< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/05/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص. الدلالات الثلاثة.

     الدلالة هي التصورية فقط.

     الفرق بين المراد الاستعمالي والمراد الجدي.

     ادوات العموم الاخرى.

كنا في الدلالات الثلاث كما واشتهر من ان الدلالة تابعة للإرادة، قلنا أن الدلالة ليست تابعة للإرادة، بل الدلالة هي فقط الدلالة التصورية بخصوصها. من توهم انها تابعة للإرادة خاط بين الداعي وبين جزء المفهوم والتبعية. الداعي للوضع والاستعمال هو التفهيم لكن نفس الوضع؟ الالفاظ موضوعة لذات معانيها لا انها موضوعة للمعاني بما هي مرادة للافظها.

ولذلك عندما قالوا الدلالة التصورية والدلالة التصديقية الاولى والدلالة التصديقية الثانية، قلنا: الدلالة هي اللفظ على ذات المعنى، اما حال المتكلم، الدلالة التصديقية الاولى هي ان المتكلم يريد ان يفهمك. والدلالة التصديقية الثانية هي ان المتكلم يريد ان يفهمك انه جدي مريد ذلك. وقلنا: حتى نميّز الفكرة نطبقها على الفرق بين المزاح والكذب، كلاهما كذب، لكن الكذب فيه الدلالة التصورية والدلالة التصديقية الاولى والدلالة التصديقية الثانية انه يريدها جديا، والفرق بين الصدق والكذب هو المطابقة للواقع وعدم المطابقة للواقع، ويشترك الصدق والكذب في ثبوت الدلالات الثلث فيهما اما المزاح فيه الدلالة التصورية والتصديقية الاولى.

اما ما ذهبنا اليه في انها لا تسمى دلالة لان الدلالة للالفاظ وهذه احوال للافظ ويتلبس اللفظ بها بالواسطة، احيانا يكون الوصف لشيء ويلبس بشيء آخر بعلاقة كما في قوله تعالى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ [1] فان توصيف العيشة بالراضية من باب المجاز في الاسناد، لان الارادة التفهيمية هنا للافظ، فيصبح اللفظ متلبسا بالارادة التفهيمية بواسطة اللافظ، واللفظ يبقى لفظا، والدلالة دلالة على ذات المعنى، وإرادة التفهيم حال.

بالنتيجة: انا لا اسميها دلالة تصديقية اولى ودلالة تصديقية ثانية، هناك دلالة واحدة فقط، وهي الدلالة التصورية، وهذا يختلف عن المجاز. قد يقول شخص: " رأيت أسدا يرمي " حيث إن دلالة لفظ " أسد " على الرجل الشجاع هي لنفس لفظ أسد بقرينة " يرمي " الصارفة عن المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي، اما هنا عندما اقول دلالة تصورية فاللفظ دل على ذات المعنى، والذي دل على ان اللافظ يريد التفهيم هو الحال وليس نفس اللفظ، وهذا ما يجب الالتفات إليه من الاصوليين وادى إلى مشكلة.

 

ملخص الكلام: ان الدلالة واحدة وهي الدلالة التصورية وهناك ثلاثة احوال: حال لا يريد اللافظ التفهيم كالنائم والدلالة حينئذ تصورية فقط. والحالة التصديقية الاولى هي حال من يريد التفهيم من دون جديّة، كالمزاح والنكت ومثل " اكرم العلماء إلا زيدا "، " كل " موضوعة للعموم والمراد منها الخصوص. والحالة الثالثة ان يخطر ببالك المعنى واريد ان افهمك وهذا مرادي واقعا وجديا، وهذا هو حال الصدق والكذب.

بالنتيجة إذا قلت: " اكرم كل عالم إلا الفاسق "، " كل " موضوعة للعموم لكن المراد منها خصوص العدول. هنا وقع الاشكال، فتوهم اكثر الاصوليين القدماء ان هذا نوع من المجاز لانه استعمال اللفظ في غير ما وضع له، فصار " كل " موضوعة للعموم ومستعملة في الخصوص، لكنهم خلطوا بين الاستعمال والارادة، وهناك فالرق شاسع بين الاستعمال والارادة. وكمثال يوضح الفكرة: " إذا قلت لك ارسم لي لوحة فيها قرية " ترسم الشجرة وترسم البيوت والطريق والمسجد. عندما ارسم الشجرة فالشجرة شجرة والبيت بيت والمسجد مسجد، لكن من الاول اريد ان تكون الشجرة جزءا من الرسم، وهذا لا يعني أن الشجرة اصبح لها معنى آخر، جمعها يفيد القرية. فصار الشجرة موضوعة ومستعملة في الشجرة واريد منها ان تكون جزء من القرية، وكونها جزء من القرية لا علاقة لها بالموضوع له – معنى الشحرة -. [2]

وملخص ما ذهبنا إليه:

     إن لفظ " كل " و " جميع " وامثالهما موضوعه للعموم، بقرينة التبادر وهو انسباق العموم من اللفظ بلا قرينة وبهذا يختلف عن الانصراف. [3]

     أن استعمال لفظ " كل " في العموم استعمال على نحو الحقيقة لا المجاز، سواء خصص بعد ذلك أم لا.

     في قولنا: " أكرم كل عالم إلا من كان فاسقا " استعمال " كل " هو في العموم، فالمراد الاستعمالي هو في العام، والمراد الجدي هو في الخصوص، أي في بعض العلماء.

     دلالة اللفظ على معناه هي في الدلالة التصورية فقط، اما الدلالتان الاخريان أي الدلالة التصديقية الاولى والدلالة التصديقية الثانية فهما من احوال اللافظ، لا من دلالة نفس اللفظ بقرينة حال إرادة التفهيم والارادة الجدية. نعم عند التلفظ افهم من القرينة الارادة الجدية، فرق شاسع بين حال المتكلم ودلالة اللفظ.

ونعود لأدوات العموم: الجمع المضاف،كما في قوله تعالى: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ [4] ندع انفسنا يعني كل انفسنا، وابناءنا كل ابنائنا، ولم يأت إلا بعلي بن ابي طالب (ع)، ونساءنا لم يأت إلا بالزهراء لو كان لها عدل لأتى به.

والجمع المحلى باللام كـ " اكرم العلماء "و " اوفوا بالعقود "

المفرد المحلى باللام، " احل الله البيع " . النكرة في سياق النفي، " لا رجل في الدار ".

 


[2] كمثال آخر الملح: كنا نقول: شيئان كل منهما خطر على حياة الانسان اجمعهما يصبح ضرورة لحياة الانسان، وهما الصوديوم والكلور. الكلور وحده غاز سام، والصوديوم وحده معدن حارق، امزجهما يصبح ملحا، والملح لا بد منه في حياة الانسان.
[3] الانسباق على اقسام: تارة من نفس اللفظ فهو التبادر إلى المفهوم، تارة من اللفظ إلى بعض افراده هذا من حاق اللفظ وهذا هو الانصراف، لان حاق يعني القريب المحيط به دائما من كثرة وجود أو كثرة استعمال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo