< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص. ادوات العموم.

     مثال آخر للتفريق بين المراد الجدي والاستعمالي: الاستفهام تارة يكون حقيقيا وتارة انكاريا، وتارة تقريريا.

     لو قلت: هل أتى زيد؟ في مقام التقرير: يكون الموضوع له "هل " هو النسبة الاستفهامية، والمستعمل فيه ايضا كذلك، والمراد الجدي هو الاستفهام التقريري.

     المراد الجدي لا يكون إلا بعد تمام الكلام.

     من ادوات العموم: الجمع المضاف، وتطبيقه على آية المباهلة، وبيان ظهور الآية في أفضلية علي وفاطمة والحسن والحسين على كل المسلمين.

     الجمع المحلّى باللام: مثل: " أوفوا بالعقود ".

     المفرد المحلّى باللام: مثل: " احلّ الله البيع ".

     اللام موضوعة للعهد وهو على قسمين: ذكري شخصي، وذهني للجنس.

     دلالة عموم لام الجنس بمقدمات الحكمة، إذ تطبيق العام على بعض افراده ترجيح بلا مرجح.

قلنا ان الدلالات الثلاث: الدلالة التصورية، والتصديقية الاولى، والتصديقية الثانية. قلنا ان هناك دلالة واحدة وهو التصورية، اما الصديقية الاولى والتصديقية الثاني فهي حالات ليست من دلالات اللفظ على خلاف ما ذكروه. الدلالة التصديقية الاولى يعني ان اللافظ في مقام التفهيم، والدلالة التصديقية الثانية كونه في مقام الارادة الجدية. وكمثال آخر غير ما اعطيناه في الفرق بين المراد الاستعمالي والمراد الجدي: " الاستفهام أقسام: استفهام حقيقي، واستفهام تقريري واستفهام انكاري، واستفهام توبيخي، مثل: " هل أتى زيد " تارة أريد منه طلب الحقيقة فهذا استفهام حقيقي، وتارة انا لا اريد ان يأتي زيد ونبهت ان لا يأتي زيد واقول " هل أتي زيد " اريد ان اوبخه واستنكر عليه وانا عالم انه لم يأت زيد، وتارة تأتي للتقرير، المحقق يعلم ان زيد لم يأت ويسأل: " هل أتى زيد ". " هل " موضوعة للنسبة الاستفهامية، هنا لا يوجد عندي استفهام حقيقي، والاستفهام والتقرير والتوبيخ اتى من قرائن. إذن المراد الجدي هو الاستفهام التقريري و " هل " موضوعة للاستفهام وهي استعملت ايضا في النسبة الاستفهامية. عندما اقول: " هل اتى زيد " واريد التقرير، أي التحقيق معك، فهنا ثلاثة اشياء: الوضع والاستعمال والارادة الجدية. فـ " هل " موضوعة للاستفهام ومستعملة في الاستفهام أيضا إذ لا توجد علاقة مجازية، المراد الجدي هو التقرير والتقرير مفهوم من قرائن أخرى. فلذلك قالوا ان الظهور لا يتم إلا بعد تمامية الكلام، ولذلك قلنا ان الأصالات: اصالة الحقيقة، اصالة الاطلاق، اصالة العموم، تأتي عند الشك في المراد لا عند الشك في الاستعمال. وقلنا ايضا ان الظهور مسألة عقلائية، ولذلك لا نفهم المراد إلا بعد تماميّة الكلام، لان العقلاء لا يتم عندهم فهم المراد إلا بعد تمامية الكلام.

ونعود لأدوات العموم:

الجمع المضاف، والجمع المحلى باللام كـ " اكرم العلماء "و " اوفوا بالعقود "، والفرد المحلى باللام، النكرة في سياق النفي أو النهي.

المفرد المحلى باللام، " احل الله البيع " . النكرة في سياق النفي، " لا رجل في الدار ".

الجمع المضاف كقولك: " ائتني بكتبك، فـ " كتب " جمع مضاف إلى الضمير، وظاهره الاتيان بجميع الكتب لا بعضها. تطبيق:

الجمع المضاف على مسألة عقائدية: كما في قوله تعالى: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ [1] فان ابنائنا جمع مضاف، وظاهره يفيد العموم. وهكذا انفسنا ونساءنا ومع ذلك فقد أتي النبي (ص) بخصوص الزهراء فاطمة (ع) وعلي (ع) فقط، والحسن والحسين (ع).

والجواب: إنه لم يأت إلا بهؤلاء ليقول للناس: اني أمرت أن آتي بكل من اعتبره نفسي ولم أجد سوى علي بن ابي طالب، وامرت بان آتي بكل ابنائي فلم اجد من يستحق هذا الانتساب إلا الحسن والحسين، ولم يكن الحسن (ع) وحده بل له عدل وهو الحسين (ع)، وهكذا الزهراء فاطمة (ع). وبقرينة ان المقام كان مقام المباهلة، وهو مقام مهول مذهل فان الكاذب سيحل به البلاء وبدياره، فيعود اليها ليجدها قاعا بلقعا. ونعم ما قاله الطنطاوي في تفسيره عندما قال: " إن الآية دليل على افضلية فاطمة على كل نساء المسلمين وليست فضيلة لها فقط.

الجمع المحلى باللام: كقوله تعالى: ﴿ اوفوا بالعقود ﴾ [2] ولا شك في انسباق العموم عند الاطلاق، ولكن هل هو بالتبادر فتكون الهيأة موضوعة للعموم أو للاطلاق ومقدمات الحكمة ولا تكون الصيغة موضوعة للعموم ولكن بقرينة مقدمات الحكمة وهو انه في مقام البيان وامكن ان يبين ولم يبيّن فدل على العموم عندما لم يخصص؟ ذهب صاحب الكفاية إلى كون هيأة الجمع المحلى باللام موضوعه للدلالة على عموم مادة الجمع.

وايضا اختلف في المفرد المحلى باللام هل هو بالوضع أو بمقدمات الحكمة؟

والذي اراه: ان لام التعريف موضوعة للعهد، والعهد تارة شخصي ذكري مثلا: " رأيت رجلا فأكرمت الرجل " وتارة جنسي مثل: " اكرم العالم " .

اما العهد الذكري فكقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ﴾ [3] .

واما العهد الجنسي فكقولهم: " أهلك الناس الدينارُ والدرهمُ "، أي جنس الدينار وجنس الدرهم.

وإذا كان الملاحظ هو الجنس، فحينئذ كلما وجد الجنس وجد الحكم.

وفي قولنا: " أكرم العلماء " تارة المراد علماء معهودين عهد خاص.[4]

وتارة لا يكونون كذلك بل المراد جنس العالم، أي جنس وماهية وحقيقة العالم المعهودة في الذهن، وحينئذ كلما انطبق الجنس انطبق الحكم، وذلك لاننا إذا طبقناه على بعض الافراد دون الاخرى – بالدقة يلزم ان اقول:" لماذا خرج بعض الافراد عن الامتثال به لا عن الحكم " (الحكم لا يتعلق بالافراد) - كان من الترجيح بلا مرجح، وحينئذ لا بد من مقدمات الحكمة للدلالة على العموم فلو كان يريد بعض الافراد دون الاخرى لبيّن، وهذا ما يسمونه بالعموم الاطلاقي، أو الاطلاق الشمولي. ولهذا السبب جعل بعضهم الفرق بين العموم والاطلاق هو ان دلالة الاول على الشمول بالوضع ودلالة الثاني بالاطلاق ومقدمات الحكمة. قلنا ان هذا الاصطلاح ورطنا في مشاكل فلنؤسس لاصطلاح آخر وهو: " العموم ما كان دالا على شمول الافراد جميعا، والاطلاق ما كان دالا على شمول الهيئات والازمنة والامكنة.

 


[1] سورة أل عمران، آية 61. الآية القرآنية وردت في مقام المباهلة، ويوم المباهلة يجب ان يكون يوم مهم جدا في تاريخ المسلمين، للاسف ان حكام المسلمين سلاطين الجور همشوا هذا اليوم وحيدوه واهمل ذكره لان ذكره يضرب سلطانهم مع انه يوم عظيم جدا من ايام الله عز وجل، الرابع والعشرين من ذي الحجة جاء نصارى نجران وقالوا يا محمد كيف تقول ان عيسى بلا اب، فنزل قوله تعالى: " مثل عيسى عند لله كمثل آدم خلقه من تراب " ثم دعوا للمباهلة أي اان ينزل الله لعنته على الكاذب من الطلافين أي ان الكاذب سيعود إلى دياره فيجدها قاعا بلقعا. وانا اتصور انه عندما جاء النصارى سبعون من كبار احبارهم وقادتهم ووجهائهم، اتصور في تلك الليلة لم ينم اهل المدينة المنورة، وصارت صبيحة ذلك اليوم واختار نصارى نجران ثلاثة، اما النبي محمد (ص) فجاء معه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. فقال العاقب رئيس النصارى: يا نصارى نجران لا تباهلوهم فولله اني أرى وجوها لو دعت الله تعالى ان يزيل الجبال لازالها. هذا النص من الطنطاوي المصري في تفسيره يقول: بعضهم يريد ان يجعلها فضيلة في الزهراء (ع) بل انها افضلية للزهراء على كل المسلمين بدليل العموم.
[4] قال يعضهم ان كل المعارف تعاريفها ترجع للعهد. العلم، واسم الموصول، والاشارة، يرجع للعهد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo