالم عادل فاقيّد العالم. تقييد " العالم " حينئذ يتناقض مع العموم. هنا نطرح مسألة: لما كانت كل تدل على عموم مدخولها، فأي مدخول؟ المراد الجدي من العالم أو المراد الاستعمالي للعالم؟ المراد الجدي من المدخول أو ما ينطبق عليه اللفظ؟

عندما اقول: " اكرم العالم " المراد عموم ما ينطبق عليه عنوان " العالم " أو عموم المراد من العالم؟ والمراد منه خصوص العالم العادل. اما إذا لاحظنا نفس اللفظة كل ما نطبق عليه عالم صار استعمالا آخر. وعبر صاحب الكفاية بالشكل التالي: " هل يراد عموم مدخول كل المراد من مدخول كل أو ما ينطبق عليه مدخول كل. وانا عبرت بشكل آخر: هل مدخول كل هو المراد الجدي أو المراد الاستعمالي؟

لدينا هذه المسألة: ادوات العموم هل تدل على عموم مدخولها بالمراد الجدي أو بالمراد الاستعمالي؟ يعني مجرد انطباق كلمة عالم على شخص دخل في العموم أو لا بد من انطباق المراد من العالم، الذي هو العالم العادل؟

لا يخلو الامر من ثلاث حالات: إما ان يقيّد المدخول، أو أن يطلق، أو ان يبهم.

الحالة الاولى: إذا كان مطلقا فلا خلاف كل ما في الامر يوجد خلاف في متعلّق العموم هل هو في المراد الجدي أو المراد الاستعمالي؟ لكن بلا شك إذا قلنا: " أكرم كل عالم " يعني كل من اريد منه العالم، هنا ينطبق المراد الجدي مع المراد الاستعمالي ولو باصالة التطابق.

الحالة الثانية: ان يكون مقيّدا " أكرم كل عالم عادل " متعلّق العموم مقيّد يؤدي إلى تخصيص. هو مباشرة ليس خاصا، لكنه تخصص بالتقييد الذي فهمناه من عالم.

الحالة الثالثة: إذا كان مبهما " أكرم كل عالم " أو مجملا وليس له إطلاق. إذا كان مجملا صار الكلام بمدخول " كل " على أي شيء يحمل؟ هل نحمله على كل ما ينطبق عليه عالم؟ أو ما يراد من لفظ العالم؟ لاستكشاف المراد نأخذ بالقدر المتيقن، ولذلك صار من قبيل الدليل اللبي الذي ليس له اطلاق نقتصر على القدر المتيقن بينما اللفظي له اطلاق بشرط جريان مقدمات الحكمة. وهو هنا ليس في مقام بيان، بل هو في مقام الاجمال أو الابهام فنأخذ بالقدر المتيقن. وذهب بعضهم إلى انه نأخذ بالقدر المتيقن لمقدمات الحكمة، نقول اصلا ان مقدمات الحكمة لا تجري، لانه ليس في مقام بيان، بل في مقام ابهام.

يقول صاحب الكفاية (ره): لكن لا يخفى انها تفيده (العموم) إذا اخذت مرسلة لا مبهمة قابلة للتقييد،

أي قصد الاطلاق فلا مجال للتقييد ولا تفيد عموم مدخولها.

وإلا فسلبها لا يقتضي إلا استيعاب السلب لما اريد منها يقينا،

السلب " لا رجل " شككت ان المقصود خصوص رجل عادل أو مطلقا، ليس هناك اطلاق لان الطبيعة مبهمة، وليس هناك تقييد، نعم توجد قابلية التقييد وهي تدل على عموم مدخولها، فتدل حينئذ على عموم المدخول المراد بالارادة الجدية، لذلك عبّر " يقينا " والمدخول هو خصوص القدر المتيقن دون غيره.[3]

لا استيعاب ما يصلح انطباقها عليه من افرادها.

سنبيّن ذلك في مسألة المطلق والمقيّد.

وهذا لا ينافي كون دلالتها عليه عقلية فانها بالاضافة إلى افراد ما يراد منها لا الافراد التي تصلح للانطباق عليها،[4]

تبقى الدلالة على العموم عقلية وليست من مقدمات الحكمة. مجرد الحاجة إلى مقدمات الحكمة لا تعني ان الدلالة على العموم صارت بمقدمات الحكمة، العموم هو عموم المدخول، وتعيين المدخول هو بمقدمات الحكمة. هذا المدخول يحتاج إلى اطلاق، هذا الاطلاق يكون بمقدمات الحكمة. لكن هذا لا يعني أن الدلالة على العموم صارت بمقدمات الحكمة، بل هي لا تزال بالدلالة العقلية. كلامه (ره) متين وان عارضه بعض كبار المحققين.

ملخص كلامه: ان الدلالة على العموم هي عموم مدخول الاداة الذي يحتاج إلى مقدمات الحكمة لبيان اطلاقه، وحينئذ عموم ما يراد من المدخول لا ما استعمل فيه المدخول، بالتالي ان المراد هو المراد الجدي للمدخول وليس المراد الاستعمالي.

 


[2] لاحظة ان بعضهم يقول ان اللام موضوعة للتزيين. نقول ان اللام موضوعة للعهد، كل ما في الامر اي نوع من العهد يحتاج إلى قرينة كالعهد الجنسي والعهد الشخصي والعهد الذكري. عند عدم القرينة تحمل اللام على اللام الجنسية.
[3] ويأتي كلام آخر: لو لم يكن هناك قرائن على الابهام أو على الاطلاق، لا يوجد ان الاصل أن يكون التكلم في مقام بيان، إلا للمعصوم، الشارع، لان وظيفته بيان الاحكام فالأصل ان يكون في مقام البيان لا في مقام الابهام. فإذا كان الاصل ان بكون في مقام البيان نجري مقدمات الحكمة ويكون هناك اصالة اطلاق وحينئذ نحتاج إلى اصالة اخرى وهو اصالة التطابق. وقلنا مرارا ان الخبر يجوز العمل به بإجراء اربع أصالات: اصالة السند، اصالة الظهور، اصالة الجهة، اصالة التطابق. والتطابق يعني تطابق المراد الاستعمالي مع المراد الجدي. بلا شك ان " أكرم كل عالم " المراد الاستعمالي هو ماهية الرجل، يستعمل في ما ينطبق عليه، لكن هل هو المراد أو المراد بعض الرجال؟ هذه تحتاج إلى قرائن. ولذلك قلنا: الأصالات اللفظية تأتي عند الشك في المراد لا عند الشك في الاستعمال، تأتي اصالة الحقيقة، واصالة الاطلاق، واصالة العموم، حتى اصالة عدم التخصيص وغيرها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo