< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: العام والخاص.

التفريق بين العموم الاستغراقي والمجموعي والبدلي.

     التفريق بين مقام الاثبات ومقام الثبوت.

     الفرق بين العموم الاستغراقي والمجموعي والبدلي ليس أن الاستعراقي هو واحد في الاثبات ومتعدد بعدد الافراد في الثبوت، والمجموعي هو واحد في المقامين وكذا البدلي، لان مقام الاثبات مرآة لمقام الثبوت. فالموضوع واحد، والاقسام الثلاثة تختلف موضوعا كما سنبيّن.

     بيان كلام صاحب الكفاية والسيد الخوئي (ره) وظاهره تعلق الحكم بالافراد.

     الاشكال بان الاحكام تتعلق بالطبائع لا بالافراد.

     بيان معنى تعلق الاحكام بالطبائع.

نعود لكلام السيد الخوئي (ره) حيث قال: ان العموم ينقسم إلى استغراقي ومجموعي وبدلي، فالحكم في الأول وإن كان واحدا في مقام الانشاء والابراز الا انه في مقام الثبوت والواقع متعدد بعدد أفراد العام، ففي مثل قولنا ( أكرم كل عالم ) وإن كان الحكم في مقام الانشاء واحدا الا انه بحسب الواقع ينحل بانحلال أفراد موضوعه فيكون في قوة قولنا ( أكرم زيدا العالم ) و ( أكرم بكرا العالم ) وهكذا فيثبت لكل فرد حكم مستقل غير مربوط بالحكم الثابت لآخر. [1]

ونعلّق على كلام السيد الخوئي (ره) في نقطتين: الاولى: في التفصيل بين مقام الانشاء والابراز ومقام الثبوت. والثانية في تعلق الاحكام في مقام الثبوت بأفراد العام.

اما في النقطة الاولى: ان الاستغراقي في عالم الانشاء والابراز واحد " اكرم العلماء " اما في عالم الواقع: " اكرم ريدا وبكرا و ... "، اما المجموعي هو في عالم الاثبات والثبوت واحد ، كذلك البدلي.

اولا فلنستفهم ما معنى عالم الاثبات وعالم الثبوت. الذي افهمه بحسب نظري القاصر ان عالم الثبوت هو عالم الواقع، لكن كيف ادركه؟ ادركه بعالم الاثبات أي في البرهان والدليل والابراز. والاثبات هو إثبات ما كان في الثبوت، ولذلك قالوا ان عالم الاثبات مرآة لعالم الثبوت.

وذكرنا سابقا ان الاوامر هي إيجادية أو ابرازية؟ السيد الخوئي (ره) كان يذهب إلى أن الاوامر ابرازية " ان الكلام لفي الفؤاد وانما جعل اللسان على الفؤاد دليل ".

نحن ذهبنا إلى ان الانشاءات، كما هو الاكثر، ايجادية، أي قبل قولي " إذهب، إعمل " لا يوجد شيء، صحيح ان هناك مقدمات تصديقية في افق النفس أي اتصور المصلحة واتصور الملاك واصدق به وتتحرك الاعضاء، لكن قبل النطق لا يوجد أي انشاء. مثلا: انشاء عقد الزواج، تصوروا المصلحة وصدقوا بها وقرروا الزواج، لكن قبل النطق لا يوجد عقد ويستطيع كلا الطرفين ان يتراجع، وكذلك قبل ان يقول: " انت طالق " لا يوجد طلاق حتى لو كان معتقدا ومصدقا بالمصلحة. اللفظ في الانشاءات ينشئ ولا يبرز، نعم لا بد من مقدمات كحكيم حتى ينطق بعقد الزواج أو الطلاق.

هذا في بيان معنى مقام الاثبات ومقام الثبوت.

إذن مقام الثبوت -كما أعلمه من الاصطلاح - هو مقام الواقع، أما مقام الاثبات فهو مقام الابراز ومقام البرهان والدليلية. ولذا كان مقام الاثبات مرآة لمقام الثبوت، لانه بيان للواقع وإبراز له، ولذا لا فرق بينهما إلا من هذه الناحية، أما من ناحية تعلق الحكم وكيفيته فلا فرق بين المقامين.

اما في النقطة الثانية: فان السيد الخوئي (ره) قد عبّر ان الحكم المتعلّق بالعام في العموم الاستغراقي ينحل إلى عدد من الاحكام بعدد أفراد العام.

إلا اننا درسنا ان الاحكام تتعلق بالطبائع لا بالأفراد، فكيف يستقيم قوله (ره): " فيثبت لكل فرد حكم مستقل غير مربوط بالحكم الآخر ". هذا اشكال وفي حله ثمرات كبيرة وسترد في مباحث العام والخاص.

كذلك صاحب الكفاية (ره) حين يشرح معنى العموم الاستغراقي بقوله:" ان تعلق الحكم به – أي بالعام - تارة بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم ".

ولدفع الاشكال ولتصويب الكلام لا بد من بيان معنى ما ذكروه من أن الاحكام تتعلق بالطبائع لا بالأفراد.

فنقول: إن الشارع عندما يريد انشاء حكم ينظر إلى الآثار لان المصلحة والمفسدة والاهتمام هي في الآثار الخارجية، والاثار الخارجية هي من لوازم الافراد والفرد هو الطبيعة المتشخصة، فلا بد للشارع حينئذ من تصوّر الكلي الجامع بينها، وهي الطبيعة المشتركة، إذ لا يمكن غالبا تصور جميع الافراد الماضية والحالية والمستقبلية، فيتصور الجامع ويحكم على الجامع، ملاحظا الآثار الخارجية، لا الجامع بما هو، وإلا اصبح قضية ذهنية بدل أن يكون قضية حقيقية.

وبعبارة اخرى: الانشاء والحكم قد تعلّق بالطبيعة ملاحظا فيها عالم الامتثال، لان الخارج عالم الامتثال. وهذا لا يعني ابدا تعلّق الحكم بالفرد والخارج، إذ تعلّق الحكم بالخارج محال لان طلب الفرد الخارجي من باب طلب تحصيل الحاصل، لان تعلق الامر بالطبيعة هو طلب تحققها خارجا.

غدا ان شاء الله نكمل المطلب وله ثمرات.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo