< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

41/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاستثناء والحصر.

     بيان اشكال ابي حنيفة في دلالة " لا صلاة إلا بطهور " على الحصر، وهو إثبات المنفي ونفي المثبت ما بعد " إلا "؟

     جواب صاحب الكفاية.

     الاشكال في كلمة التوحيد الطيبة المباركة " لا إله إلا الله " وذلك بعدم دلالتها على التوحيد سواء كان خبر " لا " المقدّر ممكن أم موجود.

في حاشية المشكيني على الكفاية بيّن وجه اشكال ابي حنيفة بقوله: وجه الاستدلال ان الصلاة إما أسم للصحيح أو للاعم، وظاهر الكلام ان الخبر المقدّر من افعال العموم، وعلى الاول فلو دلّ الاستثناء على الاثبات لدلّ على وجود الصلاة عند وجدان الطهارة، وجدت سائر الشرائط والاجزاء أو لا، وعلى الثاني لا يمكن حفظ ظهور الكلام إذ ظاهره نفي وجود الصلاة عند فقدان الطهارة وهو معلوم العدم.

وقد اجاب صاحب الكفاية عنه:

بقوله: اولا: يكون المراد من مثله انه لا تكون الصلاة التي كانت واجدة لاجزائها وشرائطها المعتبر بها صلاة إلا إذا كانت واجدة للطهارة وبدونها لا تكون صلاة على وجه وصلاة تامة على وجه آخر. وبيانه: ان المراد من هذا التعبير أي " لا صلاة إلا بطهور " ان الصلاة الواجدة لجميع الافراد والشرائط من ركوع وسجود واستقبال وتكبير وغير ذلك لا تكون صلاة اصلا بناء على القول بوضع لفظ الصلاة للصحيح ولا تكون صلاة مأمورا بها على القول بالاعم.

أي: على القول بالصحيح هي ليست صلاة اصلا، أي لا ينطبق عليها لفظ صلاة. وعلى القول بالاعم هي ليست مأمورا بها وإن انطبق عليها لفظ الصلاة.

ما يريد ان يقوله صاحب الكفاية (ره) ان " إلا " تدل على الحصر والمراد منها يكون بالقرائن.

يكمل صاحب الكفاية (ره): وثانيا: ان الاستعمال مع القرينة كما في مثل التركيب مما علم فيه الحال لا دلالة له على مدّعاه اصلا. ادعى ابا حنيفة انه ليس هناك حصر، لكن هناك حصر كل ما في الامر المقدّر يحتاج إلى قرينة.

الكلام في دلالة كلمة التوحيد:

بعضهم قال ان كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " ليست كلمة للتوحيد، فكيف قبلها النبي (ص) من ابي سفيان وامثاله.

قال: " لا اله إلا الله " اعرابها: " لا " حرف، نافية للجنس، " اله " اسم مبني على الفتح في محل نصب اسم " لا"، اما خبر " لا " فمحذوف وتقديره إما موجود أو ممكن. فان كان تقديره الاول أي موجود او " كائن " أو غيرها من افعال العموم، فهذا يعني أنه يمكن ان يكون هناك اله غيره، ممكن الوجود كإمكان وليس موجودا واقعا، نفي الوجود لا يعني عدم امكان غيره، وهذا ليس توحيدا، التوحيد هو الايمان بوجود الله مع عدم امكان الغير. وان كان تقديره الثاني أي ممكن فهذا يعني أن الشهادة بوجوده تحتاج إلى كلمة أخرى، لأن الممكن يشمل الموجود والمعدوم.

يقول الآخوند في الكفاية: ومنه انقدح انه لا موقع للاستدلال على المدّعى بقبول قول رسول الله (ص) اسلام من قال كلمة التوحيد لامكان دعوى ان دلالتها على التوحيد كان بقرينة الحال أو المقال.

والاشكال في دلالتها عليه بان خبر لا إما يقدّر ممكن أو موجود. وعلى كل تقدير لا دلالة لها عليه.

اما على الاول (أي تقدير ممكن) فانه حينئذ لا دلالة لها إلا على اثبات امكان وجوده بتارك وتعالى لا وجوده.

واما على الثاني (اي تقدير موجود) فلانها وإن دلّت على وجوده تعالى إلا أنه لا دلالة لها على عدم امكان إله آخر.

( وكلا الاحتمالين لا يكون توحيدا لله، فكيف قبل رسول الله (ص) التوحيد ممن قال بهذه الكلمة الطيبة الطاهرة؟!

ثم يجيب صاحب الكفاية (ره)- بعد المقدمة التي ذكرها والحلّ الذي ذكره في " لا صلاة إلا بطهور " بان هذا الاستعمال لا مانع منه مع القرينة على المراد، وهنا هناك قرينة عقلية على التوحيد -، بقوله: مندفع بان المراد من الإله هو واجب الوجود ونفي ثبوته ووجوده في الخارج واثبات فرد منه وهو الله يدلّ بالملازمة البيّنة على امتناع تحققه في ضمن غيره تبارك وتعالى، ضرورة انه لو لم يكن ممتنعا لوجد لكونه من افراد الواجب. [1]

بيانه: إن المراد من المنفي في " لا إله " هو واجب الوجود، والمقدّر هو موجود أو كائن فلو كان غير الله متصفا بهذه الصفة وهي " واجب الوجود " وامكن ذلك لوجد، بعبارة اخرى: لو امكن لوجد، ولما لم يكن موجودا إذن هو غير ممكن، فيتحقق التوحيد، أي إن نفس تصور مفهوم واجب الوجود في واقعه الموضوعي يكفي للتصديق بوجوده في الخارج وإلا لم يمكن تصور واجب الوجود بل نحن نتصور شيئا آخر.

وهذا يشبه كلام الشيخ الرئيس ابو علي ابن سينا في إثبات وجود الباري، بان الله هو الوجود المطلق، فبمجرد تصوره وجد، لانه لا يمكن نفي الوجود عنه، فهو من باب نفي الذاتية من اجزاء أو صفات عن الذات.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo