< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص. ادوات العموم.

     عرض آراء كل من الشهيد الصدر والامام الخميني والمحقق الخراساني (رهم) والتعليق عليها وبناء المآخذ منها.

     النتيجة: دلالة الجمع المحلّى باللام والمفرد المحلّى باللام على العموم الاستغراقي وباطلاق مقدمات الحكمة.

نحن وصلنا إلى نتيجة: إلى أن " كل " موضوعة للعموم، أما الجمع المحلّى باللام، فقد ذهب بعضهم إلى انه موضوع للعموم الاستغراقي، لكن قلنا ان هذه الدلالة ليست بالوضع، بل بمقدمات الحكمة نظرا للام، ولو كان مجردا عن اللام مثل " أكرم علماء " و " أكرم عالما " يصبح عموما بدليا.

وقبل استعراض بقية أدوات العموم لا باس بعرض آراء كل من الآخوند الخرساني والسيد الخميني والشهيد الصدر كما ذكر في القواعد الاصولية الصادر عن مجمع فقه أهل البيت (ع).

ومنها الجمع المحلّى باللام.

وقد قيل في كيفية دلالته على العموم وجوه:

قلنا ان كيفية الدلالة ليس لها ثمرة كبيرة، ولكن نستفيد من باب توسيع الافق الذهني اولا، ومن الثمار وهي قليلة، انه بعد الذهاب إلى ان دلالة " كل " على العموم بالوضع، ودلالة الجمع المحلّى باللام باطلاق ومقدمات الحكمة، فلو تعارض الدليلان وكان موضوعهما مشتركا وهو نفس العموم، قدّم ما كانت الدلالة عليه بالوضع على ما كانت الدلالة عليه بالاطلاق ومقدمات الحكمة لكونه أظهر، مثلا لو قلت: " أكرم عالم " و " لا تكرم العلماء ". نعم ذهب بعضهم إلى أن " اكرم العالم " لا تدل على العموم اصلا. وبعضهم ذهب إلى أن " اكرم العلماء " لا تدل على العموم ايضا، بل أكثر من هذا " أكرم كل عالم " بعضهم ذهب إلى عدم دلالتها على العموم. قلنا انها دالة على العموم وفرق شاسع بين المراد الجدي والمراد الاستعمالي. كثرة استعمالها في الخصوص لا تعني انها موضوعة للخصوص.

    1. قال المحقق الخرساني (ره) واما دلالة الجمع المعرّف باللام على العموم فلا بد ان تكون مستندة إلى وضعه لذلك.

وتعليقنا على المحقق الخراساني: إن مدخول اللام هو الجمع، يكون المعنى لو كان العموم بالوضع هو كل المجموعات، فلو أكرمت عالما منفردا لم أكون امتثلت شيئا، وهذا خلاف الاستغراق، ويجب إكرام المجموعات أي استغراق المجموعات لان مدخول اللام هو الجمع.

    2. قال الامام الخميني (ره): ولعلّ الاستغراق فيه يستفاد من تعريف الجمع لا من اللام ولا من نفس الجمع، ولهذا لا يستفاد من المفرد المحلّى ولا من الجمع الغير المحلّى.

وتعليقنا على كلام السيد الخميني (ره): الذي نفهمه من كلامه (ره) ان الجمع المعرف هو الذي دلّ على العموم لا من اللام ولا من نفس الجمع. وايضا لا يستفاد من المفرد المحلّى باللام يعني أن " اكرم العالم " لا تدل على العموم. ونحن قلنا انها تدل على العموم بمقدمات الحكمة.

تعليقنا: ولو كان كذلك لدّل قولنا: " هؤلاء الرجال " على عموم الرجال، نعم الجمع المضاف يفيد العموم، ولعلّ هذا هو مقصود السيد (ره)، " اتني بكتبك " يعني جميع كتبك. فإفادة العموم ليست من الجمع أو تعريف الجمع، بل من الاضافة.

النكرة إذا اضيفت إلى معرفة اصبحت معرفة " كتاب زيد " صار الكتاب معرفة، " كتاب رجل " إذا اضيفت إلى نكرة تبقى نكرة " كتاب رجل " ويؤدي إلى التخصيص. النكرة إذا اضيفت إلى معرفة صارت معرفة، وإذا اضيفت إلى نكرة تبقى نكرة لكنها خصصت. وقلنا ان اضافت الجمع تفيد العموم، إذا قلت لك " اتني بكتب رجل " يعني كل كتبه.

فإذن الجمع المضاف يفيد العموم لعله هنا سبب الاشتباه، السيد (ره) قال: " ان الاستغراق فيه يستفاد من تعريف الجمع " الصحيح ان يقال انه من اضافة الجمع. هناك فرق بين الاثنين. " اكرم العلماء " تعريف الجمع لماذا يفيد العموم؟ كالمفرد إذا عرّف لماذا يفيد العموم؟ ما الدليل على اخذ الجمع إلى اقصى مداه؟ أو على ارادة الفرد الاكمل الذي هو الاقصى. الجمع ايضا لا يفيد العموم، اولا: لماذا اريد ان اخذ الجمع إلى اقصى مداه؟ ثانيا: لماذا يكون استغراقيا وليس مجموعيا؟

تساءلنا هنا: الجمع المضاف إلى المعرفة يفيد العموم " اتني بكتبك " كتب جمع مضاف إلى كتاب، و " ابناءنا وابناءكم " ابناءنا جمع مضاف يعني كل ابنائنا، " نساءنا " كل نسائنا لذلك تفيد عموم النساء، لم يأت (ص) الا بالزهراء (ع). ولهذا الآية القرآنية تدل بظهورها على أن الزهراء افضل نساء المسلمين.

فإن نقول ان الجمع المضاف إلى المعرفة يفيد العموم، لكن الافادة لا لتعريف الجمع، بل لاضافة الجمع، لذلك قلنا ان الجمع المضاف سواء اضيف إلى معرفة فيصبح معرفة، أو إلى نكرة فيبقى نكرة، ولكنه يفيد العموم ايضا.

    3. قال الشهيد الصدر (ره) قد عدّ الجمع المعرّف بالام من ادوات العموم، ولا بدّ من تحقيق كيفية دلالة ذلك على العموم ثبوتا واثباتا.

اما الامر الاول فقد يقال: إن الجمع المعرف باللام يشتمل على ثلاث [1] دوالّ:

احدها: مادة الجمع التي تدلّ في كلمة " العلماء " على طبيعي العالم. والثاني: هيئة الجمع التي تدلّ على مرتبة من العدد لا تقلّ عن ثلاثة من افراد تلك المادة. والثالث: اللام، وتفترض دلالتها على استيعاب هذه المرتبة لتمام افراد المادة، ويكون الاستيعاب مدلولا للام.

فتعليقنا: قوله " على استيعاب هذه المرتبة " هل يعني انها موضوعة للعموم؟. وقوله: " تمام افراد المادة " من اين اتت هذه الدلالة، أي على تمام الافراد، وإذا كان المقصود تمام المدخول فمدخول اللام هو الجمع، فيكون قولنا " اكرم العلماء " اكرم مجموعة مجموعة. هذا من ناحية الثبوت.

واما الامر الثاني فاثبات اقتضاء اللام الداخلة على الجمع للعموم يتوقف على احدى دعويين: إما أن يدّعى وضعها للعموم ابتداء، وحيث إن اللام الداخلة على المفرد لا تدّل على العموم، فلا بدّ أن يكون المدعى وضع اللام الداخلة على الجمع بالخصوص لذلك.

كلامه أي ان اللام موضوعة وضعا للعموم إذا دخلت على الجمع دون المفرد، فهكذا يلزمه الاشتراك اللفظي لعدة معان وهو مستبعد.

وإما أن يدّعى أنها على معنى واحد في موارد دخولها على المفرد وعلى الجمع وهو المتعيّن في المدخول، فإذا كان مدخولها الجمع قلا بدّ من فرض التعيّن في الجمع، وتعيّن الجمع بما هو جمع إنما يكون بتحدّد الافراد الداخلة فيه، وهذا التحدّد لا يحصل إلا مع إرادة المرتبة الاخيرة من الجمع المساوقة للعموم، لان أي مرتبة اخرى لا يتميّز فيها من ناحية اللفظ الفرد الداخل من الخارج. [2]

وتعليقنا على كلام الشهيد الصدر (ره): أي مراتب الجمع. انه يقتضي عموم مجموعات أي مراتب الجمع وليس الافراد، لان مدخول اللام هو الجمع واقل مرتبة في الجمع هو الثلاثة. فينبغي ان اكرم ثلاثة ثلاثة، فلو اكرمت شخصا واحدا لا يعد امتثالا لشيء.

والاشكال على الجميع، لو قلنا: " أكرم العلماء " إذا كانت اللام موضوعة لعموم مدخولها أو تدل على عموم مدخوله، المدخول هنا " علماء " وليس " عالم " يصبح المعنى أكرم مجموعة مجموعة.

ونقول والذي اراه " أكرم العالم " و " أكرم العلماء " اللام موضوعة للعهد فقط، لكن العهد تارة يكون عهدا جنسيا وتارة يكون ذكريا شخصيا. والعهد الجنسي يدل على جنس المدخول ولا فرق بين " العالم " و " العلماء " انها تدل بالاطلاق ومقدمات الحكمة على العموم، نعم الفرق بين " أكرم العالم " و " أكرم العلماء " مع اشتراكهما في الدلالة على العموم الاستغراقي لحاظ الكثرة في الجمع دون المفرد.

 


[1] الظاهر ثلاثة.
[2] قواعد اصول الفقه على مذهب الامامية، اعداد لجنة تاليف القواعد الفقهية والاصولية التابعة لمعجم فقه أهل البيت (ع)، ص175.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo